تخطى إلى المحتوى

بوتين يكشف مدى تمسكه بالأسد في السلطة ورأيه حول الانتقال السياسي

تصرفات روسيا منذ تدخلها السياسي فالعسكري في سوريا لم تكن تدل منذ البداية إلا على أمر واحد: دعم حلفاءها وحماية مصالحها، ولكن ماهي مصالح وروسيا فعلاً؟ ومن هم حلفاؤها الحقيقيين في المنطقة؟

في الواقع كانت الحقيقية معروفة منذ البداية للجميع، حيث صرح بها كبار المسؤولين الروس مراراً بشكل مباشر أو غير مباشر، إلا أن الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” عبر مؤخراً عن ذلك بكل وضوح، واضعاً حداً – وإن واهياً – للجدل حول مصالح روسيا الفعلية في سوريا والمنطقة بشكل عام.

ورغم أن تصريحات بوتين الأخيرة صـ.دمت الوسط الإعلامي ككل، وهذا ما انعكس على منصات التواصل الاجتماعي ، إلا أن بوتين عبر صراحة عما كان الجميع متغافلاً عنه – بقصد أو بغير قصد – طوال الفترة الماضية في سبيل تحقيق شعارات معينة تخدم مصالح معينة.

إقرأ أيضاً : روسيا تدرس خطة أمريكية من ثمانية بنود للحل النهائي في سوريا

ففي الخميس الماضي، وأثناء جلسة الأسئلة السنوية التي يعقدها بوتين للصحفيين سنوياً في الكرملين، أثار أحد الصحفيين المشاركين مسألة العملية السياسية المطولة في سوريا، وسأل عما إذا كانت روسيا مستعدة لإبرام “صفقة كبرى” مع الولايات المتحدة من أجل إنهاء النزاع.

فأجاب بوتين بأن روسيا لن تتوصل إلى أي اتفاق مع الولايات المتحدة بشأن مستقبل سوريا على حساب سوريا نفسها أو مصالح موسكو ومبادئها.

بشار الأسد وفلادمير بوتين

وتسائل بوتن في بادئ الأمر: “ماذا تعني بـالصفقة الكبرى؟ يبدو الأمر وكأنه بعض الأعمال التجارية! لا، نحن لا نبيع حلفاءنا أو مصالحنا أو مبادئنا”. على حد تعبيره

وقال إن روسيا مستعدة للتفاوض حول انتقال سياسي في سوريا مع مختلف أصحاب المصلحة، وأضاف: “هل يمكن أن يتم ذلك؟ أعتقد أن ذلك ممكن شريطة أن تكون هناك نوايا حسنة لكل من يشارك في النزاع”.

من هو الحليف الحقيقي لروسيا؟

وعلى الرغم من أن بوتين حاول طمأنة الجمهور بأن بلاده “لا تبيع حلفاءها أو مصالحها أو مبادئها”، إلا أنه لم يوضح فعلياً ما هي تلك المصالح ومن هم أولئك الحلفاء؟

إذ أنه أعرب بسرعة عن استعداده “للتفاوض على سياسة الانتقال في سوريا مع مختلف أصحاب المصلحة “. فيما يبدو أنه إشارة إلى تركيا وإيران والولايات المتحدة وإسرائيل ومصر والأردن، بالإضافة إلى الدول الأوروبية التي أصرّ على أن جميعها “لها مصالح مشروعة فيما يحدث في سوريا”.

كل هذا يتطلب بعض الشرح لأولئك الذين لم يتابعوا خطوات روسيا في سوريا عن كثب على مر السنين ولم يدركوا أنه ليس لدى روسيا مشكلة في رحيل الأسد كجزء من “حل وسط بوساطة موسكو” “بين جميع أصحاب المصلحة المعنيين طالما أنه منظم ويصور على أنه يمثل إرادة الناس.

فلقد أكد وزير الخارجية الروسي “سيرغي لافروف” في ربيع 2016 بأن: “الأسد ليس حليفاً لنا، نحن ندعمه في الحرب ضد الإرهاب وفي الحفاظ على الدولة السورية لكنه ليس حليفنا كما تتحالف تركيا الولايات المتحدة مثلاً”.

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف

وحقيقة الأمر أن روسيا وإسرائيل هما في الواقع الحلفاء الحقيقيين في الوقت الحاضر، ومن المهم بالنسبة لروسيا أن تعرف بالضبط كيف تريد إسرائيل المضي قدماً في عملية التسوية في سوريا، إضافة للعبها مراراً دور الوسيط في التنسيق العسكري والسياسي بين كل من إسرائيل ونظام الأسد.

القمة التاريخية

وستشكل القمة القادمة المرتقبة في القدس مفصلاً مصيرياً لنظام الأسد، وعلى الأرجح ستناقش الأطراف الثلاثة (الولايات المتحدة – روسيا – إسرائيل) تفاصيل مقايضة يعمل بموجبها المحاورون الروس لإبقاء الأسد في منصبه لفترة قصيرة مقابل الانسحاب التدريجي للقوات الإيرانية من سوريا.

وذلك نظراً لأن الأسد “شخصياً” ليس حليفاً لروسيا وليس لدى روسيا أي “مصالح” أو “مبادئ” في إبقائه في منصبه، فإن بوتين لا يملك أي تعهدات للحفاظ عليه، بينما أرسل بوتين وممثلوه أكثر من إشارة كافية للتأكيد على أن إسرائيل هي “الحليف” الإقليمي الحقيقي لروسيا وليس الأسد، وأن “مصالحها” و “مبادئها” تكمن في ضمان أمنها من التهديد الإيراني.

الرئيس الروسي فلادمير بوتين والرئيس الأمريكي دونالد ترامب

على هذا النحو يسهل فهم لماذا تريد روسيا “التفاوض على انتقال سياسي في سوريا مع مختلف أصحاب المصلحة” فأولاً وقبل كل شيء ستكون مصلحة إسرائيل والولايات المتحدة هي الأساس، وهذا يعني أن قمة مستشاري الأمن القومي الثلاثية المقبلة في القدس ستحدد على الأرجح مصير الأسد بطريقة أو بأخرى.

هذا ومن المقرر أن تستضيف مدينة القدس المحتلة يوم غد الاثنين قمة ثلاثية بين مسؤولي الأمن القومي في كل من الولايات المتحدة وروسيا وإسرائيل، لبحث أهم المواضيع الإقليمية وأهمها الملف السوري، فيما يصف بعض المحللين هذه القمة بـ “التاريخية” ويرجح الكثيرين بأنها ستحدد مصير الأسد ونظامه بشكل حاسم.

مدونة هادي العبد الله