ربما بات من الطبيعي أن يسمع السوريون أخبار ضباط النظام وطياريه الذين يلقون بالحمم على رؤوس الأبرياء من الشعب السوري، على اعتبار أن معظمهم يتبعون لنفس الفئة التي تنتمي إليها عائلة “الأسد” ، والتي اعتادت أن تعتبر باقي أطياف الشعب السوري وغالبيته مجرد خدم لا قيمة لحياتهم على الإطلاق.
أما أن نسمع عن طيار ينتمي لتلك الغالبية الساحقة من الشعب السوري، بل ويقوم بقصف بلدته نفسها وإلقاء نيران الموت على أهله والناس الذين تربى وكبر بينهم، فهذه سابقة أكدت ولازالت تؤكد بأن الحرب في سوريا ليست طائفية في الأساس، وان مؤيدي هذا النظام لا علاقة لهم بطائفة معينة، وإنما هو مرض في النفوس وحقد!
“حمزة عبد الرزاق جلول” مثال للطيار الذي اختار أن يترك أهله الثائرين في محافظة إدلب لينتسب إلى المعسكر المضاد مع نظام الأسد، مشاركاً إياه عن سبق الإصرار والترصد في قـ.تل أبناء شعبه وبلدته والتلذذ والتفاخر بذلك.
وقد تناقل ناشطون مقطع فيديو قام هذا الطيار بتسجيله من قلب طائرته المروحية، أثناء تحليقه فوق البلدة التي ينتمي إليها، ألا وهي بلدة “الهبيط” بريف إدلب الجنوبي، ليقوم بإلقاء البراميل فوقها وهو في قمة السعادة والفخر!
وبالترافق مع الفيديو، وعلى وقع أغنية تشبه اللطمية في ألحانها وبشاعة صوت من يؤديها، يفتخر الطيار “حمزة عبد الرزاق الجلول” من وسط مروحيته الحربية بقصف بلدته بالبراميل، فيما كلمات الأغنية القبيحة تخاطب “أبو حافظ الغالي وابن الغالي” بأن “لا يهتم”!
إقرأ أيضاً : مجلة أمريكية تتهم الأمم المتحدة بمساعدة النظام وروسيا في استهداف المستشفيات
مقطع أثار في أهل إدلب – والهبيط خصوصاً – مشاعر الاشمئزاز والغضب من هذا الانحطاط والسفالة، وأعاد تذكيرهم بالتقسيم الصحيح في سوريا، حيث ليس هناك سوى طائفتين لا أكثر: طائفة النظام والقتل، وطائفة الثورة والحرية.
هذا ويشن نظام الأسد وحلفاؤه الروس والإيرانيون حملة تصعيد غير مسبوق ضد محافظة إدلب السورية ومحيطها من أرياف حلب وحماة واللاذقية منذ أواخر شهر نيسان أبريل الماضي، وبالرغم من المحادثات السياسية الأخيرة ضمن سلسلة “أستانا”، إلا أن الحملة ازدادت شدة خلال الأسبوعين المنصرمين.
ضحايا ومشردون ودمار هائل
وفي هذا السياق، وثَّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان 843 مدنياً كضحايا لهذه الحملة التصعيدية الغاشمة، بينهم 223 طفلاً، و152 سيدة، كما تسبَّبت هجمات نظام الأسد وحلفاءه بما لا يقل عن 381 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنيَّة، من بينها 82 على أماكن عبادة، و112 على مدارس، و48 على منشآت طبية، و39 على مراكز للدفاع المدني.
كما تسبب هذا التصعيد العسكري بتشريد ما لا يقل عن نصف مليون شخص من مناطق مختلفة في ريفي إدلب وحماة، وبالأخص في مناطق الاشتباك الساخنة بريف حماة الشمالي وما يقابلها من ريف إدلب الجنوبي، ومعظم النازحين اضطروا للجوء إلى الحقول والغابات القريبة ونصبوا خيماً مرتجلة في العراء، دون أي مأوى فعلي أو مرافق خدمية.