ضمن رسالة طويلة وجهها إلى رأس النظام السوري “بشار الأسد”، حاول “رامي إبراهيم الشاعر” أحد أعضاء منصة موسكو التي تدعي بأنها “معارضة” لنظام الأسد التلاعب على كل الحبائل ما بين تأييده للزمرة التي تحكم سوريا وعلى رأسها “آل الأسد”.
وما بين إملاءات أسياده في موسكو الذين يحاولون عبثاً إعادة تدجين النظام الأسدي دولياً، وما بين محاولاته الفاشلة للظهور بمظهر المعارض.
ومن المعروف عن الشاعر بأنه كان مقرباً جداً لآل الأسد، بل وحتى ربطته علاقة عاطفية بأخت بشار الأسد “بشرى” في أيام مراهقتها، قبل أن تنكشف علاقتهم ويتم نفيه مع عائلته إلى خارج سوريا بسبب ذلك.
وعن رسالته إياها، والتي حملت عنوان “سوريا حبلى بالبدائل وليست عاقـ.راً بالتوريث”، كتب الشاعر محاولاً شرح تصوره للوضع السوري الراهن وآفاقه، ومتلاعباً بالعبارات كعادته من أجل أن يقنع القارئ بتوازن مـ.زيف تفضحه المصطلحات التي يستخدمها مراراً في سياق رسالته.
وفي رسالته، زعم الشاعر بأن تدخل روسيا في الملف السوري إنما كان بمثابة “إعانة سوريا في اللحظة العصيبة”، وكان بـ “غرض إطفاء الحـ.رائق” في سوريا على حد وصفه وزعمه.
إقرأ أيضاً : الأمين العام للأمم المتحدة يؤكد بأنه قد حان الوقت لحل سياسي حقيقي في سوريا
وألقى الشاعر باللوم على من سماها بـ “المعارضة المتشددة”، فهي التي “استجلبت تنظيم داعش ، ورتبت على سوريا خسائر تناهز نصف تريليون دولار”، بحسب زعمه.
وقال في رسالته أيضاً: “لو أن الحرب طالت لثلاث سنوات أخرى لارتفعت الخسائر إلى 700 مليار، أي أن المعارضة المتشددة لو قدّر لها أن تستلم السلطة بمساعدة الغرب عام 2022 في سوريا، لكانت ستدير شعباً فقيراً معدماً مشارفاً على الـ.موت”.
وعلى وقع تسخيفه للديمقراطية باعتبارها “وصفة غربية ومزيـ.فة”، نصّب الشاعر نفسه ناطقا باسم السوريين زاعما بأنهم يرفضون هذا النوع من الديمقراطية، ومنوها بأن سوريا “بحاجة ملحة لديمقراطيتها الخاصة”، على حد زعمه.
وطبعاً لم يفت الشاعر بأن يذكر ما وصفه بأنه “المعوقات والتحديات التي وقفت في وجه خطط الرئيس الراحل حافظ الأسد”، والذي “عمل الكثير من أجل أن تعيش سوريا في أمان وتسلك سبيل التقدم والتطور، وكذلك من أجل الحفاظ على استقلالها وأمنها” على حد ادعائه.
لعب على الحبلين!
ومع كل ذلك لم يملك الشاعر إلا الاعتراف بالدور الخطير الذي لعبه آل الأسد في إشعال حريق سوريا، فقال إن من “تحكموا بإدارة سوريا على مدار نصف قرن هم مجموعة أشخاص استندت إلى قاعدة اجتماعية ضيقة، وزد على ذلك أن تلك المجموعة تقف على رأسها سلالة، فالرئيس بشار الأسد أصبح وريث والده في الحكم”.
وتابع: “السلالة ممكن أن تكون مفيدة في مهن معينة، كالموسيقى أو الدبلوماسية وما شابه، لكن مسألة توريث بشار الأسد أعطت المعارضة الحجة للحديث عن عدم قانونية تبادل السلطة في الدولة، يضاف إلى ذلك أن الروابط العشائرية والطائفية كانت طافية على السطح في تركيب أجهزة الدولة، وثمة شواهد عديدة على المحاباة واستئثار الأقارب بمواقع السلطة”.
