بينما تستمر الحملة العسكرية لنظام الأسد والاحتلال الروسي على مدن وقرى ريفي إدلب وحماة، وبينما تتزايد أعداد الشهداء وتتوارد الصور والأحداث تباعاً، تبقى مأسـ.اة النازحين منزوية بنفسها في جانب مظلم وأكثر ألـ.ماً وأشد خـ.طراً على المدى القريب.
فمع وجود أكثر من ثلاثة ملايين انسان في هذا الحيز الجغرافي الضيق من الأرض السورية، ومع القـ.صف الممنهج المركز الذي يقوم به الأسد وحلفاؤه، فرّ مئات الآلاف من المدنيين من نقاط القـ.صف وخطوط المواجهة والتقدم المستمر لقوات الأسد وميليشياته.
ورغم توقيع اتفاق سوتشي منذ ما يقارب العام، والذي نص على خفض التصعيد ووقف إطلاق النار في إدلب ومحيطها، إلا أن فرق الاستجابة والمنظمات الإغاثية أحصت قرابة “المليون نازح” ممن أجبروا على الهرب من بيوتهم، منذ توقيع هذا الاتفاق الذي لم يفضِ لأي شيء.
ووفقاً لفريق “منسقو الاستجابة” فإن أعداد النازحين خلال الحملات العسكرية المتكررة على ريفي إدلب الجنوبي وحماة الشمالي بلغت ما يقارب المليون نسمة، وذلك على ثلاثة مراحل:
الحملة العسكرية الاولى والتي بدأت في تشرين الأول 2018 حيث بلغ عدد النازحين 37245 نسمة، الحملة العسكرية الثانية والتي بدأت في كانون الأول 2018 حيث بلغ عدد النازحين 41367 نسمة
الحملة العسكرية الثالثة والتي بدأت في شباط 2019 ولازالت مستمرة، فكانت أعداد النازحين موزعة على فترتين زمنيتين، الأولى من 2 شباط وحتى وقف إطلاق النار 728799 نسمة، والثانية منذ خرق وقف إطلاق النار وحتى 21 آب 197574 نسمة.
إقرأ ايضاً : قصرنا بواجبكم! هادي العبد الله يروي قصته مع أحد النازحين
وهكذا يكون مجموع جميع المراحل: 926373 نسمة، أي ما يقارب المليون، علماً بأن هذه الإحصائية قد مضى عليها أسبوعان تقريباً، والعدد يزداد بشكل تصاعدي سريع في كل لحظة، وهو مرشح ليصل إلى ما هو أكثر من ذلك بكثير جداً.
وبالقرب من الحدود السورية التركية، مفترشين الأرض وملتحفين السماء، وتحت خيم مرتجلة مثبتة بأشجار الزيتون، تنتشر آلاف العائلات السورية الهاربة من جحيم القصف والتي لم تجد من مأوى إلا هذه الحقول، مفتقرين لأدنى مقومات الحياة والخدمات.
وبالرغم من أن فرق الإغاثة تبذل أقصى ما لديها من جهود، إلا أنها باتت مؤخراً تحذّر من انفجار الوضع الإنساني وخروج الأمر عن السيطرة، لأن أعداد النازحين تزداد في كل دقيقة بلا أدنى مبالغة!
ويكفي الجلوس على أحد الطرقات السريعة ومراقبتها، ليدرك الجمع مدى فداحة الأزمة وخطورتها، حيث لا تمضي لحظة إلا وتمر سيارة محملة بالأمتعة وعائلات المدنيين الذين تركوا بيوتهم على عجل هرباً من نيران القصف وخطر الاجتياح الأسدي الروسي.
الأزمة ستتجه إلى تركيا وأوربا
ومع عجز فرق الإغاثة عن السيطرة، ومع التزايد المرعب في أعداد النازحين، ستضطر هذه الأعداد الضخمة في آخر المطاف لعبور الحدود السورية التركية ولو بالقوة، هرباً من خطر الموت الذي يلاحقهم في مدنهم وقراهم التي يحرقها الأسد والروس على مرأى العالم وسمعه.
ويؤكد جميع المحللين والناشطين بشكل حتمي، بأن استمرار الهجمة الإجرامية الجنونية على مدنيي إدلب بهذا الشكل سيتحول إلى تهديد مباشر لكل من تركيا وأوروبا اللتين لن تتمكنا من السيطرة على ملايين المدنيين الفارين بأرواحهم من نيران الأسد وحلفاءه.
فإن عاجلاً أو آجلاً، ومع تزايد القصف وتزايد النازحين معه، ستعبر هذه الأعداد الضخمة من النازحين إلى تركيا، ومنها سيعبر الكثيرون أيضاً عبر البحر إلى أوربا، ومن المؤكد أن كلاً من تركيا أو أوربا لن تتمكنا – مهما حشدتا من طاقات أمنية – من السيطرة على هذه الأعداد الضخمة أو منعها من تحقيق مبتغاها، ناهيك أصلاً عن أنهما تواجهان مشاكل وأزمات داخلية حالية فيما يتعلق بما لديهما مسبقاً من لاجئين، فكيف بأعداد إضافية أخرى؟
لا بد لكل من تركيا وأوروبا ان تستيقظا يوماً محكومتان بالأمر الواقع بينما مئات الآلاف من اللاجئين الجدد يطرقون بابهما، مالم يقدم هذا المجتمع الدولي على أي تصرف جديّ حقيقي للجم إجرام الأسد وحلفاءه بحق إدلب ومدنييها، الذين لا يريدون في آخر المطاف إلا انتهاء القصف، ليعودوا إلى بيوتهم فقط لا غير.