تخطى إلى المحتوى

فيلم سوريون انتجه النظام وأصبح مسخرة وسائل الاعلام (فيديو)

كثّف نظام الأسد من الإنتاج السينمائي خلال السنوات الماضية، الأمر الذي جعل المعـارضين لنظامه لابد أن يطلعوا على ما يقدمه نظام الأسد إلى جمهوره وإلى العالم، فلماذا يحاول النظام دعم أعمال فنية مكلفة، في الوقت الذي يعاني فيه اقتصاده من الإجرائات الدولية والحرب.

ومن هذه الأفلام هو “فيلم سوريون” للمخرج “باسل الخطيب” ومن إنتاج المؤسسة العامة للسينما التابعة للنظام، حيث أن الفيلم الذي أنتج عام 2017، وتم نشره عبر الإنترنت مع بداية العام الحالي، يعرض قصة “زينة” و”ريم” والتي تجسد شخصيتهما الفنانتان “ميسون أبو أسعد” و”كاريس بشار”.

وهما امرأتان تنتميان لمكان واحد في سوريا وتعيشان ظروفاً قاهرة، يتقاطع مصيرهما مع “يوسف” الذي يؤدي شخصيته الفنان “محمود نصر” ووالده الذي يؤدي شخصيته الفنان “رفيق سبيعي” في جملة من الأحداث التي تحاول أن تروي قليلاً مما يحدث في سوريا، وفق ما يريد نظام الأسد إظهاره لا أكثر.

حيث يفتقر الفيلم إلى الحبكة بشكل أساسي، مما جعل مخرج الفيلم يفضل اللقطات المتحركة كثيراً أثناء الفيلم، حيث يحاول من خلالها مراكمة المنتج البصري للكاميرا، على حساب جفاف المكون الدرامي المكتوب في الحبكة.

وهذا الأمر يظهر كثيراً في مشاهد “يوسف” الذي يركض كثيراً طيلة الفيلم، بغرض التشويق البصري للمتابع، كما نجد افتقار الحبكة أيضاً جلياً في مشهد خلال زيارة “ريما” إلى مدرسة مهدمة وهي تقارن بين الخراب القائم في المدرسة، وبين حياة الطلاب داخل المدرسة سابقاً.

فلا يوجد ما يدل على الجهة التي قصفت المكان بعينه، بل يظهر وكأنه دمار عابر، وكذلك يظهر النازحون في أحد مشاهد الفيلم، كما لو أنهم أحد المستلزمات البصرية لبناء عدد من المشاهد لا أكثر بدون أي روح.

كما يعرض الفيلم تصنيفاً غير مباشر للسوريين وفق رؤية النظام السياسي لهم، حيث “يوسف” السوري الذي فقد عائلته وبيته ثم حبيبته، و”ريما” السورية التي تعمل رغم احتمالات الخطر التي تقترب من يومياتها، ثم “فاديا” السورية الشابة التي تعمل وتدرس، وتنتظر حبيبها المجند في جيش الأسد، ومن ثم تفقده، فجميع هذه الحالات هي نماذج نمطية للسوريين في مناطق الأسد والمشاركين في القتال إلى جانبه.

وفي سياق الفيلم يكتشف “يوسف” أن عزام الذي يلعب دوره الفنان “محمد حداقي” يعمل مع فصيل معارضة مسلح وهو الذي أسر “فراس” المجند في جيش الأسد وقتلـ.ه، حيث يسأله “يوسف”: (كم دفعوا لك!، وهل خـ.دروك؟!، وعدوك بالحوريات والجنة؟!).

ولعل هذا يشير إلى أن كلام “يوسف” الموجه لـ “عزام” هو مقولة جاهزة للسوري الخائن، بحسب منطق صاحب الفيلم ونظام الأسد، وكذلك الفصيل المسلح هو مقولة جاهزة للإرهـ.اب، وهو فقط الذي يمنح عناصره الجنة والحوريات، وفق قول “يوسف”.

وفي قراءة الفيلم يستدرج “عزام” والد “يوسف” ويحتجزه لدى فصيله المعارض، بهدف إجبار “يوسف” على المجيء إليهم، ثم يتوجه “يوسف” ليحرر والده وهو يركض في مشهدٍ أصبح مألوف ضمن الفيلم.

حيث يقبض عليه جيش النظام، لأنه لا يحمل بطاقة هويّته، ولكن لحسن الصدفة سرعان ما يطلقوا سراحه، لأن ضابطاً في الجيش يعرفه، وهنا يسجل الفيلم هفوة تبين سرعة كتابة نصه وعدم تدقيقه بما يكفي، حيث يقول أحد المجندين للضابط إنهم ألقوا القبض عليه ليلاً، حيث أنهم كانوا قد اعتقلوه فعلياً داخل مشهد نهاري في الفيلم.

إضافة إلى ضعف بناء الحبكة في الفيلم، والذي ليس مقتصراً فقط على مستوى التفاصيل، وخاصةً عندما لا تجد “زينة” حطباً للتدفئة داخل منزلها، فتضطر إلى كسر بعض أثاث المنزل لإحراقه، وهي التي تعيش في غابة واسعة مليئة بالأشجار.

ولعل الرسالة الأقوى التي سعى النظام لتوجيهها في هذا الفيلم هي زعيم الفصيل المعارض، والذي أظهره الفيلم على أنه شخص تركي، ويتكلم اللغة التركية بطلاقة، إلى أن الحبكة أيضاً تجعله يسهو وينادي اسم “عزام” كما لو أن شخصاً سورياً الذي ينادي، مشدداً على حرف العين بقوة، دون مرعاة لعدم وجود هذا الحرف الذي لا يلفظ جيداً من قبل أي شخص غير عربي.

وأخيراً نرى أن فيلم “سوريون” هو من ضمن نسق الأفلام التي اعتاد النظام إنتاجها منذ أعوام، وهي لا تخضع لمعايير جودة المحتوى، حيث كرس نظام الأسد طاقات غير معهودة في دعم المخرجين الموالين له، وافتتح مراكز ودور الثقافة لتعرض أفلامهم مجاناً على مسارحها.

كما ترجمت بعض هذه الأفلام إلى عدة لغات عالمية ودفع باستخدامه المعتاد للسينما كأداة للحشد والتعبئة ضد المعارضين لنظامه ووصفهم بالإرهـ.اب، بعد أن أثبتت الأفلام السينمائية المعارضة للأسد حقيقة ما يحصل في سوريا، عدا أنها نالت العديد من الجوائز العالمية.

مدونة هادي العبد الله