لكن الشاعر سرعان ما عاد إلى أسلوبه المعتاد في بث المغالطات كحقائق، محاولا المساواة بين المجرم والضحية، ومستعيناً بحكم قطعي يقول فيه إن “مسؤولية تشريع الأبواب للحرب الأهلية، يتقاسمها القادة المتشددون في المعارضة، كما السلطات الرسمية”.
وفي محاولة مكشوفة منه لإظهار نفسه كـ “معارض متوازن”، ورغبة منه باستجرار أموال “إعادة الإعمار” التي سيكون لسادته في موسكو نصيب وافر من أرباحها، دعا الشاعر إلى “نبذ كل ما يمت بصلة إلى الماضي، وشطبه من جدول الأعمال خدمة للمستقبل المنشود بناؤه، ومن أجل أن يكون ذلك ممكنا فلا بد من التمسك بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254”.
دعم الحل السياسي
كما دعا الشاعر في خضم محاولاته تلك إلى “تقديم كافة أوجه الدعم والتسهيلات لعمل اللجنة الدستورية في صياغة مشروع دستور جديد يحوز على رضا كافة الأطراف المعنية، وعلى النظام الوفاء بكافة تعهداته، والالتزام بتطبيق قانون العفو العام والتخلي عن الملاحقات إزاء أولئك الذين وجدوا أنفسهم في صفوف المعارضة”، على حد تعبيره.
وفي سياق محاولات الشاعر للتسويق لعملية “إعادة الإعمار” التي تشكل أهمية قصوى لسادته في موسكو، طالب الشاعر “بوضع خطة عقلانية ومدروسة ومعللة علميا لإعادة إعمار الحواضر التي أصابها الدمار بما فيها، بالطبع، تأهيل البنى التحتية”.
ورأى الشاعر بأن خير من يقوم بمهمة الإعمار الضخمة هم “الأخصائيون الكبار”، في كل من “تركيا وروسيا وصربيا”! نعم حتى صربيا، هذا البلد الصغير! والتي يبدو أن ذكرها على لسان الشاعر ليس عبثاً، بل إن وراءه على الأغلب شراكات وشركات لهذا الرجل وأعوانه في روسيا!
ويبدو الشاعر في غاية الحماسة والعجلة من أمره لهذا الهدف، إذ يدعو للمباشرة بإعادة إعمار سوريا “اليوم قبل الغد”، مدعياً ضرورة تأمين المساكن اللائقة لمعظم الشعب السوري.
محاولات للتبرئة!
وبعد التعريج على متاهات ومراوغات كلامية طويلة، يحاول الشاعر تبرئة بشار الأسد من جرائمه، مدعياً بأنها كانت نتيجة “اعتماد بشار الزائد على مستشاريه، وإسرافه في الثقة إزاء المحيطين والمقربين”، بحسب ادعائه.
ويحذر الشاعر من أن محاولة إعادة قواعد حزب “البعث” وفرضه على السوريين كحزب قائد وواجب الطاعة “سيوجد جداراً عازلاً بين الفئة العليا وعامة الشعب، وقد يؤدي إلى اتساع عدم الرضا واحتدام التوتر الداخلي، وصولا إلى احتجاجات جديدة”، علماً بأن مشكلة الشعب السوري لم تكن مع حزب البعث المريض المهمش أصلاً في عهد بشار، وإنما مشكلتهم في مافيا الأسد نفسها.
وقال: “على الرئيس السوري أن يوفر الظروف لتبني الدستور الجديد، ويؤكد استعداده لتقبل إرادة السوريين في الانتخابات المرتقبة، كما ينص قرار مجلس الأمن الدولي ذو الصلة، وإذا استدعى الأمر سيكون ملزماً بالاعتراف بصوابية المرحلة الانتقالية في سوريا، بل وبحكومة انتقالية”.
وختم قائلاً: “إن صناديق الاقتراع، هي التي ستقرر بنهاية المطاف، وبغض النظر عن نتائجها، فهذا ليس سبباً كافياً لاعتزال السياسة، إذ بمقدوره – يعني بشار الأسد – أن يثبت في مناسبات أخرى قدراته كسياسي وقائد، خاصة وأن عمره يسمح له بذلك”، بحسب زعمه ومغالطاته الفادحة.
زمان الوصل