مما لا شك فيه بأن قطاع التعليم والتربية – كغيره من عشرات القطاعات الأخرى – قد شهد انحطاطاً بالغ السوء في ظل حكم آل الأسد لسوريا طوال نصف قرن، وإصرارهم على تجهيل شعبها وتدجينه وقولبته وفقاً لأهوائهم الخاصة، إلا أن الوضع في السنوات الأخيرة وصل إلى حال لا معقول بكل المقاييس!
وتتعدد مظاهر انحطاط العملية التربوية في ظل حكم الوريث “بشار الأسد” بالذات، ومن احدى هذه المظاهر، مقطع مصور تناقلته بعض منصات التواصل الاجتماعي مؤخراً، يظهر ابتداء الاجتماع الصباحي للطلاب في باحات إحدى المدارس السورية بأغنية سخيفة للمطرب الموالي “علي الديك”، بالترافق مع الرقص والفقش والتصفيق!
تلك الأغنية هي اغنية “سمعت الشمس تهمس همس” للمطرب المذكور، وهي أغنية كان المقصود منها أن تكون “أغنية وطنية” في الأساس، إلا أن الطريقة السوقية المعروفة لهذا المطرب جعلت منها أغنية لائقة بالكراجات والملاهي الليلية، لا بالمدارس والطلاب والترديد في الباحات مع النشيد الوطني.
إقرأ أيضاً : بالعتابا والمواويل هكذا ينشؤون أطفال سوريا على تمجيد بشار (فيديو)
وفي السياق ذاته، انتشر على منصات التواصل الاجتماعي مقطع مصور آخر، تم تصويره في ساحة إحدى المدارس السورية أيضاً، ويظهر المقطع كمية التقديس والتعظيم التي يحاول شبيحة الأسد زرعها في أذهان أطفال سوريا منذ الصغر وفي سياق ما يفترض أنه عملية تربوية بحتة خالية من السياسية وتحيزاتها.
ويظهر في المقطع أحد إداريي المدرسة وهو يلقي خطبة سخيفة على طلاب المدرسة، مليئة بالإنبطاح والتقديس لشخص رأس النظام السوري “بشار الأسد”، ووصفه بصفات بطولية جبارة لا يملك شيئاً منها في حقيقة الأمر! وذكر الإداري في كلمته تلك الزيارة الأخيرة التي قام بها الأسد إلى جبهات إدلب في 22 من الشهر الماضي، مؤكداً فيها على نفس ما قاله بشار أثناءها، من تزييف للحقائق وقلب للموازين وسباب وطعن بشخص الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان”، الأمر الذي يكشف مدى الإفلاس الفكري والمعنوي لدى شبيحة النظام ومؤيديه.
وفي آخر الخطبة “العصماء” التشبيحية بامتياز، قام أحد الطلاب بإلقاء موال على طريقة “العتابا” الشعبية، مكملاً سيمفونية التشبيح والتمجيد لسفاح سوريا، والطعن بكل خصومه وأعداءه ممن وقفوا في وجه إجرامه وطغيانه، في مظهر آخر من مظاهر الغسيل الدماغي الفكري الذي يقوم به شبيحة النظام للطلاب السوريين منذ نعومة أظفارهم.
التربية … في الحضيض!
بالمقابل، تشهد العملية التعليمية والتربوية انحطاطاً غير مسبوق في ظل الحرب التي يشنها نظام الأسد على الشعب السوري إبان الثورة السورية، سواءً من الناحية الفكرية والعقائدية، أو من الناحية المادية واللوجستية، بينما يعمد مؤيدو النظام إلى اقتراح حلول سخيفة مشلولة بعيدة كل البعد عن الواقع الحقيقي والمشاكل الفعلية.
ففي ادعاء كاذب جديد ووقاحة متناهية وتطاول على الدين والمقدسات لدى الشعب السوري، ادعى أحد أعضاء ما يسمى بـ “مجلس الشعب” التابع لنظام الأسد ويدعى “نبيل صالح” بأن كل المشاكل التي حصلت في سوريا سببها “السلفية” المتأصلة في المناهج الدراسية! ووفقاً لهذا الأبله، فقد قام الشعب السوري بالالتحاق بمن وصفهم بـ “المسلحين” ومحاربتهم لـ “سوريا وقصف المدارس وقـ.تل المعلمين” بسبب الخلل الموجود أصلاً في المناهج الدراسية بحسب زعمه، إذ أن “تلك السلفية لدى السوريين لم تأت من فراغ، بل من خلل في مناهج التعليم” وفقاً لكذبه ووقاحته.
حلول سخيفة
وكتب صالح على حسابه في “فيسبوك” بأنه كان في اجتماع مع وزير التربية لمدة ساعة ونصف، وطرح عليه مجموعة من الأفكار لتطوير التعليم فقال: “الفكرة الأولى التي طرحتها كانت بقصد توفير تكاليف طباعة الكتب المدرسية التي تصل إلى مئات الملايين، وإضافة وفرها إلى رواتب للمعلمين، والبديل سيكون عبر تحميل الكتاب المدرسي وقراءته على موبايل الطالب، خصوصا أن الموبايل أداة محبوبة لدى الأولاد أكثر من الكتب الورقية وهم يحملونه معهم طيلة الوقت”، وكأن الشعب السوري لديه ما يكفيه لسد رمقه وتأمين مستلزمات حياته الأساسية لكي يستطيع شراء “موبايلات” لأطفاله، ولماذا؟ لاستخدامها في الدراسة!
ولكي تكتمل المسرحية السخيفة والساخرة، عبر صالح عن مفاجأته من قبل وزير التربية الذي أوضح أن الوزارة تعمل حالياً على إنجاز هذا التطبيق وتحميل كافة المناهج المدرسية على سيرفرات الوزارة! وأنه سيكون باستطاعة الطالب الاستعانة بـ “يوتيوب” من أجل الاطلاع على المزيد من الشروحات حول الفقرة التي يدرسها، ومن دون أية تكاليف مالية على الاتصال! وكأن خطوط الانترنت الرديئة في سوريا تسمح بأمر كهذا أساساً!