على الرغم من التصريحات السياسية للأحزاب التركية المعارضة وقلة دعـ.م المانحين الدوليين، إلا أن تركيا بدأت تمهد الطريق في هدوء لدمج الكثير من السوريين الذين يعيشون فيها.
والذين يبلغ عددهم نحو أربعة ملايين، وهو أكبر عدد من اللاجئين السوريين الذين تدفقوا عبر حدود سوريا خلال الحـ.رب المستمرة منذ ثماني سنوات.
ولكن استيعاب ولو مجرد جزء من أعداد السوريين في المجتمع التركي، إضافةً إلى قوة العمل يمثل تحدياً كبيراً، وخاصةً في ظل تعثـ.ر الاقتصاد التركي، وارتفاع معدلات البطالة.
حيث أنه لايزال معظم السوريين مسجلين في تركيا كـ “لاجئين تحت الحماية المؤقتة”، وهناك قلة منهم غير مسجلة حتى الآن في رغبةٍ منها للعودة إلى سوريا عند أول فرصٍ تسنح لهم، بينما حصل 80 ألفاً منهم على الجنـ.سية التركية.
ولذلك عمد الاتحاد الأوروبي على تقديم مليارات من الدولارات لمساعدة تركيا على استضافة السوريين مقابل وقـ.ف عبورهم إلى اليونان.
حيث يركز الآن الاتحاد الأوروبي دعمه على المشاريع طويلة الأمد، مثل إعداد السوريين للمنافسة في سوق العمل، وتمويل دورات في تعليم اللغات للسوريين وخاصةً التركية، إضافةً إلى توفير التدريب المهني.
وكان قد أشار سفير الاتحاد الأوروبي “كريستيان بيرجر” خلال حديثه مع وكالة “رويترز” بالقول: “هناك تحول طفيف بسياسة الدعم المقدم من الاتحاد الأوروبي”.
موضحاً أنها “ستنتقل من توفير المساعدات الإنسانية الأساسية إلى مساعدة أطول أمداً، وهو ما يؤدي أيضاً إلى دمج اقتصادي واجتماعي أفضل للسوريين لمن يريدون البقاء في تركيا”.
حتى بات يجري خلال الفترة الأخيرة اتخاذ خطوات لاستبـ.عاد بعض السوريين من نظام بطاقات صرف الأموال التي تخصص لسداد إيجارات منازلهم أو لشراء الأغذية، إلى التركيز على مشاريع أحدث تعتمد على مساعدة السوريين في الاندماج في المجتمع التركي.
كما قال “بيرجر” حول ذلك: “هذه الفكرة تهدف إلى تخفيض كبير لأعداد الذين يعتمدون على المساعدات الإنسانية، حيث لا يمكن أن يستمر هذا الأمر إلى الأبد”.
ونتيجة لاعتقاد معظم السوريين في البداية أنهم سيعودون إلى بلادهم قريباً، قاموا بإلحاق أبناءهم بمراكز تعليمية وبمدارس مسائية تدرس وتوفر معظم المواد بلغتهم الأم العربية.
إلا أنه في عام 2016 بدأت وزارة التعليم والاتحاد الأوروبي بإغلاق هذه المراكز التعليمية السورية تدريجياً، إضافةً إلى نقل الطلاب السوريين إلى مدارس تركية، وتوفير دورات مكـ.ثفة في اللغة التركية لغير الناطقين بها، من أجل مساعدتهم على متابعة تعليمهم بها.
الجدير بالذكر أنه اتفق الاتحاد الأوروبي مع تركيا على الشريحة الثانية من المساعدات المالية والتي قيمتها تقدر بـ 3 مليارات يورو، حيث خصص منها 500 مليون يورو للمشاريع التعليمية والتدريبية والبنية التحتية للمدارس من أجل السوريين.
وبالإضافة إلى هذه البرامج، قامت الحكومة التركية بتسهيل الحصول على تصاريح العمل بالنسبة للسوريين، الأمر الذي ساعدهم على دخول سوق العمل التركية، والتي يبلغ عدد سكانها 82 مليون نسمة.
يذكر أنه في بعض المدن التركية هنالك حالة استيـ.اء تجاه السوريين، كما أن حكومة الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” قامت خلال الفترة السابقة للانتخابات البلدية بتضخيم تصريحاتها التي تشير إلى احتمالات عودة السوريين الوشيكة إلى ديارهم.
وذلك للاقتراب من المواطنين الأتراك الرافضين للسوريين في هذه الفترة الحرجة، ولإغلاق الطريق على الأحزاب التركية المعارضة التي تستخدم السوريين كورقة ضغط على حزب “العدالة والتنيمة” الحاكم قبيل أي استحقاق انتخابي.
مدونة هادي العبد الله