منذ ولادتها عشق عبد الباسط الساروت الثورة السورية غنى لها وأنشد.. زهد الدنيا من أجلها وتمنى الشـ.هادة في كل واقعة كان يواجهها طوال ثماني سنوات مضت.
وهو ما تؤكده أناشيده التي يرددها السوريون المناهضون للنظام السوري، وينتشون بكلماتها التي تعود بهم إلى المظاهرات الأولى والحشود التي كانت تشهدها من جميع الفئات العمرية كبارًا وصغار.
لم يتوقف الساروت رغم الأحداث التي عصفت بالثورة السورية، واصل العمل فيها بصمت مبتعدًا عن الإعلام وعن العالم الافتراضي الذي بات مسرحًا واسعًا لمحللين و”ثورجيين” وقياديين مازالوا يروجون لأنفسهم حتى اليوم.
ارتدى الساروت ثوبًا خاصًا به وتمنى أن يزف به شهيدًا، آمن بشكل مطلق بالثورة السورية وبمدينته حمص التي غنى لها “لأجل عيونك يا حمص نقدم الأرواح، نتشابك بالأيادي ونداوي الجراح، يا حمصي يالله نادي خلي حمص ترتاح”، وأوصى أمه في إحدى أناشيده بتقبيل أخوته الذين سبقوه في أولى أحداث الثورة في أثناء حصار مدينة حمص وأحيائها القديمة.
على دراجة نارية خرج الساروت، في تسجيل مصور، مؤخرًا من مدينة اللطامنة بريف حماة الشمالي أنشد لحمص وللغوطة الشرقية ولمدينة داريا وأكد على حق العودة إليها، وهي مناطق سيطر عليها النظام السوري بعد معارك مع المعارضة، معتبرًا أن أي شخص يقاتل في منطقة ما من أجل أهلها يتمسك بها ويدافع عنها ويحبها.
في سبيل الله نمضي ونجاهد
— الرائد جميل الصالح (@jamelalsaleh0) June 8, 2019
الله يرحمك ويتقبلك من الشهداء أخونا وإبننا وبطلنا ابو جعفر
الشهيد بإذن الله عبد الباسط الساروت pic.twitter.com/ajgQyCOlah
توفي الساروت الملقب بـ “حارس الثورة السورية” و”بلبل الثورة” بعيدًا عن مدينته حمص، على جبهات ريف حماة الشمالي في أُثناء مشاركته بالمعارك التي أطلقتها فصائل المعارضة ضد قوات الأسد.
ورغم تحوله للعمل العسكري إلى جانب فصيل “جيش العزة”، إلا أن الرمزية التي وسم بها بالثورة لم تسقط عنه، وزاد منها “عمله العسكري الصادق” الذي لم تشوبه شائبة، بشهادة أهالي ريف حماة ومحافظة إدلب، والمقاتلين الذين كانوا يرافقونه في المعارك.
ينحدر الساروت (من مواليد 1992) من حي البياضة في مدينة حمص، وكان يشغل قبل أحداث الثورة السورية حارس نادي الكرامة السوري ومنتخب سوريا للشباب، وقد فاز بلقب ثاني أفضل حارس مرمى في قارة آسيا، ويعتبر من أبرز قادة المظاهرات السلمية المناهضة للنظام السوري والتي خرجت عام 2011 وطالبت بإسقاط بشار الأسد.
منذ بداية أحداث الثورة شارك الساروت بالمظاهرات وبرز اسمه، وتحولت هتافاته إلى أناشيد مثل “جنة يا وطنا”، “يا يما توب جديد”، “حانن للحرية”، وإثر ذلك لقب بـ “بلبل الثورة السورية” وحارسها.
بعد قيادته للمظاهرات السلمية انتقل الساروت إلى مرحلة ثانية هي العمل العسكري، وأسس كتيبة “شهداء البياضة”، التي خاضت معارك ضد قوات الأسد والميلشيات المساندة لها في أثناء اقتحامها لأحياء حمص القديمة وحيي دير بعلبة والبياضة.
بعد معركة عرفت باسم “معركة المطاحن”، والتي خسرت فيها الكتيبة 60 من خيرة مقاتليها في نهاية عام 2014، خرج الساروت مع مقاتلي المعارضة من مدينة حمص إلى ريفها الشمالي، بموجب اتفاق فك الحصار الذي وقع بين المقاتلين والنظام.
نعى الساروت في “معركة المطاحن” شقيقيه أحمد وعبد الله، اللذين شاركا في معركة فك الحصار، بعد أن كان قد ودع شقيقين آخرين له، وليد الذي قتل في أواخر عام 2011 ومحمد الذي قتل في مطلع عام 2013.
شغل الساروت مؤخرًا قائد “لواء حمص العدية” التابع لـ “جيش العزة”، وهو مخطط عسكري ومقاتل ضمن صفوف “العزة” التابع للجيش الحر، إلى جانب نشاطه الإعلامي السابق.
وانضم الساروت في كانون الثاني 2018، إلى فصيل “جيش العزة”، وشارك في العديد من المعارك، إلى جانب مشاركته بمظاهرات سلمية وغيرها من النشاطات.
فقدت الثورة السورية بوفاة الساروت رمزًا من رموزها، إلا أن مقولة “شهيدنا لا ما مات زغردوله يالبنات (…) يا يما جيتك شهيد بتوب العيد والجنة بيتي الجديد” ما تزال خالدة.
المصدر: عنب بلدي