تخطى إلى المحتوى

وضع غير طبيعي في سوريا ..!

منذ أكثر من عشرة أيام، كل من تتحدث إليهم في مناطق سيطرة النظام، يخبرونك بأن الأوضاع غير طبيعية، وأن أمرا ما سيحدث، لكن لا يعرفون على وجه التحديد ما هو.

ومن ملامح هذا الوضع غير الطبيعي بحسب وصفهم، هو حالة الخوف والقلق، التي تبدو على وجوه المسؤولين الرسميين، والمنعكسة على سلوك الموظفين الحكوميين، ما يجعل الشارع يحس بأن هذا “العبوس” والتوتر المنتشر في كل مكان، إنما وراءه أشياء مخفية، لا يستبعدون أن تكون أحداثا جسيمة على وشك الوقوع.

البعض ممن يدعي قربه من أسرار البيت الأسدي، يقول بأن النظام تبلغ عن وجود خطة أمريكية إسرائيلية سرية للتخلص منه، عبر عملية عسكرية كبيرة يجري الإعداد لها في الغرف المغلقة التابعة لأجهزة مخابرات هذه الدول، وأن الخطة سوف يجري تنفيذها مطلع العام القادم، بالاتفاق مع الروس.

أما البعض الآخر، فيشير إلى وجود خلافات عاصفة داخل النظام، وبالذات بين القيادات العسكرية وأجهزة المخابرات، التي بدأت تشعر بأن دورها سيتضاءل في المرحلة القادمة، مع إعادة النظام سيطرته على أغلب الأراضي السورية، لذلك ترفض هذه القيادات العودة إلى مكاتبها وثكناتها، قبل أن تعرف حجم حصتها الحقيقية من السلطة، وخصوصا أنها كانت خلال السنوات السبع الماضية، هي الحاكم الفعلي للبلد، وأصبح هذا الوضع مصدر رزق كبير لها، وجنت منه ثروات طائلة.

ويؤكد هؤلاء، الذين يسمون أنفسهم بأنهم مطلعون على الوضع، بأن أجهزة المخابرات توحشت في الآونة الأخيرة، وأصبح شتم “السيد” الرئيس على الحواجز، لغوا عاديا، يمارسه العنصر العادي على مرأى ومسمع من المارة، في إشارة إلى أنهم هم سادة هذا البلد.

دمشق

كما قامت هذه الأجهزة مؤخرا بحركات الهدف منها إرهاب الشارع، من خلال نصب الحواجز “الطيارة” داخل العاصمة دمشق على وجه الخصوص، والقيام بحملات اعتقال عشوائية للشباب، بحجة سحبهم للخدمة الإلزامية، أو أنهم مطلوبون أمنيا.

وعمدت هذه الأجهزة كذلك، إلى خلخلة الوضع في مناطق المصالحات، عبر إعادة اعتقال المطلوبين السابقين، ما ينذر بعودة المواجهة العسكرية، بين أبناء هذه المناطق والنظام، وقد بدأت تلوح في الأفق بوادر تشير إلى أن الثورة المسلحة على وشك أن تعود، ولكن بشكل مختلف هذه المرة، من خلال حرب العصابات.

ويرى متابعون أن الأجهزة العسكرية، ترغب بهذا الأمر، من أجل أن تبقى هي المسيطر، وصاحبة السلطة في البلد.

أما على مستوى الشارع، وتقييمه لهذا الوضع غير الطبيعي، فهو لا يختلف كثيرا عن تقييم من يدعون اطلاعهم عن كثب. فالكثير يرى بأن هناك هالة هلع لدى منتسبي النظام من الأجهزة السياسية والعسكرية، وسببها على الأغلب حركة تبدلات كبيرة بين القيادات العلوية، يجري الإعداد لها داخل الدائرة الضيقة للنظام، وتهدف إلى نزع الصلاحيات الكبيرة، التي امتلكتها بعض هذه القيادات خلال الفترة السابقة، وأصبحت تمارس من خلالها سلطات غير محدودة، وتهدد بنية النظام ذاته، في حركة تشبه ما فعله حافظ الأسد في نهاية الثمانينيات، بعد أن تخلص من شقيقه رفعت الأسد.

ويستدل هؤلاء على هذا الأمر من خلال حركة التغيرات التي جرت للأفرع الأمنية مؤخرا، مشيرين إلى أن هناك تبدلات كثيرة قادمة وسوف تطال رموزا كبيرة، حتى لو اقتضى الأمر لتصفيتها جسديا.

ومهما يكن من تفسيرات حول وجود ظرف غير طبيعي في سوريا في الفترة الراهنة، فإننا نرى من وجهة نظرنا، أن الوضع له علاقة بالوجود الإيراني في سوريا، بالإضافة إلى الميلشيات الشيعية التابعة لها، فهذه القوى تحتمي اليوم بالوضع السوري في مواجهة الهجمة الأمريكية، وترفض أي تنازل، وتهدد بتفجير الوضع مع إسرائيل في أي لحظة في حال زيادة الضغط عليها.

ولاشك أن هذا الوضع سيدفع ثمنه النظام، الذي على ما يبدو اقتنع بضرورة أن تبتعد إيران وميليشياتها عن منطقته، لذلك قام مؤخرا بحركة تغييرات في قياداته الأمنية والعسكرية، ممن يعتقد أنهم كانوا على تحالف وثيق مع إيران، وينفذون أجندتها .. سيما وأن هذه التغيرات جاءت بقيادات جديدة وفي مواقع مهمة، من غير أبناء الطائفة العلوية.

صحيفة زمان الوصل – فؤاد عبد العزيز