لقد بات التصعيد المكثف الذي يشنه النظام السوري ضد محافظة إدلب السورية مصدر قلق للعلاقات التركية الروسية التي أصبحت تواجه خطر التفكك التام في ظل تعنت كل من الروس ونظام الأسد على اجتياح المحافظة المسيطر عليها من قبل فصائل المعارضة.
وبالرغم من ذلك، لا تزال تركيا تملك العديد من الأوراق الرابحة لاستخدامها في محافظة إدلب ضد التصعيد الذي يشنه النظام وحليفه الروسي، وذلك في سبيل عدم سيطرة النظام على المحافظة بأي ثمن حتى ولو أدى ذلك للتدخل العسكري التركي المباشر.
وفي هذا الصدد، تحدثت “إليزابيث تسوركوف” الزميلة في منتدى التفكير الإقليمي عن هذا الموضوع مرجحة عدم انتهاء أزمة إدلب بالسيطرة عليها من قبل النظام، لأن روسيا مهتمة أيضاً بعدم خسارة العلاقات مع تركيا واستعدائها بمواجهة عسكرية مباشرة.
إقرأ أيضاً : تركيا توقف المفاوضات مع الجانب الروسي حول إدلب لهذه الأسباب
وأضافت تسوركوف في حديث لصحيفة “ذا ناشونال” أنه بدون التنسيق مع تركيا، سيؤدي إعادة احتلال النظام لإدلب إلى نزوح جماعي ضخم إلى الأراضي التركية، وهذا ما تسعى تركيا لمنعه مهما كلف الثمن.
وتوقعت تسوركوف أن يتم إعادة العمل باتفاق “سوتشي” القاضي بوقف إطلاق النار منذ أيلول سبتمبر 2018، لكنها أشارت إلى أن روسيا تحاول في الوقت الراهن الموازنة بين مصالحها مع نظام الأسد من جهة، ومع تركيا من جهة أخرى.
حيث أن نظام الأسد مهتم باستعادة السيطرة على إدلب، في حين يريد الروس دفع الفصائل الثورية بعيداً عن اللاذقية لحماية قاعدة “حميميم”، وفي الوقت نفسه ترغب روسيا بالحفاظ على علاقة جيدة مع تركيا.
كما ترى تسوركوف بأن تركيا تمتلك أيضا خيارات عسكرية لمواجهة هجوم النظام ومنعه من تجاوز إدلب، وهو الأمر الذي لازالت تركيا تتجنب اللجوء إليه كيلا تدخل في مواجهة مباشرة مع روسيا، مكتفية بدعم فصائل الثورة لوجستياً وعسكرياً واستخباراتياً.
إدلب ليست كسابقاتها!
وفي ذات السياق رأى العقيد “أحمد رحال” القيادي السابق في الجيش السوري الحر بأن شدة الهجوم حتى الآن تشير إلى أن القصف سيكثف مع تزايد الخسائر في صفوف المدنيين، لكسب الأراضي بسرعة في إدلب وتعزيز موقع روسيا في المساومة.
وقال رحال إن: “روسيا في الوقت الحالي تتفاوض مع تركيا عبر القنابل والدبابات” معتبراً بأن محادثات “آستانا” و”سوتشي” قد ماتتا على أرض الواقع على الرغم من نفي تركيا وروسيا، إلا أن روسيا هي التي اختارت الحل العسكري لتوسيع نطاق سيطرتها.
ورجح رحال بأن معركة روسيا هذه المرة ستكون قاسية ومريرة في إدلب، لأن المجتمع الدولي لن يصمت بالدرجة الأولى، ولأن إدلب باتت تشكل القلعة الأخيرة لقوى الثورة، مما سيجعل الفصائل تستميت في الدفاع عنها.