بالرغم من نزوح قرابة نصف الشعب السوري إلى خارج حدود البلاد بسبب حرب نظام الأسد عليهم، وبالرغم من أن ألمانيا لوحدها تحتضن قرابة 800 ألف من أولئك اللاجئين السوريين، لا تزال أحزاب اليمين المتـ.طرف في ألمانيا وأوربا بشكل عام تضيق ذرعاً بأولئك اللاجئين، وتعمل جهدها لإعادتهم إلى بـ.طش الأسد بحجة أن سوريا باتت “آمنة”!
وفي هذا الشأن، نشرت قناة “دويتشه فيلله” الألمانية تقريراً يشير إلى سعي بعض الساسة اليمينيين في ألمانيا إلى زيارة سوريا، وجمع والتقاط الصور والمعلومات التي تعزز ادعائهم بأن البلاد لم تعد منطقة صـ.راع، بل باتت “آمنة” ومؤهلة لعودة مئات آلاف اللاجئين الذين فتحت لهم حكومة المستشارة “ميركل” الأبواب، على حد زعمهم.
ومن المنتظر أن يحط مجموعة من النواب اليمينين في مجلس النواب الألماني “البوندستاغ” رحالهم لدى نظام الأسد يوم الاثنين القادم، في زيارة هي الثانية من نوعها خلال ثمانية أشهر، هدفها المعلن والواضح إدخال سوريا المحكومة بقبضة الأسد ضمن قائمة “الدول الآمنة”، ما يعني عملياً إزالة أي مبرر لقبول طلبات لجوء جديدة منها، وشرعنة أي خطوات مستقبلية لـ “إعادة” اللاجئين السوريين الموجودين سابقا.
إقرأ أيضاً: الحزب الحاكم في ألمانيا يدرس إمكانية ترحيل السوريين لبلادهم
ويتكون الوفد الألماني من أربعة أعضاء ضمن حزب البديل اليميني المتطرف “AFD” الذي تشكل معاداة اللاجئين والمهاجرين بنداً رئيسياً في عمله، بل تمثل أحد مكونات هوية هذا الحزب اليميني، ولن يكتفي هذا الحزب بزيارة معاقل الأسد والتقاط الصور التي تظهر تمتعها وتمتع من يعيشون فيها بـ”الأمن والأمان”، بل سيطلق الحزب بالتزامن مع ذلك حملة في الشارع الألماني لتشجيع “عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم”.
كما سيستبق أعضاء هذا الحزب زيارتهم تلك بتقديم حزمة من مشروعات القوانين وطرحها على مجلس النواب يوم الجمعة القادم، بهدف إعادة تطبيع علاقة بلادهم مع نظام الأسد، واعتبار الأخير “الممثل الشرعي والوحيد للشعب السوري”، حتى لو خالف ذلك السياسة العامة للاتحاد الأوروبي المتبعة حتى الآن بخصوص الأسد وشرعيته المنتهية.
كما يصر هذا الحزب على ضرورة اعتراف ألمانيا بنفوذ روسيا ضمن سوريا، والانطلاق من هذه القاعدة لتعزيز التعاون الروسي الألماني، متجاهلين أن روسيا باتت منذ سنوات المساهم الأكبر والمباشر في قـ.تل وتهجير السوريين وتدفق موجات لجوء متلاحق ومتعاظم من سوريا.
دعوات للترحيل
بل وإن دعوات ترحيل اللاجئين قد امتدت إلى داخل الحزب الحاكم نفسه، إذ دعا كل من “باتريك ساسنبورغ” و”كريستوف دي فريس” وهما مسؤولان في “حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي” الحاكم في ألمانيا والذي تتزعمه المستشارة الحالية “أنجيلا ميركل”، إلى دراسة إمكانية ترحيل اللاجئين السوريين إلى بلادهم.
ونقلت وسائل الإعلام عن السياسييَن المذكوريَن قولهم: “إذا استقر الوضع في سوريا حتى نهاية العام وقدم الرئيس الأسد ضمانات أمنية معقولة للعائدين، فإن الاعتراف بالسوريين كلاجئين يجب أن يخضع للاختبار”، على حد قولهم.
أمور قد تؤدي لسحب اللجوء
ووفقاً لقانون اللجوء والإقامة في ألمانيا، يتعين على المكتب الفيدرالي للهجرة واللاجئين فحص حالة كل طالب حماية أو لجوء بعد ثلاث سنوات على الأقل لمعرفة إن كانت أسباب حصوله على اللجوء ما زالت قائمة.
ورغم التصريحات المتكررة للمسؤولين وللجهات المختصة في ألمانيا باستحالة ترحيل أو سحب إقامة اللاجئين المقيمين على الأراضي الألمانية، إلا أن أسباباً وجيهة قد تدعو السلطات الألمانية لسحب الإقامة من اللاجئ إذا أقدم على بعض التصرفات المحظورة أو التي تنفي سبب لجوئه، فقد حذرت وسائل إعلام ألمانية مؤخراً من أن معرفة السلطات بزيارة اللاجئين لبلدانهم الهاربين منها، قد يعرضهم لسحب الإقامة الألمانية وحرمانهم من حق اللجوء مجدداً.