تخطى إلى المحتوى

صحيفة أمريكية توضح سبب لجوء نظام أسد وروسيا للهدنة

بعد أن أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن وقف لإطلاق النار “من جانب واحد” في محافظة إدلب السورية بدءاً من يوم أمس، كثرت التكهنات والتحليلات عن السبب الحقيقي وراء هذا التصرف، وخاصة بأن سياسة الروس باتت واضحة في هذا الشأن، بفرض الهدن ومن ثم نقضها كيفما يحلو لهم.

وفي توضيح هذا الشأن، قالت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية بأن الكثير من الروايات حول سوريا تشير إلى قرب انتهاء الحرب، وذلك مع غياب استراتيجية واضحة لوقف هجوم النظام في معقل الثوار الأخير بإدلب.

وقالت الصحيفة بأنه قد جرت العادة أن تصاحب وقف الأعمال القـ.تالية انطلاق مفاوضات للسلام ولإنهاء الحرب، إلا أن مباحثات السلام في سوريا توقفت ويبدو أن الحرب ستنتهي على حد تعبير الصحيفة.

إذ تم التوصل في سوريا إلى حوالي 80 اتفاق لوقف إطلاق النار منذ بدء الثورة في 2011، ووافق النظام على أول اتفاق لوقف إطلاق النار بعد ضغط من جامعة الدول العربية، بعد أن اشتدت القمع ضد المظاهرات وقتذاك، ولكن في النهاية تخلى النظام عن الاتفاق واستمر في حملته القمعية الوحشية.

كما توصل النظام لوقف لإطلاق النار في كانون الأول ديسمبر 2016 في حلب بعد أشهر من القـ.تال والحصار، حيث أضطر الثوار لإنهاء جميع المعارك في المدينة والانسحاب مع المدنيين في آخر الأمر.

إقرأ أيضاً: الولايات المتحدة تعلق على تصعيد نظام أسد وروسيا في إدلب

وازدادت حدة وقف إطلاق النار بشكل ملحوظ منذ شباط فبراير 2014، حيث بدأت الفصائل بتوقيع هذه الاتفاقات للتخفيف من الكابوس الإنساني الذي تعيشه مناطقهم نتيجة للحصار الذي فرضه النظام، والذي تسبب في تجويع المدنيين والثوار على حد سواء.

وبعد ثلاثة أشهر فقط من ذاك التاريخ، خرج الثوار من مدينة حمص، وهو أول اتفاق شامل لمدينة كبرى، ومنذ ذلك الحين تتالت عمليات وقف إطلاق النار بشكل متزايد، مقابل الاستسلام التام للثوار.

وكان عدد الاتفاقيات الموقعة مع النظام في حزيران يونيو 2015، اتفاقيتين فقط ومن ثم صعد الرقم إلى خمسة في حزيران يونيو 2016 ومن ثم إلى 13 في حزيران يونيو 2017، وتقريباً كانت كل اتفاقيات وقف إطلاق النار لصالح النظام في آخر المطاف.

الدمار في إحدى المدن السورية

وتصف وسائل الإعلام العالمية اتفاقيات الاستسلام هذه على أنها وقف محلي لإطلاق النار، يهدف إلى وقف التصعيد، إلا أن هنالك خلاف واضح وملموس بين وقف إطلاق النار والاستسلام! ففي الحالة السورية، كان النظام يعمد إلى إخلاء المقاتلين والمدنيين ويدمر أسلحتهم شريطة السماح بعد ذلك للعاملين في مجال المساعدات الإنسانية بالدخول إلى هذه المناطق.

ويبدو بأن الوضع يسير بشكل واضح نحو “الاستسلام البطيء”، بسبب الدعم غير المحدود الذي يتلقاه النظام من موسكو والذي سيدفعه للاستمرار بحملته العسكرية والابتعاد عن تحقيق أي اتفاق واسع وحقيقي للسلام.

وبدلاً من التفاوض مع الفصائل على مستوى سياسي شامل سيواصل استراتيجيته بالتفاوض معهم على نحو محلي لعدم منحهم أي شرعية ممكنة بينما يحاول الضغط عليهم عسكرياً.

النصر الوهمي

وتابعت الصحيفة قولها بأن البعض يعتقد بأن بشار الأسد قد حقق النصر أو أنه على وشك فعل ذلك، ومن الممكن أن تمثل نهاية الحرب في سوريا راحة لبعض الأطراف، إلا أن الحرب قد دمرت سوريا بالكامل وشملت أكبر مدنها في حلب، والرقة، وحمص، ودمشق وحولتها إلى غبار وركام.

وختمت الصحيفة بالقول: “ربما ينجح النظام بالتقدم بشكل بطيء، إلا أن انتصاره هذا أجوف وتاريخه في القمع وانتهاك القانون الدولي يعني أن تراجع الفصائل عسكرياً لن يتحول بشكل تلقائي إلى مكاسب للنظام يحكم من خلالها سيطرته بشكل فعال على سوريا”.

يشار إلى أن الحرب التي يشنها نظام الأسد وحلفاؤه ضد الشعب السوري قد خلفت منذ 2011 حوالي المليون شهيد، وأكثر من 10 ملايين نازح ومهجّر ولاجئ، عدا عن الدمار الهائل للمدن والبنى التحتية، والانهيار المريع للاقتصاد والعملة المحلية.

مدونة هادي العبد الله