تخطى إلى المحتوى

طريقة جديدة لنظام الأسد للإستيلاء على أملاك المهجّرين

يهدف نظام الأسد ومعه الميليشيات والعصـ.ابات التي تعمل تحت حمايته لإحداث أكبر قدر ممكن من التغيير الديموغرافي في سوريا، وذلك بتهجير المعارضين والثوار بالدرجة الأولى، ومحاولة الاستيلاء على أملاك النازحين بطرق تلتف على القانون الصوري الذي لا يحمي المواطن السوري أصلاً منذ أن تولت تلك عصابة الأسد حكم سوريا.

وبالترافق مع انعدام الأمن وانتشار الفساد وغلبة نفوذ الميليشيات والعصابات، انتشرت خلال الفترة الأخيرة عمليات تزوير صكوك ووثائق الملكية العقارية، وذلك بغية الاستيلاء على أملاك النازحين والمهجّرين بطرق غير شرعية، وساعد ضعف السلطة القضائية وغياب المحاسبة وهشاشة القانون وتواطؤ بعض موظفي النظام مع المزورين في استفحال هذا الأمر بشكل لافت جداً في الآونة الأخيرة.

وفي سياق هذه القضية، روى أحد اللاجئين السوريين في تركيا لموقع “أورينت نت” كيف أنه سافر إلى مدينة اسطنبول التركية لاستخراج وكالة قانونية من قنصلية نظام الأسد لأخيه المقيم في اللاذقية بهدف بيع بيته، وبعد حصوله على الوكالة وإرسالها إلى اللاذقية وتصديقها بشكل قانوني من وزارة الخارجية، فوجئ أخوه حين محاولته استصدار موافقة أمنية للبيع بأن البيت ليس باسم أخيه، وأنه مسجّل في دائرة المصالح العقارية باسم شخص آخر!

إقرأ أيضاً: آخر مهازل بشار الأسد: فوائد على قـَرض لشراء سجادة!

وعند تحري العائلة عن الموضوع، ظهر عقد بيع مزور باسمه تم تسجيله في أعوام سابقة لصالح شخص آخر هو عضو في أحد الميليشيات العاملة تحت إمرة نظام الأسد في المدينة، ولأجل تثبيت العقد المزور قام السارق برفع قضية عليه في المحكمة تتهمه بعدم إتمام الفراغ، والهروب لخارج البلاد، مبرزاً عقد البيع المزور وشهوداً مزورين، وحصل على حكم بالحصول على المنزل في نهاية المطاف، وفقاً لما رواه الموقع نفسه.

حادثة كتلك ليست الأولى من نوعها في ظل حكم نظام الأسد وبعد انطلاق الثورة السورية تحديداً، حيث تم تسجيل حوالي 2300 دعوى قضائية يطالب المدعون من خلالها باستعادة ممتلكاتهم التي تعرضت للتزوير خلال سنة واحدة فقط، حيث تدخل هذه الدعاوى ضمن شكليات المحاكم، وتعرقلها عدد من الوساطات والمحسوبيات المنتشرة في المحاكم السورية الخاضعة تماماً لسلطة النظام المـ.جرم.

وفي تصريح لموقع “أورينت نت” نفسه، قال المحامي السوري “أحمد حاج خليل” بأن تزوير وثائق الملكية للسوريين – لاسيما الذين هم خارج البلاد – إنما يتم بتشجيع النظام ومعرفته، ومن خلال التغاضي عن الفاعلين، حيث ساهمت أفعال النظام بعمليات محو وتزوير واسع النطاق لسجلّات الممتلكات في مختلف أنحاء البلد، وخاصة في بعض المناطق التي أراد النظام إحداث تغيير ديموغرافي فيها مثل حمص وحلب وريف دمشق.

طرق ملتوية

وشرح المحامي الحاج خليل طريقة المزورين في هذا الصدد، حيث يتم الأمر إما عن طريق تزوير وكالة لمحامٍ، أو زرع اسم مالك العقار بدائرة النفوس وبيع العقار دون علم صاحبه الحقيقي، أو تزوير عقد بيع واحضار شهود مزورين، ورفع دعوى قضائية ضد صاحب العقار دون ايصال الاخطار له أو لأهله، وهو أمر يحتاج إلى تقديم رشوة للشرطة والجهات القضائية.

وأدى اشتراط النظام للحصول على الموافقة الأمنية لإتمام عملية بيع وشراء أي عقار إلى تسلط أجهزة الأمن على البائعين، لاسيما إن كانوا من المعارضين المقيمين خارج البلد، حيث باتت الموافقة الأمنية سلاحاً جديداً للنظام يستخدمه ضد معارضيه لمنعهم من الاستفادة من أملاكهم.

وغالباً تحتاج هذه الورقة بين 15 إلى 45 يوماً لاستخراجها إلا أنّ صفة “ارهابي” أو” فار من الدولة” قد تكون سبباً لتعطيل الحصول عليها، وبالتالي ابتزاز أصحابها لدفع رشاوٍ مالية ضخمة لتجاوز الأمر أو التخلي عن التصرف بأملاكهم.

طمس الحقائق

كما يعتبر قصف أو تدمير أو إحراق مقرات “السجل العقاري” أو “السجل المدني” في بعض المدن السورية وسيلة مفضلة لدى نظام الأسد لإحداث أكبر فوضى ممكنة في موضوع الوثائق والأملاك ليستغل هذا الأمر فيما بعد لصالحه، وكمثال على ذلك قام النظام عمداً بإحراق مبنى السجل العقاري في مركز مدينة حمص في العام 2013، وقد أدى الحريق الناتج إلى إتلاف العديد من سجلّات الممتلكات في المدينة، والأمر ذاته فعله في الزبداني لاحقاً.

وكان العديد من الناشطين السوريين قد نبهوا إلى خطورة هذا الموضوع، مطالبين بأن تأخذ المؤسسات الحقوقية السورية هذا الأمر على محمل الجد، وأن تكشف عمليات التزوير وتوثيق ممتلكات السوريين الذين فروا من بطش النظام بأي شكل ممكن، وكان “تجمع المحامين السوريين” قد أطلق في مطلع العام الماضي مشروع “رد المساكن والممتلكات العقارية” بهدف تجهيز معلومات عن عقارات المدنيين المصادرة من جهة ما، أو العقارات المدمّرة، وتقديم هذه المعلومات للجهات المسؤولة التي ستحكم سوريا مستقبلاً بعد إنهاء نظام الأسد.

مدونة هادي العبد الله