تخطى إلى المحتوى

فريق صحفي أمريكي بقوم بجولة في مناطق سيطرة الأسد ويكشف واقع الحياة داخلها

قامت سياسة نظام الأسد من اندلاع الثورة السورية على منع الشبكات الصحفية والإعلامية العربية والعالمية من دخول الأراضي السورية، لكيلا تنكشف ممارساته ضد الشعب السوري أمام العالم، معتمداً فقط على منصاته الإعلامية المحلية الموالية، وما يقابلها من منصات إعلامية تابعة لحلفاءه.

وبعد سنوات طويلة من المنع والقمع، قالت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية بأن نظام الأسد منح ثلاثة صحفيين فيها إذناً للدخول إلى سوريا، وذلك بعد نحو ستة أشهر من تاريخ تقديم طلب الزيارة، وبعد رفض متكرر لدخول وسائل الإعلام الأجنبية إلى المناطق الخاضعة لسيطرته.

ومع ذلك لم تكن التأشيرة بمثابة إذن للتجول في الداخل السوري بحرية، إذ صاحب فريق نيويورك تايمز المكون من ثلاثة أشخاص، عناصر تابعة للأجهزة الأمنية الأسدية، وقال أحد أعضاء الفريق الأمريكي فيما بعد: “كانت العناصر الأمنية في كل مكان، أحياناً يدّعون بأنهم صحفيين للتمويه، وتواجدوا في كل النقاشات التي أجرتها الصحيفة مع السوريين في الداخل”.

وقالت الصحيفة في تقرير لها صدر لاحقاً عن هذه الزيارة بأن الوجود الأمني المكثف كان واضحاً ضمن آراء الناس، حيث حمّلوا العقوبات الأمريكية مسؤولية الانهيار الاقتصادي، ولم يجرؤ أحدهم على لوم النظام وفساده وإجرامه.

إقرأ أيضاً : موالون في الساحل السوري يشتكون النظام لقاعدة حميميم

كما حاول البعض إظهار الحياة التي تعود إلى طبيعتها، وهذا ممكن في العاصمة دمشق التي لم تشهد أضراراً مادية كبيرة، إلا أن المشهد باتجاه “دوما” كان كافياً لإظهار واقع سوريا ما بعد الحرب.

وفي الطريق من دمشق إلى دوما، يبدو المشهد وكأن المدينة تحولت إلى رماد كرماد السجائر، مبانٍ مهدمة، وساحات فارغة، وأبواب كلها غبار، ومآذن تبدو ظاهرة من تحت الأنقاض، على حد وصف الصحيفة.

حاجز لقوات الأسد دمشق

ووسط تلال من الأنقاض، تظهر بعض الأقمشة التي كانت في يوم من الأيام تنتمي للعوائل التي تركت المدنية، وفي إحدى الشوارع كانت تلعب مجموعة من الأطفال، وقابل فريق الصحيفة هناك عائلة فقدت 20 فرداً منها، حيث يقوم كل من الجد والجدة بتربية 11 حفيداً يتيماً في مبنى مهجور.

يجلس أحد الأحفاد الذي يبلغ من العمر 9 سنوات على الأرض، يمسح عيونه المليئة بالدمع باستمرار، ويضع وجهه على الوسادة، قالت الجدة شارحة وضع حفيدها بأنه لا يبكي لفقدان أبيه، إنما بسبب عمله، حيث يعمل في ورشة للحدادة، ويحصل على أجر يكفي لإطعامه، تزعجه المواد الكيماوية وتسبب له الحساسية ولكن بدون عمل لا يوجد طعام.

فقر وخوف ، ودمار لا متناهٍ

أما في اللاذقية فقد كان الوضع كان مختلفاً كما وصف فريق الصحيفة الأمريكية، فهناك تقطن الأقلية العلوية التي حاربت إلى جانب النظام، وقدمت قتلى صورهم في كل مكان على أعمدة الشوارع، وعند سؤال أحد آباء القتلى إن كان فعلاً يستحق الأمر التضحية بابنه رد بالقول “أي شيء من أجل سوريا” أجاب وعيناه تتجهان تجاه الضابط المرافق الذي هز رأسه موافقاً.

ومع كل هذه الخسائر البشرية، تعاني معظم عوائل القتلى من الفقر، وقد اشتكوا من عدم قدرتهم على شراء حليب الأطفال والمواد الغذائية الأساسية، وقالوا بأنهم توقفوا عن زيارة الجزار لشراء اللحم منذ زمن بعيد!

أما في حلب، فما تزال المدينة تعاني بسبب دمار البنية التحتية، ويعتمد الناس على المولدات الكهربائية، مع عدم وجود إعادة إعمار إلا ضمن المبادرات الفردية.

وختمت الصحيفة تقريرها بالقول: ومع كل هذه المشاهد المأساوية على امتداد الأرض السورية من أقصاها إلى أقصاها، يسوق النظام على أنه “انتصر”، ولكن كيف يبدو النصر مع ما لا يقل عن نصف مليون قتيل و11 مليون شخص تركوا منازلهم ومدناً لم يبقَ منها إلا الركام، وشوارع تحولت إلى أشباح؟

مدونة هادي العبد الله