لا شك بأن الأحداث المتصاعدة بشكل مقلق في محافظة إدلب مؤخراً تشكل ملفاً حساساً للجانب التركي، بكل ما في ذلك من سناريوهات وتوقعات باجتياح لقوات النظام وميليشياته لمساحة جغرافية ملاصقة للحدود التركية يقطنها ثلاثة ملايين مدني معارضين لهذه القوات والميليشيات، وبكل ما في هذا الأمر من تبعات إنسانية وسياسية.
وفي هذا الصدد، رأى الخبير في القانون الدولي والعلاقات الدولية “سمير صالحة” بأن تعقيدات المشهد في محافظة إدلب شمال غربي سوريا، ستدفع بتركيا نحو الخيارات الصعبة لكيلا تقع في مطب الخيارات الأصعب، على حد تعبيره.
وأكّد صالحة في مقال نشره على موقع “تلفزيون سوريا” بأن النظام في سوريا لم يكن ليتحرك باتجاه تفجير الوضع على جبهات إدلب ومحيطها دون ضوء أخضر روسي وموافقة إيرانية.
وأضاف: “الذي يجري في الأسابيع الأخيرة هو أبعد من أن يكون قراراً روسياً إيرانياً مشتركاً بخوض المعارك ضد حلفاء تركيا رداً على التفاهمات التركية الأميركية في شرق الفرات”.
وقال صالحة بأن تركيا تريد تفعيل دور الفصائل الثورية في إدلب لكي تدير شؤون المنطقة بنفس الطريقة التي اتبعتها في مناطق ريف حلب الشمالي بعد عمليتي درع الفرات وغصن الزيتون، لكن الوحدات الخاصة الروسية وقوات النظام والميليشيات الإيرانية تريد غير ذلك، لهذا فاجأتها بخروقات القضم الجغرافي للاقتراب أكثر فأكثر من حدودها الجنوبية.
إقرأ أيضاً : ضابط تركي يصرح بأن إدلب تحت الوصاية التركية وأن بلاده ستتحرك عسكريا لحمايتها!
وأوضح بأن روسيا غاضبة لأن العسكريين الأتراك والأميركيين يلتقون يومياً في غرفة العمليات المشتركة لبحث سبل إنشاء المنطقة الآمنة وجعلها “ممراً للسلام”.
وقال صالحة بأن ما يغيط روسيا أيضاً هو احتمال حدوث تفاهمات تركية أميركية في منطقة فشلت روسيا في إنجاز أي تقدم سياسي وعسكري فيها، بل إن روسيا تلقت الضربة الميدانية الموجعة عندما حاولت تحريك قوات النظام هناك فدمرتها المقاتلات الأميركية خلال دقائق.
وأضاف: “تعقيدات المشهد في إدلب ستدفع تركيا نحو الخيارات الصعبة لكيلا تقع في مطب الخيارات الأصعب، هي تأخرت في حسم موضوع هيئة تحرير الشام، لكنها لا تريد أن تغامر بتحمل أعباء خسائر أكبر”.
وتابع صالحة بقوله بأن إشعال كل الجبهات السياسية والعسكرية هو بين الخيارات الأقرب اليوم طالما أن النظام وحلفاءه يريدون ذلك، ولكيلا تفقد تركيا ما بنته في الأعوام الأخيرة من تحالفات وإنجازات ميدانية.
الاختبار الأصعب
وقال أيضاً: “إدلب تتحول يوما بعد آخر إلى ساحة الاختبار الجديد لمسار ومصداقية الكثير من التحالفات والاصطفافات المحلية والإقليمية، حصة أنقرة هنا هي الإسراع في حسم موقفها وأخذ مكانها في ساحة الخطط البديلة، وإلا ما معنى الإعلان عن تشكيل أكبر كيان عسكري يضم نحو 100 ألف مقاتل تحت مسمى (الجبهة الوطنية للتحرير) بدعم من تركيا؟”.
وختم صالحة بقوله بأن فرص تركيا في شمال سوريا مرتبطة بعد الآن بقدرتها على تحريك سيناريو التقارب والانسجام أو التباعد والتنافر الأميركي الروسي بما يحمي دائما مصالحها هناك، غير ذلك يعني تقدم سيناريو التوافقات الأميركية الروسية على حساب الجميع وبينهم تركيا في سوريا.