الثورة التي صبرت وصمدت وقاومت ٧ سنوات لا تستسلم اليوم ولا تسلّم .
ادلب والغوطة من أهم أكبر الأراضي المحررة التي تحتضن الثورة والنازحين ، تحاصرها وتعسكر ليس بعيداً عنها جيوش الظلام ترتكب يومياً بحق أهل هاتين المدنيتين أبشع المجازر .
تشهد ادلب والغوطة حملة عسكرية عنيفة تشنها طائرات الجيش الروسي ونظام بشار الأسد .
تخلف هذه الغارات ضحايا وجرحى و مشردين كما تسبب دماراً وتترك أثرها واضحاً على وجوه المحاصرين في المدن البائسة .
قدمت ادلب وريفها للثورة كلّ ما تقدمه المدن المنتفضة فكانت ادلب مدينة الشمال قرص الشمس في سماء بلادنا .
استقر في ادلب عدد كبير من النازحين القادمين من حمص والغوطة وحلب والزبداني والهامة والمعضمية وغيرها من المدن التي إتبع معها الأسد وحلفائه سياسة التهجير .
كما تعد ادلب مركزاً لأهم فصائل الثورة العسكرية و أكبرها ، كل ذلك إضافة إلى موقعها وقربها من تركيا أكسبها أهمية وسلّط الضوء عليها في الاجتماعات والمحافل الدولية .
في ٢٥ كانون الأول 2017 جددت روسيا حملتها العسكرية وصبت جحيمها على الشعب السوري من جديد في مشهد مأساوي لا يمكن وصفه فالسماء تكاد لا تخلو من الطائرات الحربية والأرض جحيم يحترق فيه السوريين كلّ يوم .
هناك عدة احتمالات لهذا التصعيد الروسي إمّا لتطبيق تفاهمات الأستانة ( الغير معلنة ) وذلك بتسلم مناطق شرق سكة الحجاز للنظام وحلفائة
أو تمهيداً لسوتشي فتذهب الفصائل رغم أنفها إليه راضيةً بالأسد !!! ورغم كثرة الأقاويل و الإتهامات وغياب واضح للمقاومة في ادلب فإن ما يحصل هو عملية استسلام تورط بها القادة دون أن يدلي أحدهم بتصريح واحد للمدنيين العالقين في عالم لا يعرف سوى الموت والفقدان .
لا تتوقف ادلب عن استقبال النازحين من المناطق الأخرى فبعد سقوط مناطق – خلال الحملة الأخيرة – في ريفها و ريف حماه بلغ عدد المهجرين ٢٠٠ ألف مهجر كانت ادلب ملاذهم الأخير .اليوم وبعد التصريح بأنه لا يوجد نية لروسيا لوقف القصف على ادلب ينتفض الثوار بمعركة رد الطغيان محققين عدة انتصارات على الأرض وذلك باستعادة ١٢ قرية وبلدة وعدة نقاط جنوب شرق ادلب مما تم الانسحاب منه . كما قاموا بأسر مجموعة كاملة من عصابات الاسد والمعارك مستمرة .
ادلب على الأرض هي دعوات الأمهات والزوجات وألم الخسارة وقهر الرجال ، وبالرغم من المجهول الذي نمضي إليه تناضل ادلب من أجل البقاء من أجل بقائنا نحن من اخترنا الثورة ، تقف شامخةً كل ليلة في وجه المأساة الشنيعة وتستعدّ لجولة موت جديدة .
على الأرض لم تعترف الثورة ابداً بجنيف والأستانة وسوتشي ولن تفعل ذلك ، فهذا العالم الذي أبقى الأسد رئيساً كل تلك الفترة لا يعوّل عليه . فالخذلان خيانة وكل دول العالم بما فيهم الدول الصديقة للثورة خذلتها و اكتفت بالتنديد .
وها هم أبناء الأرض اليوم يثبتون بأنهم نبع لا يجفّ كلما شعروا بأن لا حول لهم ، كلما اشتد القتل وتمزقت مدنهم من الدمار مازالوا يجرؤون على الحلم ويحررون البلاد .