لا مبالغة ابداً في القول بأن أوضاع اللاجئين السوريين في لبنان هي الأسوأ من بين كل البلدان الأخرى التي تستضيف اللاجئين السوريين في العالم كله، فمع إجراءات حكومية جديدة، ومع تضييق من بعض البلديات والأجهزة الأمنية، ومع المعاملة العنصرية من بعض الفئات الشعبية، باتت حياة السوريين في لبنان أشبه بالكـ.ابوس.
وفي آخر مظاهر الكابوس العنصري الذي يحياه السوريون في لبنان، أصدرت بلدية “راسمسقا” شمال لبنان اليوم تعميماً طالبت فيه أهالي البلدة القديمة بإخلاء منازلهم المؤجرة للنازحين السوريين ضمن مهلة أقصاها منتصف الشهر القادم.
وجاء في نص البلاغ: “عطفاً على قرار بلدية راسمسقا رقم 79 تاريخ 23-7-2019، والقاضي بمنع سكن وتأجير المنازل، والمحلات، والمصانع، وورش البناء، للسوريين ضمن نطاق البلدة القديمة، يطلب منكم العمل فورًا على إخلاء عقاراتكم من الشاغلين السوريين، وذلك بمهلة أقصاها يوم الخميس الواقع في 15-8-2019”.
وهدد البلاغ المخالفين لأوامر الإخلاء ضمن المهلة المحددة باتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة دون ذكر نوعية الإجراءات أو درجتها.
إقرأ أيضاً : إجراءات صارمة من قبل السلطات اللبنانية بحق السوريين في عرسال ولبنان (صور)
وواجه ناشطون لبنانيون وسوريون بلاغ بلدية راسمسقا بالسخط والاستنكار على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تداول الناشطون صورة بلاغ البلدية واصفين تصرفها بالعنصري، ولافتين إلى أنَّ البلدية تحاول مسابقة بلديات أخرى كبلدية “الحدث” بالتصرفات العنصرية ضد النازحين السوريين.
وفي وقت سابق من الشهر الماضي قررت بلدية منطقة “عرسال” هدم الغرف التي بناها السوريون في المخيمات المخصصة لهم، بحجة محاربة التوطين وفكرة البقاء الكامل للسوري، ولكي يشعر السوري دائماً أنه في دولة فيها قانون على حد زعم المسؤولين.
وكانت صحيفة “الغارديان” البريطانية قد أشارت في وقت سابق إلى إن السلطات اللبنانية شنت حملة على اللاجئين السوريين أجبرت من خلالها خمسة آلاف عائلة على هدم منازلها، وذلك في إطار الضغط اللبناني على اللاجئين للعودة إلى بلادهم.
آلاف اللاجئين المهددين
وأضافت الصحيفة في تقرير لها بأن بلدة عرسال الحدودية بين لبنان وسوريا التي تحوي الآلاف من اللاجئين السوريين، دخلت في سباق مع الزمن، حيث نفذ شباب من أهالي المخيم عملية هدم وتفكيك للمنازل المؤقتة خوفاً من ان يقوم الجيش بترحيلهم.
ويستضيف لبنان حوالي مليون ونصف مليون لاجئ سوري، ويشكو من أنهم يمثلون “ضغطاً على موارده المحدودة” كما يدعي مسؤولوه الرافضون لوجود السوريين، رغم كون الأمم المتحدة والمنظمات الدولية تتحمل كامل مسؤولية رعاية اللاجئين على الأراضي اللبنانية، بل وتساعد الحكومة ذاتها أيضاً في هذا الصدد.