تخطى إلى المحتوى

شاب سوري يتخلى عن ألمانيا ويعود إلى إدلب لمساندة الثوار

ليست قصة خيالية ولا مبالغة في المبادئ السامية، بل هي حقيقة وقصة واقعية، فالشوق للوطن والإخلاص لمبادئ الثورة كان فوق أي اعتبار بالنسبة إليه! هكذا عاد السوري “محمد النعيمي” إلى الشمال السوري المحرر بغية مساندة رفاقه الثوار ضد قوات الأسد، قادما من مدينة برلين الألمانية التي قضى فيها ثلاثة سنوات.

وقال محمد في حديث لوكالة “فرانس برس”: “كنت في برلين، أتعلم وأعيش حياة سليمة ولي راتب شهري، لم يكن ينقصني شيء، إلا أنني لم أشعر بالراحة وشوق الوطن لم يفارقني”.

ويستعد الشاب محمد حالياً للالتحاق بجبهات القتال في محافظة إدلب، التي تتعرض لتصعيد من قوات الأسد وحليفتها روسيا منذ نحو ثلاثة أشهر، وذلك بعدما أنهى الأسبوع الماضي دورة تدريب عسكرية لدى إحدى فصائل الثوار.

ويوضح محمد – مرتديا قميصاً قطنياً أسود وسروالاً عسكرياً – بقوله: “ستصبح المقرات العسكرية وجبهات القتال مسكني الآن، وسأعتبرها أفضل من السكن في قصر”.

إقرأ أيضاً : رياضي سوري وابنته يهزمان خصومهما الإيرانين في تركيا ويهديان فوزهما للساروت (فيديو)

الشاب السوري محمد نعيمي بعد عودته لإدلب

وعند بدء الثورة السورية عام 2011، كان محمد تلميذاً يرتاد مدرسته في محافظة القنيطرة التي يتحدر منها، ويستذكر كيف التحق بالتظاهرات ضد نظام الأسد، قبل أن يحمل السلاح إلى جانب الثوار، ويشارك في المعارك التي مكنت الفصائل حينها من السيطرة على الجزء الأكبر من محافظتي القنيطرة ودرعا المجاورة.

وفي عام 2015، وخشية هجوم لقوات الأسد على منطقته، بدأ محمد يشعر بالإحباط وقرر المغادرة، فانتقل بعد رحلة في الصحراء إلى شمال البلاد ثم تركيا، ومن هناك، صعد في قارب تهريب عبر البحر، قاده إلى اليونان ومنها انتقل عبر دول أوروبية عدة وصولاً إلى ألمانيا، حيث عاش مع شقيقيه بهدوء وأمان طوال ثلاث سنوات.

وقال محمد: “بعدما رأيت الحملة الشرسة التي يشنها النظام على إدلب بعد تهجير أهلنا في القنيطرة ودرعا قررت العودة”، ويروي كيف عارضت عائلته قراره بقوله: “منعوني من العودة وحصلت مشاكل بيننا لكنني صممت على العودة إلى إدلب، رغم أن لا أقارب له فيها”.

دورة تدريبية

وخلال مراسم التخرج من الدورة التدريبية التي أجراها، استعرض محمد وزملاؤه عينة من التدريبات التي تلقوها وهم يرتدون ملابس عسكرية ويغطون وجوههم بينما يحملون بنادقهم، وفي حقل واسع أجروا تمارين رماية، وركضوا بين الإطارات المحترقة وقفزوا فوق الحواجز الاسمنتية وفي الخنادق وتسللوا إلى غرف اسمنتية رموا فيها القنابل وكأنهم يواجهون خصومهم.

ويعتبر محمد أنه بعد تخرّجه أنهى “الجزء الصعب”، ويشرح كيف تغيّر روتين حياته من الهدوء في ألمانيا إلى الاستيقاظ باكراً لحمل السلاح وممارسة الرياضة والركض، ويوضح قائلاً: “كانت الحياة في ألمانيا ممتازة، نضجت وتفتحت أفكاري هناك، اعتدت على شيء وعدت لأرى شيئاً آخر”.

ولا يزال محمد يواجه ضغوطاً من والديه اللاجئين إلى لبنان وشقيقيه في ألمانيا حتى يغادر سوريا، إلا أنه يصر على صواب قراره غير آبه بالمخاطر التي قد تحدق به، ويقول: “أحببت ألمانيا، لكن ليس هناك مكان مثل بلدي سوريا”.

ويضيف قائلاً: “لم أندم على هذا القرار، ولو كان هدفي المال لبقيت في ألمانيا حيث كان لي راتب ثابت ومنزل، لكني رجعت إلى بلادي لأعطيها بدلاً من أن تعطيني … سأكمل الطريق حتى النهاية”.

مدونة هادي العبد الله