تشير المعلومات الأولية وفق محللين عسكريين لأسباب التصعيد أو القصف المستمر من قبل روسيا ونظام الأسد على مناطق إدلب وريفها إلى تضارب مصالح كلٍ من تركيا وروسيا في شمال سوريا بشكل جذري.
إضافة إلى محادثات أستانا والتي لم تكن في نسختها الـ 12 بأفضل حال من النسخ السابقة، على الرغم من توقع كثير من المراقبين أن تكون أستانا 12 أرضية لحل ملف محاظفة إدلب، أو إعلان للجنة الدستورية على الأقل.
حيث بقيت الخلافات الجوهرية قائمة بين أنقرة وموسكو حول مصير إدلب، وبشكل خاص مصير فصائل المعارضة العسكرية هناك، ومما يدل على تفاقم الخلافات بين أنقرة وموسكو هو شن غارات من الطائرات الروسية ومن نظام الأسد حتى أثناء قراءة البيان الختامي لمحادثات أستانا.
اقرأ أيضاً: ٤ نقاط خلافية بين تركيا وروسيا حول تفسير اتفاق سوتشي
ووفقاً للعميد المنشق “أحمد رحال” الذي يقول: “منذ اتفاق سوتشي في 17 أيلول 2018، كانت الأطراف غير قادرة بالأصل على تنفيذه على أرض الواقع، فلم تكن تركيا قادرة على إزالة تحرير الشام وأخواتها، ولا الروس لديهم النية على إيقاف التوغل الإيراني والنظام في ريف حماة وإدلب وإيقاف خروقاتهم”.
ويتابع “أحمد رحال” قائلاً: “الاجتماعات بين الرئيسين كانت ترقع اتفاق سوتشي الذي ولد مبتوراً بالأصل، وكانت تعطيه جرعة إنعاش، وكانت ردة الاجتماعات تنعكس مباشرة على أرض الواقع، وبعد اجتماعهما الأخير في 8 نيسان الماضي كان هناك قصف على المناطق المحررة”.
واوضح “أحمد رحال” بأن هناك أربع نقاط بين روسيا وتركيا غير قابلة للحل، بالقول: “النقطة الأولى هي الدوريات المشتركة بين روسيا وتركيا، فالداخل السوري لا يقبل بالدوريات المشتركة”.
مضيفاً: “والنقطة الثانية هي الطرق الدولية، إذ لا يمكن فتح الطرق الدولية ووضعها تحت سلطة إيران ونظام الأسد، فالجيش الحر لا يقبل والأهالي لا يقبلون”.
ويكمل قائلاً: “أما النقطة الثالثة فهي مرتبطة بتفكيك هيئة تحرير الشام وأخواتها، فتركيا إما أن تدخل بحرب طاحنة مع الهيئة وبالتالي المزيد من الضحايا المدنيين، أو أنها ستظل تتهم بدعمها للإرهاب”.
ويضيف “أحمد رحال” قائلاً: “والنقطة الرابعة والأخيرة وهي أصل الخلاف الجذري، والتي لا تفصح عنها روسيا وتعلمها تركيا، وهو التقارب التركي الأمريكي في شرق الفرات، والتي أكد رئيس الأركان التركي، أن واشنطن تبدي مرونة كبيرة لإنشاء المنطقة الآمنة شرق الفرات”.
ويختم “أحمد رحال” حديثه قائلاً: إن “التقارب الأمريكي التركي حول شرق الفرات هو أمر مزعج لروسيا، لأن أحد بنود الاتفاق الأمريكي التركي حول شرق الفرات هو عدم السماح للنظام وللميليشيات الإيرانية وحتى لروسيا من دخول مناطق شرق الفرات”، وفق رأيه.
كما يضيف المعارض السوري والخبير العسكري العقيد المنشق “أحمد حمادة” حول التصعيد الحاصل ووصول الأمور إلى قيام روسيا ونظام الأسد لشن حملة عسكرية شاملة على المناطق المحررة في الشمال السوري.
قائلاً: “ما يجري هو أكثر من الخروقات وأقل من عملية شاملة، فهذه الجرائم المقترفة بحق المدنيين هدفها الضغط على تركيا وعلى المعارضة لدفعهم باتجاه القبول بما تطرح روسيا”.
حيث لا يتوقع “أحمد حمادة” أية عملية عسكرية شاملة، لأن المزاج الدولي لن يسمح بذلك، لأن العملية ستدفع بمئات آلاف المهجرين في مدة زمنية قصيرة للنزوح، وهذا ما لا يرضى به المجتمع الدولي، والأوروبيون خاصة”، وفق رأيه.
اقرأ أيضاً: بعد قمة سوتشي الرئاسة الروسية تحسم الجدل حول العملية العسكرية في ادلب
يذكر أن الخلاف الجوهري بين الطرفين، هو الضغط المستمر من روسيا على تركيا لتفكيك “هيئة تحرير الشام” في مناطق إدلب، والتي ترى فيها موسكو أنها أفضل مسوغ لتدخل نظام الأسد في مناطق إدلب، وهو بدوره ما يؤدي وفق رؤية أنقرة إلى كارثة إنسانية كبيرة، وخاصة بوجود أكثر من 3 ملايين سوري.
ولا يبدو أن القصف المستمر من روسيا والنظام على المناطق المحررة في الأيام الأخيرة، إلا بأنه طريقة تفاوض بأدوات حربية روسية للضغط على أنقرة وعلى المعارضة، ولكن في المحصلة يبقى مصير إدلب مجهول حتى الآن وفق المعطيات الراهنة في ظل تداخل الخلافات التركية الروسية من جهة، والخلافات التركية الأمريكية من جهة أخرى.
ولعل تصريحات الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” الأخيرة حول إدلب، بأنه لا يستبعد أي عملية عسكرية ضد إدلب، أعطت الضوء الأخضر لنظام الأسد بالحشد والتحرك نحو إدلب، وبالتالي يبقى الموقف التركي هو العامل الحاسم في مصير إدلب، وخاصة في ظل التنديد الدولي لروسيا بعدم شن أي عملية عسكرية في إدلب.