بدأت روسيا بالفعل تشعر بمدى الحمل الثقيل الذي يلقيه دفاعها المستميت عن نظام الأسد على عاتقها سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، ولأجل ذلك، تدفع السلطة في روسيا بعض أجهزتها الإعلامية لشن حملات مدروسة وممنهجة ضد نظام الأسد ورأسه نفسه، في محاولة للتوفيق أمام الرأي العام داخلياً وخارجياً.
وفي هذا السياق الذي تنتهجه روسيا في التعامل مع نظام الأسد، قالت وسائل إعلام روسية مقربة من الكرملين بأنه “ربما انتهى دور الأسد ونظامه في سوريا”، متهمة رأس النظام السوري “بشار الأسد” بعرقلة العملية السياسية في سوريا، ومؤكدةً بأن غالبية السوريين باتوا رافضين له ولنظامه، وأنه لا يحظى بتأييد شعبي كافٍ ليفوز بفترة رئاسية جديدة فيما لو حصلت انتخابات حرة في سوريا مستقبلاً.
وعللت ذلك بعدم قيام النظام السوري بإجراء أي تغيير في سياسته المتبعة مع شعبه في الداخل، ومع بعض الدول الإقليمية والدولية في الخارج، وقالت بأن نظام الأسد لا يتعاون مع المجتمع الدولي في العملية السياسية التي تجري عبر اللجنة الدستورية.
إقرأ أيضاً : عبر قناة روسية بشار الأسد يجدد تهـ.جمه على الرئيس التركي (فيديو)
وقالت وكالة أنباء “تاس” الروسية بأن النظام السوري يسعى لعـرقلة أعمال اللجنة الدستورية، لأنه لا يريد أن تحقق اللجنة نجاحاً وتصل إلى غايتها في إجراء انتخابات رئاسية حرة بإشراف أممي، “فكلما اقترب موعد إنجاز شيء ما في اللجنة، سوف تغدو ردود الأفعال أكثر حدة” على حد تعبير الوكالة.
وأوضحت الوكالة بأن ما قاله الأسد عن أعمال اللجنة في جنيف، يتعلق بهذه النقطة تحديداً، حيث يتبع نظام الأسد سياسة تنص بألا يحصل أي تقدم حقيقي في طريق الحل السياسي، الذي يعتبر الخطوة الأولى لإقصائه عن حكم سوريا.
كما انتقدت صحيفة “زافترا” ما قاله الأسد بعد التصريحات التي أطلقها ضد الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” في إحدى المقابلات معه، واعتبرتها تصريحات شاذة ولا سابقة لها في العرف الدبلوماسي وأنها تقوض العملية السياسية وذكرته بأن روسيا هي من تحمي كرسيه حتى الآن.
تصريحات غير مقبولة
واعتبرت الصحيفة في مقال نشرته بأن تصريحات كتلك غير مقبولة بتاتاً، وذكر كاتب المقال بأنه من الصعب فهم أن يشن الأسد هذا الهجوم على رئيس دولة – أي على أردوغان – يعتبر عضواً مشاركاً في عملية أستانا، وشريكاً لروسيا وإيران في حل المشاكل الجذرية التي تواجهها سوريا اليوم، على حد قوله.
وأكد كاتب المقال بأن التصريح حول أردوغان هو تصريح “شاذّ” ولا سابقة له في العرف الدبلوماسي، بل هو خطأ جسيم من وجهة نظر العلاقات السياسية بين الدول، ومثل هذه التصريحات تساعد الأطراف الساعية لتقويض المسار السياسي الذي تسعى موسكو مع شريكيها التركي والإيراني لدفعه في سوريا.
حمامة السلام!
كما أكد كاتب المقال بأن النظام الحالي يحظى بتأييد ما يعادل نسبة 20 في المائة من الشعب السوري فقط، أما الغالبية التي تشكل نسبة 50 في المائة منه، فهي تريد تغييراً جذرياً في المنظومة الحالية وبالنسبة للبقية التي تشكل 30 في المائة من الشعب، فهي من غير المبالين وغير المعنيين بالأمر نهائياً، ولا تريد سوى لقمة العيش، مع انعدام أي طموح لديها.
من جهتها أشارت صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” إلى أن النظام السوري قد مارس نهجاً قمعياً لمعالجة مشاكل “القبائل المحلية” على حد تعبيرها، وغالباً ما تم إهمال سلطة شيوخ القبائل، كما تم تأييد الحملات المدعومة بقوة من جانب إيران لإجراء تغييرات ديموغرافية في مناطق يقطنها السنة، ما أضاف وقوداً إضافياً إلى نيران الحرب المشتعلة في سوريا، على حد تعبيرها.
وتساءلت الصحيفة عما إذا كان نظام الأسد سيَعِي أهمية تغيير إستراتيجيته في التعامل مع المكون السنّي، محذرة من أن تجاهل مصالحه قد يفتح صفحة أخرى في الصراع السوري، وروسيا كضامن للاستقرار في سوريا لا يمكن إلا أن تأخذ هذا في الحسبان، (وكأن روسيا حمامة سلام في سوريا) !