تخطى إلى المحتوى

في دمشق مطعم يقدم وجباته باسم كافة أنواع الأسلحة!

في مطعم فخم وسط العاصمة السورية دمشق، تمتلئ الطاولات على مدار الساعة وخاصة في فترة المساء بالزبائن القادمين لتناول مختلف أنواع الأطعمة والمشروبات، وتدخين النارجيلة وربما مشاهدة إحدى مباريات كرة القدم.

للوهلة الأولى، لا يبدو مطعم “تشابلن” مختلفاً عن غيره من المطاعم التي باتت تملأ شوارع المدينة.

نظرة سريعة لقائمة الأطعمة، ولا بد أن ترتسم الابتسامة، ربما مصحوبة ببعض الذعر على وجوه الزبائن، ففي مقدمة القسم الخاص بوجبات الدجاج واللحوم، تتربع ست وجبات لها أسماء مطابقة لأسلحة باتت معروفة للسوريين بشكل خاص خلال السنوات الثمانية الأخيرة، إذ أنها أصبحت جزءاً لا يفارق يوميات حياتهم.

دوشكا ستيك Dushka Steak. تشكين تورتيلا بي كي سي Chicken Tortilla P.K.S. مكيسكان ميت بومبا Mexican Meat Bomba. هوت دوغ كلاشينكوف Hot Dog Kalashinkov. فيتوتشيني توماهوك Fettuccini Tomahawk. كريسبي آر بي جي Crispy R.B.J.

لا يمنع ذلك الكثير من الزبائن من تجربة هذه الوجبات والتلذذ بطعمها وأيضاً شكلها المتقن، فهي لم تصنع من الرصاص أو الحديد أو الصلب، وإنما من لحوم ودجاج وخضار وخبز إضافة لبعض المنكّهات الضرورية كالخردل والمايونيز والكتشب.

ثقافة السلاح
في حديثه، يقول وليد الخطيب وهو رئيس الطهاة في مطعم تشابلن، بأن فكرة إدراج تلك الأطباق الستة الجديدة إلى جانب الوجبات التقليدية ضمن قائمة الأطعمة راودت صاحب المطعم منذ حوالي ثمانية أشهر، وهو تاريخ يتزامن مع قرب انتهاء المعارك بشكل كلي في دمشق ومحيطها.

“لم أكن حينها أنا موجوداً هنا وإنما كنت أعمل في مطعم آخر. بادر الشيف السابق لابتكار وجبات جديدة لم تكن موجودة من قبل، وعلى الأغلب استوحى شكلها وطريقة تحضيرها من اسمها”، يضيف الخطيب مبتسماً، وهو محق بكل تأكيد، ففي وجبة هوت دوغ كلاشينكوف على سبيل المثال تبدو قطع الهوت دوغ مصفوفة إلى جانب بعضها وكأنها طلقات بندقية أو رشاش تستعد للانطلاق نحو هدفها.

يشير الشيف في حديثه إلى إقبال الزبائن على تناول هذه الوجبات بشكل خاص، “البعض يأتي للمطعم دون علم بوجود أطعمة بهذه الأسماء فيقرر تجربتها، وآخرون يحضرون بناء على نصيحة أصدقائهم أو أقاربهم، أو لأنهم سمعوا بأننا نقدم أطعمة ذات أسماء غريبة وملفتة للنظر”.

عسكرة المجتمعات أثناء وبعد الحرب
من الظواهر الشائعة خلال الحروب التي تشهد استخداماً وحضوراً بارزاً للقوة العسكرية، ما يعُرف بعسكرة المجتمعات. لهذه الظاهرة عدة تعريفات، أحدها هو سيطرة القيم والمظاهر العسكرية على الحياة المدنية، حيث يصبح العنف وسيلة لتحقيق الأهداف وحل الخلافات، ويعتاد المجتمع على مجموعة من التقاليد والأعراف الشبيهة بتلك الموجودة في المؤسسة العسكرية، فتصبح جزءاً لا يتجزأ من الحياة العامة.

وبالعودة لسوريا، لا تصعب ملاحظة تجلي العسكرة في عدة أوجه ضمن الحياة اليومية التي يعيشها السوريون في مختلف المدن، واستساغة المدنيين لتلك المظاهر في بعض الأحيان.
في أحد المقاهي الواقعة شرق العاصمة دمشق، تجلس عائلة مكوّنة من أب وأم وطفل لا يتجاوز عمره العامين. ينشغل الوالدان بالحديث والطعام، وبين الفينة والأخرى يلاعبان الطفل الذي يرتدي بنطالاً رياضياً وسترة مموهة بألوان تشبه ألوان الزي العسكري.

المصدر : رصيف 22