لقد بات واضحاً مدى عدم التوافق الذي وصلت إليه العلاقات التركية الروسية في الشأن السوري بشكل عام، وبشأن محافظة إدلب في أقصى الشمالي الغربي السوري بشكل خاص.
ويتمثل هذا الأمر في تعثر المحادثات بغية التوصل إلى حل بشأن هذه المحافظة التي تسيطر عليها فصائل الثورة السورية، كما يتمثل ببدء دعم لوجستي وعتادي فعلي على الأرض موجه للفصائل من قبل تركيا، بعد استمرار تعنت روسيا وإصراراها على الحسم العسكري.
ولعل من أهم مظاهر هذا التوتر أيضاً هو قصف نقاط المراقبة التركية من قبل قوات النظام السوري أكثر من مرة خلال أقل من شهر واحد، وذلك تحت مرأى ومسمع القوات الروسية المشاركة في الهجوم على إدلب.
إقرأ أيضاً : وزير الخارجية التركي يصرح حول استهداف قوات الأسد للقوات التركية
هذا الأمر بالذات دفع وزير الخارجية التركي “مولود جاويش أوغلو” للتصريح يوم أمس بأن تركيا لن تترد بالرد العسكري على قوات نظام الأسد في حال تكرر استهداف نقاطها في محافظة إدلب وما حولها.
حيث قال جاويش أوغلو في معرض تصريحه: ” أوصلنا رسالة من خلال روسيا وأطراف أخرى أنه في حال تكرر الهجوم سنقوم بالرد العسكري وليس السياسي”.
وهذا الكلام يحمل رسائل مبطنة أيضاً إلى الجانب الروسي الذي ما انفك يدعي بأنه غير قادر على منع النظام السوري من التصرف كما يشاء على أرضه، مبرراً كل جرائم النظام بأنها تأتي في سياق “مكافحة الإرهاب” و”بسط سيادة الدولة”.
إلا أن جاويش أوغلو أكمل كلامه بشكل صريح ومباشر مخاطباً الروس: ” لا يمكن قبول زعم موسكو بالعجز عن التأثير على النظام السوري”.
سيلٌ من الأكاذيب
هذه اللهجة الحادة من قبل الجانب التركي دفعت بالروس مؤخراً لاختلاق كذبة جديدة للتلاعب بالحقائق ومحاولة تهدئة الأتراك، فزعمت وزارة الدفاع الروسية بأن القصف على النقاط التركية إنما يأتي من قبل “جماعات إرهابية” تابعة للمعارضة السورية، وذلك لتخريب العلاقات بين الجانبين التركي والروسي بحسب زعمهم.
واستمرت مزاعمهم الكاذبة ليقولوا أيضاً بأن وزارة الدفاع الروسية تقوم بقصف هذه “الجماعات الإرهابية” بالتنسيق مع وزارة الدفاع التركية التي تعطيها إحداثيات هذه الجماعات وتنسق معها باستمرار في هذه الصدد.
هذه المزاعم استدعت بالمقابل رداً فورياً من قبل وزارة الدفاع التركية، التي سارعت لتنفي هذا الكلام جملة وتفصيلاً ببيان أصدرته مساء أمس الخميس.
وقال البيان: “الخبر الذي تداولته بعض وسائل الإعلام بخصوص قصف القوات الجوية الروسية – بناء على الإحداثيات التي تقدمها تركيا – مواقع الإرهابيين الذين يشنون هجمات على نقاط المراقبة التركية، عار عن الصحة”.