تخطى إلى المحتوى

تحليل هام حول أسباب تهاوي سعر الليرة السورية وإمكانية تعافيها من جديد

الليرة السورية إلى أين.. محاولة للفهم

١- تستمر الليرة السورية، بالتراجع، والسبب السبب الرئيسي لذلك هو عدم وجود احتياطيات مالية نقدية حقيقية لدى البنك المركزي، ووجود ميزانية وهمية “٤ آلاف مليار ل.س” بعجز رسمي ٢٥% تقريباً، ولكن العجز الحقيقي أكبر من ذلك بكثير، ويقدره البعض بأكثر من ٦٠% بدليل انهيار العملة منذ إعلان الميزانية إلى اليوم من ٥٥٠ للـ٢٠٠٠.

أسباب الانهيار

٢- سبب العجز: العجز يكون في حال كانت المدفوعات بالعملة الصعبة أكثر من الموارد المالية منها.

٣- مدفوعات النظام بالدولار كبيرة منها النفط والغاز والقمح المدعوم والسلع الأساسية، وبعض الدعم للصناعات الأساسية.

٤- الموارد المالية قليلة، ٨٠% منها يأتي من الضرائب على المستوردات، وما زاد في تراجعها هو فقدان موارد الفوسفات، الغاز، السماد، الجمارك بالمرافئ، وغيرها لصالح الروس والإيرانيين.

٥- تسبب كبر العجز لدى النظام -نتيجة قلة الموارد وزيادة المدفوعات- بتراجع في خزينته من الدولار وربط العملة به فأصبح الدولار نادراً.

٦- سياسة النظام تعتمد سعرين: سعر للحوالات وهو المركزي بـ٧٠٠، وسعر سوق الصاغة.. وهذه السياسة تسبب مشاكل كبرى هي:

٧- يبيع النظام الدولار لبعض المستوردين بأقل من السعر الحقيقي، مما يسبب نزيف للخزينة بشكل كبير وقد أوقف النظام البيع مؤخراً وقال للمستوردين “دبروا حالكون”.

٨- لجأ المستوردون الى السوق فازداد الطلب على الدولار أكثر فأكثر، وتراجعت قيمة العملة وزادت الأسعار.

٩- كان المستوردون والنظام يعتمدون على حسابات بنكية في لبنان يحصلون منها على الكاش بالدولار ويجلبونه لسوريا، لكن الكارثة النقدية في لبنان وفشل الإصلاحات الاقتصادية تسبب بأزمة دولار كبرى في لبنان، فقلت كمّيته أكثر في سوريا، فارتفع الطلب عليه وتراجعت قيمة الليرة أكثر فأكثر.

اقرأ أيضاً: نظام الأسد يستخف عقول مؤيديه بتبرير أسباب انهيار الليرة السورية وماوصلت إليه!

تهريب رؤوس الأموال

١٠- عملية النظام ضد مخلوف والاستيلاء على أمواله دفعت التجار الآخرين إلى أخذ احتياطاتهم، وكثير منهم أخذوها قبل ٧ أشهر، بالإضافة إلى أنهم هرّبوا كثيراً من أموالهم للخارج على شكل ذهب ودولار، فتسبب ذلك بنقص أكبر في قيمة العملة وزيادة كبيرة في سعر الدولار.

١١- سيطرة النظام على درعا ومناطق من إدلب سببت تراجعاً لعمليات العبور بين هذه المناطق ومناطق النظام، فتراجعت كمية الدولار القادمة منها نتيجة تراجع الدعم.

١٢- قانون قيصر القادم سيلاحق أرصدة كل تاجر يساعد النظام، وغنيٌّ عن التعريف أن عشرات التجار لديهم ملايين في بنوك قبرص ولبنان تحديداً، ولهذا فهم يرغبون بالهروب من سفينة النظام، وعلى أساس ذلك ينقلون أملاكهم لأولادهم أو إخوتهم أو يغادرون البلاد، حيث تحوّلت أربيل والأردن وبيروت إلى مقرات عمل لهم.

الحلول الممكنة

١٣- نتيجة كل ذلك، يجد النظام نفسه أمام خيارين كل منهما أسوأ من الآخر، الأول: تحرير سعر الصرف وإلغاء الدعم نهائياً، وهو ما قد يقفز بالليرة لمستويات فوق الـ٤ أو ٥ آلاف ل.س للدولار، بل قد تنهار العملة كما جرى في فنزويلا، أو أن يلجأ للخيار الثاني وهو الاستمرار بالمراوغة عبر إجراءات تقشفية، كإيقاف استيراد عشرات المواد، وزيادة الضرائب على المغتربين، وفرض قبضة أمنية كبيرة جداً، ونهب أموال التجار وتهديدهم. ولكن حتى في هذه الحالة فالثمن البعيد سيكون الانهيار الفجائي للسعر وسيتسبب بهروب أكبر للدولار من السوق.

١٤- ما الحلول الفعلية؟ في الحقيقة يحتاج النظام لرقم فوري بين ١٠ إلى ١٢ مليار دولار لضبط الأمور لمدة لعام، وهو ما لن يناله النظام أبداً، ولا تملكه روسيا ولا إيران، ولا يستطيع أحد جلبه سوى أمريكا وأوربا، ولن يكون ذلك بدون إصلاحات اقتصادية

١٥- مستقبل الليرة يتجه نحو المجهول، وأسوأ ما يمكن أن يحصل هو انهيار فجائي تفقد فيه الليرة كامل قيمتها دفعة واحدة كما جرى في فنزويلا وتصبح نتيجة ذلك بلداً يعيش بالمقايضة.

١٦- وأخيراً.. هل من حل سياسي بالأفق؟ لايبدو ذلك، وإن كان فلن يكون قبل معرفة ثلاثة أمور على الأقل، انتخابات أمريكا، وعقوبات ايران، وأزمة كورونا؛ وكل هذا مؤجل لما بعد شهر تشرين أو تشرين الأول القادم.

مدونة هادي العبد الله