جاء قرار الادارة الامريكية الانسحاب من سوريا مفاجئا للجميع، فقرارات ترامب الانسحاب من سوريا جاءت منذ استلامه مقاليد الرئاسة، ثم كررها في مارس/اذار من عام 2018.
حيث صرح “هزمنا تنظيم الدولة، سنخرج من سوريا قريبا جدا، دع الاخرين يهتمون بهذا الامر”، وجاء تصريحه هذا بعد تصريح بوتين عزم بلاده الانسحاب من سوريا للمرة الثانية
بالامس عاد ترامب ليصرح ان امريكا ستسحب قواتها من سوريا في وقت فاجأ حتى اقرب المقربين له في امريكا وحتى اهم حلفاءه بريطانيا والتي اعلنت فورا وبشكل يخالف الاعراف السائدة بين البلدين ان اعلان ترامب هزيمة تنظيم الدولة غير صحيح، كما يأتي تصريح ترامب معاكسا لما تقوم به القوات الامريكية شرق الفرات من توسيع لمطاراتها العسكرية.
متنافيا مع ما اعلن عنه هذا الصيف بأنه مازال لدى تنظيم الدولة مايقارب 30 الف مقاتل منهم 14,500 في سوريا
قرار ترامب اثار مخاوف جنرالاته في العراق وافغانستان، من مغبة اتخاذه قرارا مشابها في كلا البلدين، وبالتالي تضييع جميع المكاسب التي حققتها امريكا هناك ايضا، بل جاء معاكسا لما صرح به بولتون بأن امريكا ستبقى في سوريا طالما ان هناك نفوذا ايرانيا.
كما جاء معاكسا لما صرح به مبعوثه ماكغرك الاسبوع الماضي عندما قال ” من الرعونة ان نقول ان هزيمة تنظيم الدولة فيزيائيا، يعني اننا يجب ان نغادر سوريا فورا”، كما حذر السيناتور غراهام من الانسحاب منوها الى ان انسحاب امريكا يعني رفعها لعلم الاستسلام ضد الارهاب.
وخلق فراغ استراتيجي لايران وروسيا في المنطقة، اما مارك دوبويتز وهو رئيس مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات فقد صرح ان اعلان ترامب هو هدية كارثية للملالي وروسيا في المنطقة
قرار الانسحاب اطلق موجات دولية، جعلت الجميع يتخبط، فمن اعلان بريطانيا معارضتها لتصريح ترامب، الى تصريح احد قيادات قسد بأن انسحاب امريكا يعني وجود تهديد حقيقي من تنظيم الدولة الذي لم يهزم ومن مليشيات الاسد ومن تركيا، اما القيادي في قسد “اسماعيل عبد الله” فقد صرح بأن انسحاب امريكا سيغير التوازن على الارض.
وانه غير متأكد من قدرة قسد على هزيمة تنظيم الدولة في حال انسحاب امريكاو كما اعلن نتنياهو انه تحدث مع الادارة الامريكية التي اخطرته بقرار الانسحاب، لكنها اخطرته ايضا بأن لها طرقا اخرى لابقاء نفوذها هناك
حقيقة، فإن قرار ترامب يأتي متوافقا مع مااعلنه قبل اشهر بنيته قطع تمويل الحملة العسكرية في سوريا، وتمويلها من قبل الدول العربية، واعطاءه فرصة 6 اشهر لماتيس لهزيمة تنظيم الدولة، اي ان ترامب يريد الانسحاب في ظل معارضة من المخابرات ووزارة الدفاع، اذا فقراره (ان صدق ولم يستطع البنتاغون ثنيه عن رأيه ) يندرج ضمن احد السيناريوهات التالية:
1) اما ان ترامب يريد ان يفعل مافعله بوتين، بالاعلان عن خفض القوات الامريكية في سوريا اعلاميا والابقاء على القواعد الجوية والدعم الجوي والاستخباراتي، وتحميل دول اخرى تكلفة الحرب، وتشكيل ضغط سياسي على الدول المتخوفة من النفوذ الايراني، واجبار هذه الدول على تقديم الدعم الكامل لقسد وارسال قوات وتمويل مرتزقة وتحمل تكاليف الحرب التي تعتقد امريكا ان على الجميع المشاركة بها وتحمل مسؤوليتها وعدم تحميل امريكا دائما مسؤولية حماية دول اخرى، وقد يكون هذا مايعنيه بالمرحلة التالية من الحرب
2) ان هناك اتفاقا بين ترامب وتركيا على تسليم مناطق شرق الفرات لتركيا، ويدعم هذا الاحتمال الاعلان الامريكي عن صفقة الباتريوت مع تركيا وتصريح اردوغان بانه تلقى ردا ايجابيا من ترامب حول العملية العسكرية التركية شرق الفرات، ورغبة ترامب جر روسيا وتركيا لنزاع ان قامت تركيا بعملية عسكرية وارادت روسيا ايضا ملئ الفراغ الامريكي واطلاق حملة عسكرية من الضفة الشامية، او ارتماء قسد في احضان روسيا لمنع العملية العسكرية التركية، مايضعف هذا الاحتمال هو انعكاساته على ثقة شركاء امريكا بها، وتوجه امريكا للاستثمار في قسد
3) ان امريكا ستسلم الملف السوري لروسيا، لكن هذا السيناريو يعني ان كل مافعلته امريكا في الشرق الاوسط هو تمكين روسيا وتوسيع نفوذها في المنطقة والتخلي عن ورقة ابار النفط وعن تأثيرها على مستقبل سوريا، وهذا يتضارب مع مصالح امريكا الجيوسياسية، وسيزيد من تاثير روسيا في المنطقة، وسيؤثر سلبا على ترامب ان سارت الامور عكس المصالح الامريكية، ويعارض جميع توصيات الضباط والاستراتيجيين الامريكيين.