نشرت مجلة “فوريان أفّيرز” الأمريكية منذ أيام مقالاً تحليلياً عن وضع نظام الأسد في الوقت الآونة الأخيرة، وذلك بعد سيطرته على مساحات واسعة من سوريا، معتبرة بأنه “أضعف من أي وقت مضى، وذلك لخضوعه اقتصاديًا لكل من روسيا وإيران، وعدم قدرته الفعلية على تأمين احتياجات الجهات الداخلية التي قامت بدعمه”.
وكتبت “لينا خطيب” هذا المقال في المجلة المذكورة، وهي تشغل منصب مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المعهد الملكي البريطاني للشؤون الدولية “تشاتهام هاوس” في يوم الجمعة الماضي.
وقالت خطيب في مقالها بأن رأس النظام السوري “بشار الأسد” ربما دخل في معــ.ركة للتفكير حول أن نظامه قادر على الاحتفاظ بالسلطة التي تمتع بها قبل عام 2011، إلا أن أهدافه باتت أقل مما مضى، وربطت بين سعي النظام لاسترداد جميع المناطق الخارجة عن سيطرته للحفاظ على نظامه في الداخل، وما أسمته بـ “شبكة المحسوبيات” التي تحولت إلى شريان حياة بالنسبة إليه.
إقرأ أيضاً : استراتيجية أمريكية جديدة إزاء نظام الأسد ،وروسيا بدورها ترد عليا
وبناءً على هذه النتيجة، يؤكد المقال بأن النظام لن يسعى لتلبية احتياجات الشعب السوري بالأساس، ولهذا ترى الكاتبة بأن الأهداف التي حددها والتي تشكل “انتصاره باهظ الثمن، ستجعله يجلس على قمة دولة جوفـ.ـاء ذات مؤسسات ضعيفة، ومحاصـ.ـرة من مستغلي الحــ.رب وخاضعة للقوى الخارجية التي ساندته طوال السنوات السابقة” على حد وصف الكاتبة.
ويحاول الأسد عن طريق روسيا استعادة المناطق الخارجة عن سيطرته في الشمال السوري، وذلك لدفع دول العالم لإعادة تطبيع العلاقات معه والحصول على شرعية دولية، وبالتالي الحصول على أموال لإعادة الإعمار.
ولكن حتى لو استطاع الأسد إعلان انتصاره في كل المحافظات السورية، بما فيها المناطق التي تسيطر عليها ميليشيات “قسد” في شرق سوريا، ستبقى روسيا هي الأكثر نفوذاً، وستضمن إيران نفوذًا دائمًا في سوريا ولبنان، وبالتالي سيعتمد بقاؤه بشكل دائم على هاتين الدولتين كما ترى كاتبة المقال.
كل شيء يذهب للاحتلال!
ومنح الأسد كلاً من روسيا وإيران امتيازات اقتصادية وأمنية في قطاع النفط والقواعد البحرية، ووسعت روسيا مصالحها عبر الحصول على عقود اقتصادية طويلة للشركات الروسية، ووضع موالين لها في مناصب عليا في الجيش.
ومع غياب الدور الأمريكي الفعلي في سوريا، لا يوجد أي رادع للروس لفرض أنفسهم على الأسد، وبالتالي سيحكم الأسد دولة تعتمد على روسيا للبقاء والاستمرار داخلياً وخارجياً.
وقالت الكاتبة بأنه ربما لا تكون هذه النية الأصلية للأسد، لكن عليه أن يتعايش معها، خاصةً بأن جهات داخلية فاعلة مدنية ومسلحة قد ساعدته على البقاء والتحايل على العقـ.ـوبات الدولية وأداء وظائف الدولة، وهذه الجهات الداخلية قد استفادت من الحرب الطويلة وأصبحت أكثر طموحًا وقوة، وهي تشكل السلطة الفعلية في سوريا، وثمن ذلك باهظ ويتزايد يومًا بعد يوم.
ما الحل؟
وترى خطيب بأن النظام غير قادر على إشباع جـ.ـشع هؤلاء من خزائنه، ولا يمكنه تحمل جوعهم أيضًا، وهذا ما سيدفعه لقبول أي دعم خارجي حتى لو كان مشروطًا بتوزيعه على المواطنين.
وختمت الكاتبة مقالها بأن الأسد يحاول خلق انطباع بأن سوريا عادت إلى ما قبل عام 2011، إلا أن نظامه مبني على “وهم الدولة”، وطالبت الكاتبة الدول الغربية بألا تطبع علاقاتها مع الأسد، على اعتبار أنه الخيار الوحيد، بل محاولة فهم الوضع الحالي برمته لضمان عدم استخدام أي برامج دعم لمصلحة نظامه وحلفائه، وأن نهاية لعبة الأسد في سوريا تجعله “يجلس على عرش هش مكون من ألف قطعة غير مستقرة”، على حد وصفها.