تخطى إلى المحتوى

السلطات التركية ترحل لاجئين سوريين من إسطنبول إلى إدلب (فيديو)

أثارت الموجة الأخيرة من التطبيقات القانونية الصارمة في الولايات التركية – وتحديداً وبشكل مكثف في ولاية إسطنبول – ضد اللاجئين السوريين سخط واستنكار العديد من الجهات المجتمعية السورية والتركية منها على حد سواء.

إذ تعمل الحكومة التركية على التشديد والتدقيق تجاه كل الأوراق الرسمية لدى السوريين المقيمين على أراضيها والمشمولين بنظام “الحماية المؤقتة”، بدءاً من التدقيق على تواجد بطاقة “الكيمليك” ومدى تطابقها مع مكان الإقامة ومكان الإصدار، وتواجد إذن السفر، ورخص العمل، وغيرها.

المؤسف أن الأمر تطور في ولاية إسطنبول إلى حدود غير مقبولة لا إنسانياً ولا حتى قانونياً، فعوضاً عن إعادة السوريين المخالفين في الإقامة ومكان إصدار الكيمليك إلى ولاياتهم الأصلية، او إعطاء المخالفين مهلة بسيطة لتسوية أمورهم القانونية بطريقة معقولة ومنطقية، قامت دوريات الشرطة التركية باعتقال المخالفين وترحيلهم فوراً إلى الأراضي السورية في الشمال السوري المحرر.

وقد أكد بعد الناشطين أو بعض السوريين الذين تم ترحيلهم على أنهم أجبروا – دون وجود محام او حتى مترجم – على التوقيع على ورقة رسمية قبل ترحيلهم، وسرعان ما تبين بأن هذه الورقة هي إقرار بالتخلي عن ميزة الحماية المؤقتة في تركيا، ومنع من دخول البلاد لمدة خمس سنوات!

وقد أثار هذا التصرف التعسفي استهجان العديد من الجهات الحقوقية والإنسانية والمجتمعية المعنية بالشأن السوري حول العالم، مع تساؤلات بدأت تظهر عما إذا كانت هذه التصرفات تصرفات فردية فقط، أو تصرفات ممنهجة ومقصودة ومصرح بها على أعلى مستوى.

وأياً كان السبب والدافع، فقد ناشدت الهيئات المجتمعية والقانونية والإنسانية الحكومة التركية ومسؤوليها لإعادة النظر في تلك الإجراءات، وإعطاء المخالفين هامشاً من الوقت لتسوية أوضاعهم بطريقة ما، خاصة وأن معظمهم قد عانى كثيراً وصرف الكثير من الوقت والجهد والمال لإيجاد منزل وتجهيزه بالمفروشات المناسبة الأساسية، ناهيك عن ارتباطهم بأعمال يحصلون منها على قوتهم وقوت أسرهم.

أحد الشبان السوريين روى في مقطع فيديو كيف أنه قد تم ترحيله تعسفياً من إسطنبول إلى الشمال السوري رغم أنه يملك بطاقة كيمليك من “هاتاي” ولديه إذن عمل أيضاً، وقد اضطر لترك زوجته – وهي على وشك الولادة – لوحدها دون معين ولا قريب، وفشلت كل طلبات الاسترحام التي قدمها لإعادته إلى الداخل التركي.

كما تناقلت منصات التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر وصول عدد من الشبان السوريين عبر الحدود التركية إلى محافظة إدلب السورية، بعد أن تم ترحيلهم من ولاية إسطنبول في الأيام القليلة الماضية.

الإنسانية أولاً

لقد فر السوريون من نيران الاحتلالات المتعددة التي تحتل بلادهم بعد ان فقدوا كل شيء فيها إلى جارتهم تركيا، التي استقبلتهم منذ البداية بكل صدر رحب، وفتحت لهم حدود بلادها ليتدفق السوريون عبرها بالملايين، وعاشوا فيها خلال السنوات السبع الماضية بكل أمان واطمئنان وتسامح.

بل وكان للسوريين أثر إيجابي على الاقتصاد التركي، بما يعرف عنهم من نشاط وبداهة في العمل والإنتاج، فنشطوا الحركة الاقتصادية في الولايات التي استقروا فيها، وساهموا بدعم اقتصاد البلاد التي فتحت قلبها لهم جميعاً.

لذلك ينتظر أولئك السوريون الآن على أحر من الجمر بأن تعيد الحكومة التركية النظر في أحاكمها القانونية تجاه السوريين، بمنحهم معاملة قانونية وإنسانية عادلة، والتهاون قليلاً مع المخالفين بما يسمح لهم بتعديل أوضاعهم قدر المستطاع، مع الأخذ بعين الاعتبار أوضاعهم الإنسانية والأحوال الاقتصادية المحدودة لكثير منهم، ويبدو أن الأيام القادمة ستحمل الكثير من الأخبار الجيدة.

مدونة هادي العبد الله