مع استمرار الخلاف بشأن ما يسمى “باللجنة الدستورية” التي تسوّق لها روسيا على أنها مفتاح الخلاص لحل القضية السورية، بدأت أصوات المفكرين والناشطين السوريين تتعالى حول جدوى هذه اللجنة أساساً وفائدتها للسعب السوري وأحلامه بالحرية والعدالة والتغيير الحقيقي.
وفي هذا الشأن، قال الإعلامي السوري الدكتور “فيصل القاسم” بأن المتلاعبين بمصير سوريا وشعبها سيظلون يماطلون ويضحكون على السوريين بلعبة الدستور السخيفة، واصفاً الأمر بـ “المسرحية”.
وأتى هذا الرأي لفيصل القاسم ضمن مقال نشره يوم أمس الجمعة في صحيفة “القدس العربي” تحت عنوان “من أجل سوريا يحتاج تعديل الدستور سنوات ومن أجل بشار دقائق”.
وأضاف القاسم قائلاً: “الشعب السوري دفع تضحيات لم يدفعها أي شعب في العالم من ملايين الشهداء والمشردين واللاجئين من أجل دستور يخدم مصالحه لا مصالح الطغمة الحاكمة، لهذا ما زال النظام وكفلاؤه الروس يماطلون مع القوى السورية المطالبة بدستور جديد من أجل سوريا وشعبها”.
إقرأ أيضاً : الأسد وبوتين يكذبان! هكذا علّقت إحدى الصحف البريطانية
وتابع بقوله: “تعالوا نقارن الآن عملية تعديل الدستور السوري في مجلس الشعب من أجل بشار بعملية تعديل الدستور السوري من أجل سوريا وشعبها، فمن أجل بشار جرى التعديل بكل يسر وسهولة، أما من أجل السوريين والوطن فما زال الدستور يواجه ألف عثرة وعثرة منذ بداية الثورة”.
وتساءل القاسم: “ما فائدة أن يتم وضع دستور جديد لسوريا حتى لو كان في صالح الشعب لا في صالح النظام؟ هل قامت الثورة أصلاً من أجل دستور جديد؟ لا نعتقد مطلقاً، فالدستور السوري القديم يصلح لأن يحكم سويسرا بعد تعديل بعض المواد البسيطة الخاصة بصلاحيات رئيس الجمهورية وأجهزة الأمن”.
واستطرد قائلاً: “السوريون جميعاً يعلمون بأن الدستور مجرد كراس لا قيمة له، لأن النظام يحكم سوريا منذ عقود بقوانين الطوارئ، وبالتالي يستطيع أي عنصر أمن أن يدوس الدستور وكل القوانين الدستورية، بمباركة من رئيس الجمهورية الذي أعطى للمخابرات التي تحمي نظامه صلاحيات أسطورية، ومنع أي جهة مدنية أو قضائية أن تقاضيها، وبالتالي صار عنصر الأمن أقوى من أي دستور”.
وتابع لقاسم بقوله: “لو كان الدستور الجديد مهماً فعلاً، لما عمل المحتلون الروس والإيرانيون والأمريكيون والإسرائيليون على إعادة تأهيل النظام وأجهزته الأمنية، ما فائدة الدستور حتى لو كان نسخة عن جمهورية أفلاطون إذا كان النظام وكفلاؤه يريدون إعادة سوريا والسوريين إلى تحت أحذية أجهزة المخابرات وكلابها ووحوشها؟”.
مهزلة حقيقية
وختم قائلاً: “لن يشيل الدستور العتيد الزير من البير، ولا يعول عليه في أي عملية تغيير، ولا معنى لأي دستور مقبل دون ثقافة دستورية، ودولة وأجهزة تحترم القانون وتصون الدستور، وطالما بقي نفس هذا النهج الفاشي البربري الوحشي الإقصائي ونفس هؤلاء الذين داسوا على القانون والدستور لعقود وعقود، فلا معنى ولا قيمة لأي قانون ودستور”.
هذا وتستمر مهزلة اللجنة الدستورية والخلافات البيزنطية بشأن تشكيلها رغم السيطرة الواضحة لروسيا على كل ما له علاقة بهذه اللجنة وشخوصها من كافة الأطياف، ويتم التسويق لها على أنها الحل الوحيد ومفتاح الخلاص للسوريين، رغم أنها لم تفعل شيئاً إلا إنها ستعيد تعويم نظام الأسد بصورة جديدة مناسبة لعودته إلى حصن المجتمع الدولي، لا أكثر ولا أقل.