تخطى إلى المحتوى

محلل روسي يكشف الاستراتيجية الروسية في إدلب وعلاقتها بتركيا

مما لا شك فيه أن التصعيد الأخير ضد محافظة إدلب شمال غرب سورية قد أصبح علامة فارقة ومنعطفاً هاماً في العلاقات التركية الروسية الآخذة في الازدهار خلال السنوات الثلاث الأخيرة.

وفي هذا السياق، تحدث الخبير في مجلس الشؤون الدولية الروسي “ماكسيم سوخوف” ضمن مقال له عن تفاصيل الاستراتيجية التي تتبعها روسيا حيال محافظة إدلب، وعلاقة تركيا بهذه الاستراتيجية من جهة أخرى.

وتحدث سوخوف في مقاله بأن روسيا مهتمة بمساعدة بشار الأسد على استعادة السيطرة على جميع الأراضي السورية، بما في ذلك إدلب والشمال الشرقي الذي تسيطر عليه ميليشيات “قسد”، لكن هذا لا يعني أن موسكو سعيدة بالقيام بذلك عسكرياً.

ويزعم سوخوف بأنه وفقاً للاستراتيجية الروسية تجاه إدلب، فقد سمح الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” للرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” بأن يظهر بمظهر القوي في قضية إدلب منذ البداية، وهذا ما جعله يوقع معه اتفاقية “سوتشي” لاحقاً في أيلول سبتمبر 2018.

ورأى سوخوف بأن جميع الأهداف التي تقول روسيا إنها تسعى إليها الآن مع تركيا، من دوريات مشتركة، ومحادثات ، وتدابير لكبح “هيئة تحرير الشام” هي خطوات مهمة في إدارة الموقف سياسياً، لكنها ليست في مصلحة موسكو.

وأوضح أن هذه الخطوات ليست إلا أدوات ناعمة لإظهار مزيد من الاحترام والحساسية تجاه المواقف التركية، حيث ترسل روسيا جميع أنواع الرسائل العسكرية المبطنة إلى تركيا، وتنفذ الهجمات في سوريا للضغط على أردوغان، وعلى الرغم من أن الروس يتجنبون استهداف المواقع التركية، فإنهم يغضون الطرف إذا فعل جيش النظام ذلك.

إقرأ أيضاً : تركيا توقف المفاوضات مع الجانب الروسي حول إدلب لهذه الأسباب

ويشير الباحث الروسي إلى أن الرئيس التركي يفهم اللعبة الروسية، وخلال المحادثة الهاتفية التي أجراها مع بوتين الأسبوع الماضي، ألقى باللوم على النظام السوري متهماً إياه بالسعي لدق إسفين بين موسكو وأنقرة.

الرئيسين التركي والروسي

وأكد سوخوف بأن هذه المحادثة الهاتفية جاءت بعد أيام من التقارير التي تفيد بأن تركيا قدمت أسلحة للفصائل في إدلب لمساعدتها على التصدي لهجوم النظام، وذلك بعد أن فشلت تركيا في إقناع روسيا بضرورة إنهاء التصعيد.

ووفقاً لأقوال سوخوف فإن روسيا تسعى إلى إتاحة الفرصة لإشراك تركيا في إدلب، وهذا يعني أن روسيا وتركيا فقط ستحلان المشكلة ويتوصلان إلى تسوية بشأنها، وأنه لا ينبغي لأي طرف ثالث – ولا سيما الأمريكيون أو الأوروبيون – فرض مزيد من الضغوط على وضع إدلب.

وقال سوخوف بأن ما يحدث في إدلب كان متوقعاً، لكن بما أن روسيا تتوقع حلها عن طريق التعامل مع تركيا، فإن أردوغان لديه وجهات نظره الخاصة بشأن ما ينبغي أن تفعله روسيا.

وختم سوخوف بقوله بأن التكهنات الأكثر شيوعًا في روسيا الآن هي كالتالي: أن أردوغان يسعى للحصول على حل جيد بشأن شرق الفرات في سوريا، وفي هذه الحالة قد تكون إدلب ورقة مساومة بشأن المسألة الكردية.
أو أنه يتوقع اقتراحًا جيدًا بشأن إدلب نفسها، وهو اقتراح من شأنه أن يساعد تركيا على الحفاظ على نفوذها هناك، وفي كلتا الحالتين قد يستغرق هذا بعض الوقت، مما يجعل استمرار التصعيد في إدلب أمراً محتوماً.

يشار إلى أن وزير الدفاع التركي “خلوصي أكار” كان قد أعلن في وقت سابق بأن رئيسيّ أركان القوات المسلحة التركية والروسية “ياشار غيولير” و”فاليري غيراسيموف” بحثا إجراءات وقف إطلاق النار في إدلب وضمان الاستقرار فيها.

اتصالات ومفاوضات

كما توالت الاتصالات الهاتفية بين الجانبين التركي والروسي في الفترة الأخيرة بحيث بلغت خمس اتصالات خلال أسبوعين فقط، اثنان منها على مستوى الرؤساء، واثنان بين وزيري الدفاع، وآخرها كان بين رئيسي أركان جيشيّ البلدين.

وفي السياق ذاته اجتمع الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” الأسبوع الماضي مع “مجلس الأمن الروسي” لبحث آخر التطورات على الساحة في سوريا، وخاصة مع وضعهم المتأزم سياسياً وعسكرياً في محافظة إدلب.

وقال المتحدث باسم “الكرملين” “ديميتري بيسكوف” بأن الرئيس الروسي ناقش الوضع المتأزم في إدلب مع أعضاء مجلس الأمن الروسي، والذين عبروا عن قلقهم المتزايد من “هجمات المسلحين” على حد تعبيرهم.

وقال المتحدث بأن المجتمعين حملوا تركيا مسؤولية ردع “المسلحين” عن هجماتهم، وزعموا بأن موقفهم متوافق مع الموقف التركي، وحثوا على التوصل إلى طريقة لوقف إطلاق النار.

وفي الوقت ذاته استمرت تركيا بإرسال المزيد من التعزيزات إلى قواتها على الحدود، إضافة لتعزيز نقاط المراقبة التابعة لها والمنتشرة في محيط إدلب السورية.

مدونة هادي العبد الله