تخطى إلى المحتوى

فصائل الثورة تحطم سياسة “دبيب النمل” وجبروت الروس والأسد

منذ أن بدأ جيش نظام الأسد وميليشياته باتباع تكتيك “دبيب النمل” في قضم المناطق المحررة الواحدة تلو الأخرى بتوجيه وإشراف ودعم روسي، أصبح من الثابت في أذهان الجميع بأن هذه السياسة لن تخيب، وأن النظام سيتمكن بواسطتها من نيل كل ما يريد، حتى ولو أراد تركيع آخر قلاع الثوار في سوريا … محافظة إدلب ومحيطها من أرياف المحافظات المجاورة.

إلا أن إدلب كسرت كل المعادلات وغيرت كل المواقف المسبقة والآراء الجاهزة، وها هو نظام الأسد وحلفاؤه بعد ثلاثة أشهر من المعارك ، لم ينجح بالتقدم، ولم ينجز أي شيء، بل وتتهاوى قواته بالجملة أمام صمود الفصائل على الجبهات.

ومنذ البداية، صرح مسؤولون إيرانيون وروس بأنهم سيسيطرون على إدلب عن طريق سياسة “دبيب النمل”، حيث يسيطرون على مناطق صغيرة نسبياً إلى حجم المحرر ثم يستريحون وبعدها يكملون المعارك للسيطرة على نقاط أخرى حتى إنهاء إدلب بشكل كامل.

وهكذا أطلقوا معركتهم منذ ما يقارب الأشهر الثلاثة للسيطرة على سهل الغاب وتلال كبانة تحت ذريعة حماية قاعدة حميميم من صواريخ “الجماعات المسلحة” على حد زعمهم، وبدأوا بالتمهيد على القرى الجنوبية لإدلب والشمالية لحماة وعلى قرى جبليّ الأكراد والتركمان، ما زاد معاناة المدنيين في شهر رمضان ليتكبدوا عناء نزوح جديد من مناطقهم نحو الشمال.

إقرأ ايضاً : صحيفة روسية تعترف بفشل جيش الأسد وانهيار معنوياته

أمام سياسة “دبيب النمل” كان لا بد للثوار من ابتكار تكتيك جديد للمعارك وعدم اتخاذ أساليب تقليدية أثبتت فشلها في بقية المناطق ولهذا كانت المعارك في الشمال مختلفة بسبب تعلم الثوار من الأخطاء والاستراتيجيات السابقة، فما حدث في حلب والغوطة كان درساً قاسياً، إذ لا مجال اليوم للاقتتال أو اقتسام المحرر فيما بينهم لأن الخطر يداهم الجميع.

ولهذا عمد الثوار إلى تكتيك معارك مختلف عن سابقاته فلم يعد الثوار يتشبثون بنقطة في سبيل عدم ضياعها وخسارة عشرات المقاتلين في معركة خاسرة، حيث إن النظام سيحرق الأرض ويدمر كل شيء للسيطرة على هذه النقاط فقاموا بالعمل بشكل مختلف وهو حرب العصابات والكر والفر.

عناصر من جيش العزة التابع للجيش السوري الحر في ريف حماة الشمالي

فنراهم ينسحبون من أراضي كثيرة دون نزيف دماء، ليعاودوا السيطرة عليها في الليل ويقتلون العشرات من قوات النظام، ثم يهاجمون نقاطاً على جبهات أخرى يريد النظام لها البقاء محيّدة، فيقتلون عناصر النظام وينسحبون بعد إنهاك النظام وتشتيته وتكبيده خسائر فادحة في الأرواح والعتاد.

كسر العظم!

وقد خسر النظام خلال الشهر الماضي نحو ألف مقاتل معظمهم موثقون في صفحات النظام على وسائل التواصل، إضافة إلى آلاف الجرحى وعشرات الآليات العسكرية والمدرعات، ناهيك عن إسقاط الثوار طائرات حربية بصواريخ مضادة للطائرات واستخدم الثوار مئات صواريخ “التاو والكونكورس” لاستهداف آليات النظام وعناصره.

إذاً فقد اختلف تكتيك الفصائل الثورية في إدلب عما حدث مسبقاً في حلب والغوطة، حيث كان التنازع والتناحر بينهم حتى خروجهم بالباصات، أما اليوم فهم في خندق واحد يوزعون قوتهم على حسب الحاجة في كل قطاع، لا يهمهم اسم فصيل أو قائد، يعملون بصمت في غرفة عمليات مشتركة تتجنب إصدار الأخبار أو الأشرطة المصورة إلا وفق الضرورة، وتتحكم بسير المعركة وفق ما تريد.

مدونة هادي العبد الله