تخطى إلى المحتوى

دوافع قصف الروس للمنشآت الحيوية في مناطق الشمال السوري

تسببت غارات الطيران الروسي بخروج العديد من المستشفيات الميدانية والمراكز الحيوية في الشمال السوري المحرر، وذلك في ظل التصعيد المستمر لها على المنطقة.

حيث يرجح أن سبب قصف الروس للمستشفيات بأن هذا الأمر ليس من أجل إظهار الوحشـ.ية بحد ذاتها فقط، بل لأن الاستراتيجية الروسية تنظر إلى إلحاق الـ.ضرر بالمدنيين بشكل أولي، وذلك لإجبار الخصوم على الرضـ.وخ والتسوية.

اقرأ أيضاً: ما الغايات الروسية وراء قصفها المكثف على أرياف إدلب وحماة

فببساطة يعتقد الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” أنه إذا قتلت قواته ما يكفي من المدنيين، وخلقت ما يكفي من الصور لتلك المعاناة، فسيؤدي ذلك إلى وقف سريع لإطلاق النار مع المعارضة.

ولهذا السبب تقع المستشفيات الميدانية والمدارس التعليمية المستهدفة جميعها في المناطق الرئيسية التي تسيطر عليها الفصائل الثورية أو على طول طريق إمدادها.

وإلى جانب “بشار الأسد” يريد الروس السيطرة على منطقة إدلب، ومع أن “بوتين” كان قد وقع على اتفاق لوقف إطلاق النار مع الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” في أيلول عام 2018 ، ولكن لم يكتب لهذه الصفقة النجاح بتاتاً.

ومن المهم بنفس القدر هنا أن نرى كيف ستحمل معاناة المدنيين بعد كل هذا التصعيد العنيف والغير مسبوق من روسيا ونظام الأسد على الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار وحماية المدنيين.

حيث يعرف “بوتين” أن الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة سوف يستسلمان للمطالب الروسية من أجل وقف الخسائر في أرواح المدنيين، وهو يعلم أيضاً أن تلك الجهات غير مستعدة للضغط على روسيا وإحضار وسيلة بديلة لإنهاء عدوانها.

وعلى هذا النحو ينظر “بوتين” إلى المستشفيات المدمرة وقوافل المساعدات كوسيلة للحصول على موافقة دولية على أي وقف لإطلاق النار.

ويمكن لـ “بوتين” بعد ذلك استخدام وقف إطلاق النار هذا لتقديم نفسه كقائد عقلاني، وفي الوقت نفسه شراء الوقت حتى يكون مستعداً لهجومه التالي، ولذلك فإن نمط الهجمات التعديلية التي تتبع وقف إطلاق النار هو المفضل لدى “بوتين”.

يذكر أن إدارة الرئيس السابق “باراك أوباما” لم تفهم هذا الأسلوب الروسي للعملية، ولهذا السبب ظل “أوباما” يسقط في الخدعة الروسية المتمثلة في تصعيد وقف إطلاق النار، إلا أن إدارة “ترامب” لا تبدو أكثر ذكاءاً من سابقتها حول هذا الأمر حتى الآن.

ومع إدراك أن “أردوغان” سيكون غاضباً من هذا الهجوم، فيجب على “ترامب” إقناع الزعيم التركي بالعودة إلى الحضن الأمريكي، والتخلي عن شراء المعدات العسكرية الروسية، ويجب أن يحذر “ترامب” روسيا من أن أي هجوم كبير في إدلب، والذي سيؤدي إلى فرض عقوبات جديدة على اقتصادها.

وكانت روسيا قد استهدفت بشكل مباشر منذ يومين المركز الطبي في قرية الهبيط بريف إدلب الجنوبي، ما أسفر عن خروجه عن الخدمة بشكلٍ كاملٍ، كما كان مشفى “111” التخصصي للنسائية والأطفال والموجود في مدينة قلعة المضيق قد خرج أيضاً عن الخدمة، جراء استهدافه بشكل مباشر بغارة جويّة نفذها سلاح الجو الروسي.

مدونة هادي العبد الله

الوسوم: