تخطى إلى المحتوى

الذكرى الخامسة لرحيل أول شخصٍ تشاركنا حب الثورة معاً

يطل هذا التاريخ عليّ من كل عام ليجدد الحزن بداخلي على ذكرى رحيل أخي “طراد الزهوري”، ففي مثل هذا اليوم ودعّتني السعادة للأبد، فكان “طراد” قد ترك مكاناً فارغاً في حياتي، حيث أنه كان موقناً ومتقناً في آن واحد لمفهوم الثورة الحقيقية.

حياة بطل

الشهيد طراد الزهوري “1975– 2014″، ولد في مدينة القصير بريف حمص، ذاك الشاب الذي كان بطل الناشئين للملاكمة ولم يتجاوز 16 عاماً، أكمل خدمته العسكرية في وحدة الدفاع الجوي لمدة عامين ونصف، لينتقل بعدها إلى قبرص ويعمل في مجال التصوير والمونتاج الإعلامي، ليعود بعد ذلك إلى سوريا مع بدايات الثورة.

حيث بدأ “طراد” عمله الثوري كصوت يصدح بالهتافات على أكتاف المتظاهرين، ويرفع اللافتات ويصوّر المظاهرات السلميّة في مدينته القصير، حيث أنشأ بعدها صفحة عدسة القصير ، والتي كانت مصدراً هاماً للعديد من المؤسسات الإعلامية العربية والعالمية، حيث أصبحت تنقل منها أخبار القصير التي يقوم “طراد” بتصويرها مستخدماً كاميرا عادية.

ومع بداية العمل المسلح في حمص، انتقل طراد لتصوير المعارك، وأصبح يلاحق القذائف والصواريخ و يمضي إلى الجبهات، ليصوّر اشتباكات الثوار مع قوات الأسد وميليشياته.

وبعد سقوط القصير بيد “حزب الله اللبناني”، انتقلنا “أنا وطراد” إلى منطقة القلمون، حيث تعاهدنا على الثورة ما أحيانا الله، وتعاهدنا على الموت معاً في سبيلها.

حتى جاء ذلك اليوم الذي بشّرني “طراد” بقرب استشهاده فقال لي: “سأسشتهد قبلك يا مان”، خفق قلبي حينها خوفاً، كنت مرتاحاً لفكرة أننا سنعيش معاً ونموت معاً، ولكن بعدها بأيام قليلة أصيب “طراد” وارتقى .

رحل في مثل هذا اليوم بتاريخ 20 شباط 2014، بعد تعرضه لإصابة أثناء تغطيته لمعركة يبرود على جبهات القلمون، حيث نقل إلى عرسال وارتقى بعد خمسة أيام شهيداً لا تفارقنا ابتسامته وروحه الطيبة.

ثورة تفقد عينها

لقد خسرت الثورة السوري الشهيد “طراد” وغيره من الشباب الصادقين والمخلصين، كما خسرناهم نحن سنداً لنا في المتاعب والصعاب لإكمال هذا الدرب.

لقد كان “طراد” صديقاً مقرّباً ومحببّاً إلى قلبي، كنا نمضي وقتاً طويلاً معاً ونذهب لتغطية المعارك سويّةً، كنا لا نفارق بعضنا مهما حصل، بغياب عوائلنا أصبح كلٍ منا بمثابة عائلة الآخر التي تحتضن الخوف والحزن وتعين على تحمل الدرب الطويل.

في الذكرى الخامسة لاسشتهاد “طراد” لا تزال تشرق فيي كلماته وحركاته وضحكاته ، فأنا لا أعرف ماذا أقول في محراب صدق رفيق قلبي وشقيق روحي “طراد”. ولكن شاء الله أن تستشهد أنت وأبقى أنا لا أحيد عن وصيتك ولا أتخلّى عن الثورة حتى لقائنا بإذن الله.

هادي العبد الله