بعد إعلان اكتمال إنشاءها مطلع الشهر الماضي، ومع اقتراب انعقاد جلستها الأولى بعد أيام في مدينة جنيف السويسرية، شهدت “اللجنة الدستورية السورية” أولى الانسحابات منها اليوم، وذلك من قبل أحد أعضاء قائمة “المجتمع المدني” التي تقتسم اللجنة مع قائمتي النظام والمعارضة.
حيث أعلن الأكاديمي والباحث والحقوقي السوري “نائل جرجس” انسحابه اليوم من اللجنة الدستورية، وذلك عبر منشور كتبه في حسابه الشخصي على موقع “فيسبوك” للتواصل الاجتماعي.
وقال جرجس في منشوره الذي حمل عنوان “الديكتاتورية، المفاوضات، اللجنة الدستورية، الانتقال السياسي” بأنه لا يكمن التأكيد بداية بأن “انتفاضة الشعب السوري كانت ولاتزال ضدّ نظام استبدادي ديكتاتوري يتحمّل القسط الأكبر من المسؤولية عن مآلات الأوضاع في سوريا، لاسيما إراقة الدماء والانتهاكات الممنهجة التي تستمر أجهزته بارتكابها، هذا بالتأكيد لا يبرئ بعض الأطراف الدولية والإقليمية، خاصة الساعية إلى تحقيق مصالحها السياسية والاقتصادية على حساب دماء الشعوب” على حد قوله.
إقرأ أيضاً : 219 شخصية من مدينة حمص يصدرون بياناً حول اللجنة الدستورية السورية
وتابع بقوله: “تأييد أو عدم تأييد حمل السلاح أو الثورة المسلحة ضدّ النظام، كمثال تأييد أو عدم تأييد التدخل العسكري الأجنبي لإسقاط النظام، هو مسؤولية كبيرة لم أستطع شخصياً تحملّها بإبداء موقف إزائهم، لاسيما بسبب وجودي خارج سوريا حتى قبل عام 2011، وبالتالي كان من الأفضل أن تُترك هكذا خيارات لسوريّي الداخل ممن يتحملون بشكل مباشر النتائج”.
وقال: “التزمتُ ولا أزال بخط عمل حقوقي وقانوني حتى قبل عام 2011، وأرى بأنّ اللجنة الدستورية تجمع في ثناياها شقين أولهما قانوني وثانيهما سياسي، ومن الواضح طغيان السياسي على القانوني، وقد يؤدّي فعلاً عمل هذه اللجنة إلى إحداث صدع في بنية النظام السياسي السوري وبالتالي تغييره تدريجياً، فبنية الأنظمة الديكتاتورية هشّة للغاية ولا تحتمل تغييرات هيكلية”.
وتابع بالقول: “بالمقابل قد تسفر نتائج وجود هذه اللجنة عن إعادة تأهيل للنظام السوري على المستويين الدولي والإقليمي، وبالتالي تجاوز أهم مطالب السوريين بالتغيير والحرية، والاستمرار لعقود تحت نير الديكتاتورية في ظلّ تغييب لأركان العدالة الانتقالية”.
الانسحاب الأول
وقال أيضاً في سياق منشوره: “في إطار ذلك، وفي ظلّ عدم رغبتي أو قدرتي على العمل السياسي، وعجزي عن تحمّل اتخاذ موقف قد يسهم سلبياً في تقرير مصير شعب بأكمله، فإنني لن أكون مشاركاً في أعمال هذه اللجنة”.
وختم بقوله: “أخيراً أمر مؤسف اتهامات التخوين التي تصدح بها مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع أخرى بحق من نختلف معه رأياً، وبالنسبة للمعارضين السياسيين السوريين، فلا شك بأن من بينهم من يعمل بدأب وتفاني وحسّ وطني وإنساني، بعكس ثلة منهم لاهثة بوضوح وراء أطماعها السياسية وهي بالتأكيد لن تتردد عن تقديم مصلحتها الشخصية في حال تعارضها مع المصلحة الوطنية والإنسانية”.