تسخير الدين بلا وعي ولا معتقدات راسخة أصيلة كان أداة دائمة لكل سلطات العالم العربي والأنظمة الاستبدادية للسيطرة على الشعوب وتغييب عقولها وبرمجة توجهاتها، ونظام الأسد كان ولا يزال واحداً من طليعة الأنظمة الحاكمة التي نجحت بأدلجة الدين لخدمة مصالحها وتثبيت حكمها.
و”الطرق الصوفية” هي الأداة المفضلة التي يستخدمها النظام السوري وغيره لتسخير الدين في خدمة مصالحه وتوجيه الشعوب المغيبة عن الوعي لصالح أهدافه، بما تحتويه من مبادئ الخضوع لـ “ولي الأمر” وعدم التدخل في شؤون الحكم والسياسية، وفرض الجهل والخرافات والتبعية العمياء للـ “الشيخ”.
أحد أبرز مكرسي الخرافات والصانعين لهالات القداسة المزيفة هو الشيخ “محمود الحوت” المعروف جداً في مدينة حلب، ومدير المدرسة “الكلتاوية” الشرعية في حلب القديمة، والذي لطالما خدم النظام قبل الثورة بتجييش آلاف الناس ضن طريقته الصوفية المتخمة بالخرافات والجهل والتبعية والطاعة العمياء للشيخ وولي الأمر.
ومن قيام الثورة السورية، التزم الحوت بموقف محايد رمادي لا زال ثابتاً عليه إلى الآن، دون أن يصدر منه أي تعليق على مئات الألوف من الضحايا المدنيين السوريين الذين قتلوا تحت آلة الحرب الأسدية الغاشمة، رغم أنه ترك سوريا منذ عام 2012 واستقر في مصر.
إقرأ أيضاً : ظهور كاهن روسي بريف حماة لمباركة القوات الروسية (صور)
الجديد في الأمر – وبعد زيارة خاطفة مثيرة للجدل قام بها الحوت مؤخراً إلى مسقط رأسه حلب – هو جولة يقوم بها الحوت ضمن المدن التركية، بدأها بمدينة أضنة جنوبي البلاد، والتي وصل إليها من مطار بيروت الدولي.
حيث وصل الحوت منذ يومين على أضنة ليتم استقباله بجموع حاشدة من مريديه الذين سارعوا للوقوف صفوفاً لتقبيل يده والتبرك به! بينما توالت ردود فعل غاضبة من مئات اللاجئين السوريين الآخرين الذين اعتبروا زيارته ايعازاً بانطلاق مخطط جديد يستهدف تواجدهم في تركيا وقناعاتهم الراسخة ضد حكم نظام الأسد، وتمهيد الطريق لإعادتهم إلى بيت طاعته.
وفي أضنة كانت “الصوفية” بعنوانها العريض هي المحور الأساسي لحديث الحوت، في حين لم تحضر سوريا بأحداثها الدموية وحاضرها المؤلم ضمن خطبته الدينية، كما غاب اللاجئون أنفسهم الذين حضروا ندوته عن كلماته – باستثناء جمهور مريديه طبعاً – ما عدا ذلك الدعاء الذي ذكرهم فيه كـ”مغتربين عن سوريا” متأملاً عودتهم لها سالمين.
ماهو الهدف ؟
وبينما برر انصار الحوت زيارته إلى تركيا بأن الهدف منها هو إنهاء إجراءات الحج، قالت بعض المصادر بأن روسيا والنظام السوري هما الجهات الداعمة وراء تحركات الحوت الاخيرة، والهدف هو عزم روسيا إعادة هيكلة المؤسسة الدينية السورية على الطريقة التي فعلتها سابقاً في الشيشان، عبر أدلجة المنظومة الدينية تحت سلطة الحاكم، وضمان منع خروجها عن سلطته وقراره.
وأضافت المصادر بأن هدف زيارته الحالية إلى تركيا، هو الرهان على مشروع جديد بمظلة دينية، ومدى قدرته على التأثير بين السوريين، ونسبة الذين سوف يستطيع إقناعهم بالعودة إلى حكم النظام السوري في حلب، مشيرة إلى استغلاله من نظام الحكم كأداة في تنفيذ مخطط يستهدف السوريين في المهجر بشكل عام.
وأشارت المصادر إلى أن روسيا هي من دفعت بشار الأسد للقاء عدد من أئمة الدين في دمشق مؤخراً، بهدف تلميع صورته في الأوساط المحلية وخاصة الدينية، وكذلك تعمد الأسد زيارة رجال الدين من الأقليات، وجمع الجميع تحت حكمه، والاعتماد عليهم في المرحلة المقبلة التي تتمحور حول إعادة حكمه بين عامة السوريين.