تخطى إلى المحتوى

قصة مسنّ سويدي يهب كل أملاكه لعائلة سورية

محنة السوريين عبر ثماني سنوات من المعاناة جعلتهم يتفرقون في جميع أرجاء هذا العالم الفسيح، ليصلوا إلى بلدان بعيدة لم تكن لتخطر على بالهم من قبل، متمازجين مع شعوبها بين أخذ وعطاء، لتولد من خلال ذلك قصص إنسانية ستأخذ مكانها المضيء من التاريخ.

إحدى هذه القصص الإنسانية الخالدة، هي قصة عائلة سورية حطت رحالها في “السويد” ذلك البلد الاسكندنافي البعيد الهادئ، ليتعرفوا بعد ذلك على مسنّ سويدي يعيش وحيداً، وتولد بينهم قصة من الحب المتبادل جعلته في نهاية المطاف يهب كل أملاكه لتلك العائلة بعد أن وصل وحيداً إلى سن الـمائة.

بدأت القصة مع “علي عياش” ابن مدينة السلمية السورية والذي قضى سنوات حياته الأربعين عاملاً في الملاحة، ثم تعرف إبان الثورة السورية على خطيبته “رحاب”، فتزوجا في تركيا، ثم انتقلا لاحقاً إلى السويد.

إقرأ أيضاً : دولة أوربية ترفع دعاوى قضائية ضد نظام الأسد

وأثناء إقامتهما في مخيم للاجئين بعد وصولهما إلى السويد، كانت زوجته في مراحل حملها الأولى، إلى أن تعرفا مصادفة بمسن سويدي يدعى ” نيلز غونار بيشون” وهو أرمل وحيد وكبير في السنّ، ليس له إخوة ولا أطفال، وكان يبلغ من العمر وقتذاك 96 سنة.

وتوالت الأحداث والمناسبات على كل من نيلز والعائلة لتزداد المحبة والمودة العميقة بينهم أكثر وأكثر، وتطورت هذه العلاقة إلى أن طلب نيلز من العائلة السورية أن تأتي وتسكن معه في منزله الذي يعيش فيه وحيداً.

غونار الصغير

أحبت العائلة السورية المسنّ السويدي، لدرجة أنهم أطلقوا على مولودهم الجديد اسم “غونار” تيمناً باسمه الثاني للمسنّ السويدي الطيب، ويعني اسمه “المحارب” باللغة السويدية.

ووصف عياش نيلز غونار بأنه كان إنساناً لطيفاً للغاية، كريماً ومعطاءً، ساعدهم على الاندماج في المجتمع السويدي بسرعة، وكان يشترط في كل دعوة لزيارة أو حفل أو رحلة يتلقاها من أصدقائه أن ترافقه تلك العائلة السورية.

وسرعان ما قرر نيلز أن يكتب منزله باسم تلك العائلة السورية اللاجئة، كذلك أمّن نيلز على غونار الصغير بمبلغ 10 آلاف يورو وضعها في حسابه بالبنك، ومنح الأب عياش مبلغ 10 آلاف يورو أيضاً، وانتقل برغبته بعد بضعة أشهر إلى مأوى العجزة.

غونار الكبير مع غونار الصغير

ويختم عياش بقوله: “أحب نيلز غونار ابني كأنه حفيده تماماً، فقد ولد وعاش تحت كنفه، وكان نيلز يعتني بصحة غونار وطعامه ويحرص على علاجه بالشكل الصحيح إن مرض، ويطلب إيقاظه بعد ساعة من نومه لاشتياقه له، حتى إنه وزّع صورة لهما على كل أهالي القرية تقريباً”.

بالمقابل اعتبره طفلي جدّاً له، يحتمي خلفه من العقاب إن أخطأ، ويناديه باسمه الأول ولا يهدأ إلا عندما يجلس في حضنه، وتأثر كثيراً في بداية انتقاله لمأوى العجزة، وكان يطالبنا بزيارته، وواظبنا على ذلك، وكان يقضي كل عطلة معنا قبل أن يفارق الحياة قبل أيام، تاركاً في نفسنا حباً عميقاً له.

مدونة هادي العبد الله