يتزايد الاهتمام الدولي والتركيز العالمي مؤخراً على المنطقة الآمنة المزمع عقدها على الشريط الشمالي لسوريا والمحاذي لتركيا، بحيث بات ملف المنطقة الآمنة في سوريا طاغياً ومقدماً على ملف إدلب الذي شغل العالم في الشهرين الماضيين، بالرغم من كونه لا يزال مشتعلاً وقائماً.
وقد كشف تقرير لموقع “المونيتور” الأمريكي للدراسات والتقارير السياسية، بأن الولايات المتحدة وتركيا تتفاوضان على عدة نقاط مثيرة للجدل متعلقة بالمنطقة الآمنة المتوقع إنشاؤها في شمال سوريا، إذ ينخرط البلدان في محادثات مستمرة منذ عام تقريباً للاتفاق على إنشاء المنطقة الآمنة التي من المفترض أن تقام ضمن مثلث “عين العرب – تل أبيض – عين عيسى” بجوار “منبج” شرقي حلب.
ومع بدء تركيا بحشد قواتها على الحدود السورية التركية لفرض المنطقة الآمنة وحماياتها بالقوة، إلا أن هذه العملية العسكرية لن تكون شبيهة بعملية “درع الفرات” أو “غصن الزيتون”، بل ستكون دفاعية وشبيهة بنقاط المراقبة التركية الـ 12 المتواجدة داخل إدلب.
إقرأ أيضاً : لن تسيطروا على إدلب وعليكم التفاوض رسالة قوية من جيفري للأسد وروسيا
ومن المفترض ان تؤدي العملية المقبلة إلى وضع شبيه بالوضع الحالي في منبج، حيث تتواجد دوريات مشتركة بين الجيش التركي والامريكي لمراقبة المنطقة التي تسيطر عليها ميليشيا “قسد” ولكن عدة خلافات بين تركيا والميليشيا المذكورة تجعل من الصعب للغاية التوصل لنموذج منبج في المنطقة العازلة المقبلة.
وبحسب المصادر، تمكن “جيمس جيفري” المبعوث الأمريكي إلى سوريا من إقناع المسؤولين في ميليشيا قسد بإنشاء منطقة عازلة مع وجود بعض النقاشات التي لم يتم إيجاد حلول لها، ومن بين هذه النقاط مساحة المنطقة العازلة نفسها، إذ ترغب تركيا بأن تبدأ من جرابلس إلى تل ابيض بعمق 40 كم، مع إبعاد السلاح الثقيل لميليشيا قسد إلى مسافة 20 كم إضافية عن المنطقة.
أما ميليشيا قسد فلا زالت تجادل بهذا الصدد، وتصر على ألا يتجاوز عمق المنطقة 10 كم كحد أقصى وألا تشمل عين العرب وتل أبيض وعين عيسى في صورة تقريبية للوضع في منبج.
شروط متباينة
كما تسعى تركيا للسيطرة الكاملة على المجال الجوي فوق المنطقة العازلة، وترغب في إبعاد السيطرة الجوية التي تمتلكها الولايات المتحدة شمال شرق سوريا، أما ميليشيا قسد فتريد العكس، وتصر على ان تكون السيطرة الجوية المطلقة للولايات المتحدة لإبعاد أي هجمات جوية تركية قد تستهدفها مستقبلاً.
كما ترى تركيا بأنه من المستحيل إقامة منطقة عازلة بدون الحصول على المساعدة من فصائل الجيش الحر، ولكن ميليشيا قسد ترفض هذا الطلب ولا ترغب بوجود أي عنصر من الفصائل في المناطق الحضرية التي تسيطر عليها.
ويعتقد أن الهدف الحقيقي للقوات الأوروبية التي من المفترض أن تتواجد في المنطقة العازلة هو مراقبة خط وقف إطلاق النار حيث يستحيل تشكيل دوريات مشتركة بين تركيا والولايات المتحدة بسبب حجم المنطقة وخطورتها، ومن غير المعروف مدى تقبل الولايات المتحدة للمصالح التركية المتباينة، إلا أن الشهر القادم يبدو حاسماً بالنسبة لتركيا خصوصاً في المدن الثلاث التي تجري النقاشات حولها.