تخطى إلى المحتوى

صمتوا عن كل مافعله الأسد وتكلموا لأجل جرة الغاز والبرد

بعد ارتفاع موجة الاستياء في المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري، حيث خرجت أخيراً الأزمات التي خبأها نظام الأسد طوال الـ 8 سنوات الماضية للحفاظ على بقائه وعدم الانهيار.

حيث بعد قمع النظام السوري للمطالبين بالثورة والتغيير في بلادهم أسوةً بالربيع العربي، الأمر الذي أدى إلى تهجير أكثر من نصف سكان سوريا وتدمير مدن كاملة، وتعريض البلاد للاحتلال والتقسيم، لكي لا يتحقق هذا التغيير.

وبعد أن فقد النظام السيطرة على منطقة شرق الفرات التي تحتضن معظم ثروات البلاد من نفط وغاز ومواد غذائية، واقتراب إنهاء أي حروب جديدة وتقسيم البلد، عندها بدأ اقتصاد نظام الأسد خطواته نحو الانهيار الكامل.

وأغلب المؤشرات تقول بأن النظام لم يعد يملك العملة الصعبة اللازمة لتوفير المواد الأساسية المستوردة، كالمحروقات والغاز والقمح وحليب الأطفال وغيرها.

وبعد أن أصبحت مناطق سيطرة النظام تعاني من أوضاع اقتصادية سيئة، وارتفاع في نسبة الفقراء بعد سحق الطبقة الوسطى، ولم يعد في المجتمع السوري الموالي سوى طبقة فقيرة وطبقة غنية، حتى أصبح مألوفاً رؤية المتسولين في شوارع المدن الخاضعة لسيطرة الأسد.

الأمر الذي جعل انفجار المواطنين يقترب، ولكن لم تبدأ بعد الشرارة، إلا أن ظهرت الفنانة شكران مرتجى لتوجه رسالة إلى الأسد، وتشرح له واقع الشعب الذي يعيش تحت سلطته أين أصبح.

ليلحق بها كافة مشاهيرالإعلام والممثلين الموالين للأسد، لينتقدوا بشكل مفاجئ الأوضاع في مناطق النظام، في الوقت الذي نسأل أنفسنا عن سبب هذه الحملة المنظمة والمفاجئة.

ولم يتوقف النقد عند حدود الفنانين والإعلاميين والشخصيات العامة، بل وصلت إلى عموم السوريين في مناطق النظام.

وفي دراسة هذا الوضع حيث رأى كثيرون أن رسائل الانتقاد هذه تم كتابتها بتوجيه من أجهزة المخابرات، وحتى يمكن أن تكون بتوجيه الرئيس شخصياً.

وذلك لإظهار نوع من الشفافية والديمقراطية للداخل والخارج وخاصةً بعد انتهاء الأزمة على حد تعبيرهم، وأن الزمن تغير وصار بإمكان الجميع أن ينتقد ويوصل صوته حتى إلى الرئيس.

وذلك متوقع إذا نظرنا لتاريخ كاتبيها الشخصي، الذي يخلو من الإنسانية في جميع مواقفهم إلى جانب نظام الأسد طيلة السنوات السابقة، فلا يعقل أن ضميرهم قد صحا فجأة وقد أصبحوا يشعرون بآلام الآخرين.

الأسد خلال سنوات الثورة السورية قتل شعباً يقدر عدده بمليون شخص حتى الآن، إضافة إلى مئات آلاف المعتقلين داخل أقبية السجون والأفرع الأمنية لم يعرف مصيرهم حتى الآن، وتهجير أكثر من نصف الشعب السوري، بالإضافة إلى تدمير البنى التحتية لأغلب المدن السورية، حتى أن هنالك مدن تبلغ نسبة الدمار فيها 95%.

الأسد الذي خسر مناطق شرق الفرات لصالح الأكراد بالاتفاق مع أمريكا، وخسر منطقة إدلب وريف حلب وريف حماة لصالح الثوار، وحتى محافظة السويداء فهو يحكمها إدارياً فقط وهي خارجة عن سيطرته المطلقة ولا يستفيد من ثرواتها.

فهؤلاء الفنانون والإعلاميون لم نسمع صوتهم في انتقاد الأسد وحكومته ولو بمنشور فيسبوك عندما اختنق الآلاف من أطفال الغوطة الشرقية وخان شيخون بالكيماوي الذي أطلقه الأسد، أما اليوم عندما اقترب سوء الأوضاع المعيشية والبرد والألم منهم أو من أقربائهم أو تعطلت مصالحهم حتى سمعنا صوتهم.

إضافة إلى ذلك إن أغلب هؤلاء المنتقدين اتفقت أهدافهم بانتقاد جميع المسؤولين والحكومة والوزراء ومناشدة الرئيس شخصياً لحل مشاكل الشعب باعتباره المنقذ المخلص، ومن غير المستبعد أن تكون الحلول لبعض المشكلات التي تحدثوا عنها أصبحت جاهزة، بانتظار أن يخرج للعلن هو ويعلن الحل الجزئي الكفيل بإبرازه بطلاً إنسانياً.

الأمر الذي يشبه بهذه الطريقة ما فعله والده “حافظ الأسد” في مطلع تسعينيات القرن الماضي عندما تفاقمت أزمة الكهرباء ووصلت إلى مرحلة الانقطاع التام في سوريا.

حيث عقد حينها اجتماعاً في وزارة الكهرباء أوعز فيه بإلغاء التقنين تماماً اعتباراً من لحظة الاجتماع، ولكنه بنفس الوقت كان قد تلقى مجموعتين حرارتين لتوليد الكهرباء كمنحة من الصين واكتمل تركيبهما وأصبحتا جاهزتين للعمل بنفس ليلة الاجتماع، وعندها ظهر كقائد مخلص منقذ، يحقق المعجزات بإيعاز صغير.

الأمر الي يحاول الأسد أن يبرزه للشعب القابع تحت سلطته، بأن يعظم شخص الرئيس ويحصر حل المشاكل والأزمات بشخصه فقط، وإظهار كل من هم دونه في الحكومة والوزارات كفاشلين، لا ينجزون ما عليهم تجاه المواطن دون اليد السحرية التي يعالج بها الرئيس المشاكل.

يذكر أن المواطنون في مناطق سيطرة النظام السوري، يعانون من عدة أزمات كان آخرها، نقص مادة حليب الأطفال، والغاز المنزلي، والتيار الكهربائي، إضافة إلى عدم توفر مادة الخبز، إذ اشتدت تلك الأزمات مع حلول فصل الشتاء البارد.

وبالإضافة إلى ذلك انتشرت ظاهرة تجار الأزمات ومحتكري المواد الغذائية، وزادت معدلات البطالة والجريمة وانخفضت الليرة السورية إلى مستويات غير مسبوقة، وكل هذا في مناطق سيطرة الأسد.

وفوق كل ذلك يعاني المواطنون من انعدام الأمن في ظل انتشار الحواجز المجهولة الهوية، وقد يتعرض الشخص للاعتقال والتغييب دون معرفة من اعتقله، هل هم عناصر مخابرات أم دفاع الوطني أم حزب الله، أم جنسيات أخرى.

هادي العبد الله