تعود مدينة الرقة لتتصدر واجهة المظاهرات ضد نظام الأسد من جديد، بعد أن خرج هذا النظام مدحوراً منها في ربيع عام 2013، ويهدد اليوم بالعودة إليها في ضوء الاتفاقيات الجديدة وتغيّر خرائط السيطرة الدولية على سوريا.
وفي مظهر من مظاهر هذه العودة الثورية، يعود “أبو طه”، الرجل الذي تبّـ.ول يوماً على تمثال “حافظ الأسد” في الرقة، ليثبت بأنه ما زال حاضراً في قلب المشهد الثوري ضد نظام الأسد، وما زال في الرقة ذاتها لم يتركها، مصمماً على مقارعة هذا النظام في حال عاد إليها أو فكر في ذلك.
وقد رصد ناشطون مشاركة “حسون الطه” المعروف بلقب “أبو طه المرندي”، مرتدياً لباسه العربي التقليدي الكامل، ومتقدماً الصفوف في مظاهرات الرقة الأخيرة، ليؤكد مع المتظاهرين بأن الرقة وأهلها باقون، وأن نظام الأسد ومن تابع نهجه زائلون.
إقرأ أيضاً: هكذا استقبل أهالي مدينة الطبقة بريف الرقة جيش بشار الأسد (فيديو)
هذا وقد ذاع صيت “أبو طه” كثيراً بعد تحرير الرقة في مطلع آذار مارس سنة 2013، وإسقاط صنم “حافظ الأسد” الأكبر فيها، فبينما سارع البعض لضرب التمثال بالنعال، وكان آخرون يوثقون لحظة إسقاطه، اختار “أبو طه” التبول على الصنم، في حركة تشير إلى إسقاط هالة “القداسة” و”الأبدية” التي حاول حافظ الأسد وأتباعه خلعها عليه منذ نصف قرن إلى يومنا هذا.
حيث خرج المئات من أهالي مدينة الرقة شمال شرقي سوريا يوم السبت الماضي ضمن مظاهرة غاضبة رفضاً لدخول نظام الأسد إلى مدينتهم، حيث أكد المتظاهرون تمسكهم بالثورة ومطلب إسقاط نظام الأسد، وأعلنوا رفضهم دخوله إلى المدينة بشكل قاطع، كما ردد المتظاهرون أهازيج ثورية وهتافات نددت بممارسات النظام وذكّرت بعدد من الضحايا الذين قضوا بسببه.
ومن العبارات التي هتف بها المتظاهرون: “الشعب يريد إسقاط النظام”، و”الرقة حرة حرة الأسد يطلع برا”، كما عبروا عن تضامنهم مع الثورتين العراقية واللبنانية ونددوا بممارسات الميليشيات الإيرانية الداعمة لنظام الأسد، والمعادية لكل ثورات الربيع العربي.
استقبال بالهتافات والرجم
وفي ذات السياق، كان مجموعة من أهالي مدينة “الطبقة” جنوبي الرقة قد استقبلوا ميليشيات نظام الأسد التي دخلت المدينة منذ أسبوعين بالشتائم والهتافات الغاضبة والرجم بالحجارة، بينما تداولت منصات التواصل مقطعاً مصوراً لشاب من أهالي المدينة وهو يسخر من عناصر ميليشيات الأسد أثناء عبورهم شوارع المدينة بشاحنات مخصصة لنقل الأغنام!
ويأتي دخول نظام الأسد إلى شرق سوريا على ضوء اتفاق أبرمته ميليشيات “قسد” مع النظام، يقضي بتسهيل دخول الأخير إلى المناطق الحدودية مع تركيا لمواجهة تقدم عملية “نبع السلام” التي أطلقها الجيشان التركي و”الوطني السوري” ضد الميليشيات في وقت سابق.
ونشرت وزارة الدفاع الروسية عبر موقعها الرسمي مؤخراً، خريطة تظهر توزع قوات الأسد في شرقي سوريا، حيث ستكون مدينة منبج شرقي محافظة حلب تحت سيطرة قوات الأسد، أما مدينة عين العرب فسيتم تسيير دوريات تركية روسية مشتركة فيها.
اتفاقيات واتفاقيات … وماذا بعد؟
ويأتي ذلك عقب الاتفاق التركي الروسي اللاحق الذي نص على سحب كل عناصر ميليشيات “قسد” من الشريط الحدودي بين سوريا وتركيا بشكل كامل وبعمق 30 كيلومترًا، وذلك خلال 150 ساعة، إضافة إلى سحب أسلحتها من منبج وتل رفعت بريف حلب.
وجاء في الاتفاق أيضاً بند ينص على العمل على تسيير دوريات تركية روسية بعمق عشرة كيلومترات على طول الحدود، باستثناء القامشلي، مع الإبقاء على الوضع ما بين تل أبيض ورأس العين تحت سيطرة “الجيش الوطني السوري”، فيما يظل مصير باقي المناطق في الجزيرة السورية وشرقي الفرات مجهولاً بانتظار أي جديد في ساحات السياسة.