إن نسبة صغيرة فقط من مؤيدي نظام الأسد وأبناء مناطق قاعدته الشعبية الواسعة في الساحل السوري هم من استفادوا من الميزات المادية او المعنوية، سواءً في تكوين الثروات أو الارتقاء في المناصب، أما السمة العامة لمناطق القاعدة الشعبية لنظام الأسد، فقد أجمع الكل على أن غالبيتها تعاني من الفـ.قر والجـ.وع والخسارات البشرية المتوالية.
وتكشف المقابلات المتكررة مع أفراد من مجتمع القاعدة الشعبية المؤيدة لنظام الأسد عن استيائهم الشديد من النظام، لكن هذا الاستياء يخففه الاعتقاد السائد بأن أي تـ.هديد للنظام وأعوانه سوف ياتي عليهم.
وتشكل الطائفة العلوية غالبية القاعدة الشعبية المؤيدة للنظام في قرة ومدن الساحل السوري، ويشكلون حوالي 10 بالمئة من الشعب السوري، وكانوا قد وقف معظمهم إلى جوار نظام الأسد في قمع الثورة السورية منذ بداياتها عام 2011، اما اليوم، وبعد خساراتهم الكبيرة وعدم إيجادهم لأي فائدة من كل تضحياتهم التي قدموها، تقوم الطائفة بإعادة تقييم مواقفها رغم “النصر” المزعوم.
وقد أدى اعتماد النظام الشديد على العلويين في وحدات الجيش والميليشيات التي تم إرسالها إلى الخطوط الأمامية إلى خسائر غير متناسبة في شباب الطائفة، بالإضافة إلى ذلك فقد عزز الفساد والربح الحربي اللذان استفاد منهما بشكل رئيسي ضباط النظام رفيعو المستوى صورة العلويين على أنهم أغنياء وفاسدون في نظر باقي شرائح المجتمع السوري.
إقرأ أيضاً : عناصر إيران في سوريا إلى البطاطا والبيض
وقد يكون هذا صحيحاً بالنسبة إلى عدد قليل جداً من أبناء هذه الطائفة، أما غالبيتها العظمى، فالواحد منهم “لا يملك ثمن حذاء” على حد تعبير أحد أبناء الطائفة الساخطين والمحتجين على ما آلت إليه الأوضاع.
تدهورت العلاقات بين العلويين والأغلبية السنية بشكل كبير، ونتيجة لذلك زاد شعور العلويين بعدم الأمان، فلقد رأى النظام أن المجتمع العلوي هو كبش الفداء الذي لم يكن أمامه خيار سوى القتـ.ال إذا أرادوا النجاة من الهاوية التي يتم دفعهم إليها.
أعداد كبيرة من الضحايا
ولقد توقف النظام عن نشر الإحصائيات بشأن الإصابات في صفوفه في وقت مبكر من الحرب، لكن “غريغوري ووترز” الباحث في مركز حقوق الإنسان بكلية بيركلي للقانون يقدر أن عشرات الآلاف من الرجال العلويين قُتلوا في المعارك من أجل النظام، وأصيب عشرات الآلاف بجروح خطيرة، مما أدى إلى إعاقات تحول دون مشاركتهم في القوى العاملة.
وعلى نقيض الغالبية السنية في سوريا، فإن العلويين لا يستطيعون تحمل تكاليف الهجرة أو الالتحاق بالجامعة لتأجيل خدمتهم أو جعلها بوظائف غير قتالية، كما أثرت الحرب على الصحة العقلية للمجتمع العلوي، إذ تفشى تعاطي المخدرات والكحول بشكل خاص بين الأشخاص الذين يعانون من إعاقات عقلية وجسدية نتيجة للحرب.
وعلى الرغم من تمثيل العلويين في النخبة الحاكمة إلا أن هذا لا يترجم إلى تخفيف ظروفهم الصعبة، فأولئك الذين تربطهم صلات بالعائلة الحاكمة سواء من خلال التعاملات القبلية أو التجارية أغنياء، بينما يعيش معظم العلويين في قرى متخلفة تحت ظروف ممعنة في الفقر والحرمان.