على الرغم من سيطرة النظام السوري على جميع مناطق جنوبي سوريا، إلا أن عدم التزام النظام السوري بوعوده وتعهداته التي قطعها على نفسه أثناء المفاوضات والتسويات، ينذر بعودة الحراك الثوري وانفجار الأوضاع من جديد في درعا.
الأمر الذي دفع العشرات من أبناء مدينة درعا، أن يخرجوا بمظاهرة يوم أمس الثلاثاء، للتعبير عن رفضهم الالتحاق بالخدمة العسكرية والاحتياطية بجيش الأسد.
ويأتي ذلك بعد أن سحب النظام 300 شخص من مدينة نوى بمحافظة درعا يوم الاثنين الماضي، من منشقين ومطلوبين للخدمة الإلزامية بعد إجراء تسويات لهم والتحقيق معهم في الأفرع الأمنية.
حيث أقام النظام السوري احتفالاً بمدينة نوى، خلال نقل الشباب إلى قطعاته العسكرية، وحضره ضباط بقواته وأجهزته الأمنية وأعضاء بحزب البعث وأعضاء بمجلس شعب النظام السوري.
وأفادت مصاد محلية أن ضباط النظام السوري أنذروا باعتبار كل من لم يسلم نفسه من المنشقين عن جيش الأسد حتى تاريخ الثامن من شهر شباط المقبل، بأنه فار من الخدمة وبالتالي لن يشمله العفو وسوف تتم محاسبته.
وبحسب شهود من المنطقة، فإن الشباب المنشقين الرافضين للإلتحاق بالخدمة ضمن جيش الأسد، جالوا بموكب ضم 15 سيارة في حي البلد بمدينة درعا وأطلقوا النار بالهواء، كرسالة للنظام السوري بأنهم يرفضون الانضمام إلى قواته.
وقام ضباط النظام برفض مقترح الوفد المفاوض عن محافظة درعا، البند الذي طالب بتمديد المهلة إلى ستة أشهر أخرى، لالتحاق الشباب والمنشقين بقوات الأسد، وذلك خلال اجتماع عقد في المحافظة مساء الأمس الثلاثاء 29 كانون الثاني 2019.
الاعتقالات مستمرة
وكانت الأفرع الأمنية التابعة للنظام قد اعتقلت المئات من مقاتلي الفصائل، والمواطنين العاديين، والعاملين في المنظمات الدولية، وذلك قبل انتهاء المدة المحددة للتسوية التي قاموا بها، بذريعة دعاوى الحق الشخصي، وبذرائع التعامل مع إسرائيل، أو الانتماء لداعش، وتهريب الآثار أو تهم جنائية أخرى.
وحتى أن سلطات النظام لم تكتف بالاعتقال، بل عمدت إلى تصفية بعض المطلوبين، وبعض قادة الفصائل مباشرة، بحجة مقاومة الدوريات الأمنية التي قدمت لاعتقالهم، أو يتم تصفيتهم داخل الفرع الأمني وأثناء التحقيق معهم، ويوجد العديد من المعلومات عن ذلك.
سوء الواقع الخدمي
بالرغم من عودة جنوب سوريا إلى سلطة النظام السوري، إلا أن الواقع الخدمي للمواطنين لم يتحسن أبداً بل ازداد سوءاً، حيث لم يعد هناك مشاف أو مراكز صحية، أو أطباء مختصين، وذلك بعد قيام قوات النظام بمصادرة مكونات المشافي الميدانية المحدثة خلال فترة الثورة وإغلاقها واعتقال العاملين فيها.
وحتى أن كميات الخبز في محافظات جنوب سوريا لم تعد كافية بعد توقف الدعم الدولي وأنشطة المنظمات الدولية عن هذه المناطق، بعد تسوية وضعها مع النظام السوري، وحتى أن خدمات المياه والكهرباء غير متوفرة، والبنزين والمازوت والغاز أصبحت نادرة، وحتى أنه أصبح هنالك غلاء فاحش في الأسعار أكثر من السابق.
يذكر أن منذ أيام قليلة كان قد رد محافظ درعا في النظام السوري “محمد خالد الهنوس”، على مطالب خدمية لوجهاء محافظة درعا خلال أحد الاجتماعات معهم، حيث قال لهم: “هذا الموجود واللي مو عاجبوا الحدود بتفوت جمل، الله معاكم”.
كل هذه السلبيات التي اتبعها النظام السوري في تعامله في أبناء محافظات درعا والقنيطرة، جعلت من عمليات استهداف الحواجز العسكرية التابعة للنظام، ومقراته الأمنية وعناصره، إضافة إلى تمزيق صور “بشار الأسد”، والكتابات الجدارية المطالبة برحيل رأس النظام، أمراً عادياً وحتى أنه بدأ ينتشر في أغلب القرى والبلدات جنوب سوريا.
وكانت قد سيطرت قوات النظام السوري على كامل محافظة درعا والقنيطرة في شهر آب 2018، بموجب اتفاقات تسوية أجرتها مع فصائل الثوار في المنطقة، حيث سلمت بموجبها الفصائل أسلحتها الثقيلة والمتوسطة وأبقت على الأسلحة الخفيفة بحوزتها.
مدونة هادي العبد الله