أدى استغلال نظام الأسد للطائفة العلوية من خلال إفقار مناطقها وزجّ معظم شبابها في الحـ.ـرب التي يشنها على الشعب السوري إلى دعوة عدد من أبناء الطائفة أطلقوا على أنفسهم اسم “العلويون المؤثرون” إلى تغيير نظام الأسد وبناء نظام جديد غير طائفي ويعتمد الإدارة اللامركزية.
وقد أجرت هذه المجموعة لقاء، قبل أيام، مع أحد مسؤولي “روسيا” في الأمم المتحدة بهدف نقل هذه المطالب إلى الجانب الروسي.. وتالياً التفاصيل الكاملة للقاء بحسب ما أوردتها شبكة “نداء سوريا”:
عقدت مجموعة من العلويين السوريين المعارضين لنظام اﻷسد في الخارج اجتماعاً مع السكرتير الأول للبعثة الروسية الدبلوماسية الدائمة إلى الأمم المتحدة في جنيف “سيرغي ميتوشين” ناقشوا فيه معه رؤيتهم للحل في سوريا.
وقال المحامي السوري عيسى إبراهيم وهو أحد المشاركين في الاجتماع: إن “الشخصيات العلوية” السورية المجتمعة تحت مسمى “العلويون المؤثرون” أكدت للدبلوماسي الروسي في الاجتماع الذي عُقد في الخامس عشر من الشهر الجاري -دون أن يحدد مكانه- على أن “سوريا الآن على مفترق طرق تاريخي، حيث مزقت الحـ.ـرب نسيج المجتمع بأكمله، ولا يبدو أن السلطة الحالية مهتمة بمصير شعب البلاد بعد الآن”.
إهمال نظام البعث للمجتمع
وأضافوا: أن “سوريا الحالية المعروفة بحدودها عبر اتفاق بين الأقاليم السورية المكونة في حينه والتي كانت دولاً مستقلة في ظل الانتداب” استمرت من خلال “التوافقات”؛ حيث “تفاوضت النخب السورية حينها ممثلة بالآباء المؤسسين على الاستقلال عن فرنسا، والانطلاق من ميثاق وطني غير معلن يعكس الهياكل الاجتماعية الثقافية المتنوعة”.
وبحسب المصدر فقد “مرت هذه التجربة بمطبات كثيرة إلى أن استقرت إدارة الدولة عند استلام الأسد في السبعينيات مع حزب البعث الحاكم والنخبة الضيقة التي كانت مسيطرة على الدولة، ومع الوقت أساءت هذه السلطة استخدام الميثاق الوطني غير المعلن، وأنشأت منظومة ذاتية فرضت قبضتها على جميع السلطات، وأهملت المجتمع والمناطق المختلفة وخاصة الأطراف”.
وأكد المصدر أن طرفي الصراع بعد بَدْء “الانتفاضة الشعبية” استخدما “العصبيات المجتمعية والسرديات الطائفية، من أجل تحقيق المكاسب السياسية”.
شعور العلويين بالغبن والمظلومية
وأشار العلويون المجتمعون إلى استغلال النظام السوري لطائفتهم؛ حيث أكدوا أن “نسبة العلويين في الجيـ.ـش والأمن أعلى من نسبتهم في المجتمع السوري، ومرد ذلك لسببين: أولهما ضعف الموارد في مناطقهم المحلية، وثانيهما نقص فرص العمل، وهو أمر استغل في عسـ.ـكرة أكبر قدر ممكن من أبناء الطائفة وحرمان الطائفة من الفضاء الاقتصادي والسياسي لتصبح بالمآل والسياق في خدمة بقاء هذه النخبة في الحكم”.
ومضى المصدر بالقول: “اختزل العسـ.ـكر العلوي بشبكة محسوبية من بضع ضباط تحوط شخص الرئيس”، مضيفاً أن نظام اﻷسد يستغل الفقر الشديد في المناطق العلوية ويتعمد حرمانها من أجل إجبار أفراد من العلويين على “الهجرة إلى العاصمة وسكن عشوائيات الأحياء الفقيرة ليكونوا حرساً يحمي النخبة الحاكمة”.
وأكد المجتمعون أن “لدى العلويين شعوراً كبيراً بالغبن والمظلومية، جرَّاء هذه الإدارة الحالية للمجتمع السوري، كما لدى الفئات والمجموعات الثقافية الأخرى في سوريا سواء كان ذلك ناتجاً عن الفترة السابقة من التاريخ السوري أو في ظل فترة الصراع في العقد الأخير”.
اقرأ أيضاً: غضب علوي تجاه الأسد.. بروفيسور فرنسي: الديكتاتور بشار الأسد خاب أمله لهذه الأسباب
التوافق على عقد اجتماعي جديد
ودعا “العلويون المؤثرون” السوريين “بمختلف تنوعاتهم إلى التوافق على عقد اجتماعي جديد، من خلال الحوار على أن يجسد ذلك في الدستور الجديد، وبشكل يلغي المظلوميات المفترضة، من كل جانب وفق مفهوم المواطنة دون أي محاصة طائفية”، مشيرين إلى أن الروس يدركون أهمية ذلك.
وأكدوا على ضرورة “إحداث ثقل نسبي في المركز من خلال تفاهم بين الأطراف والجماعات السورية بشكل لا يحدث طغياناً بينها، وبحيث يكون الفضاء العام مفتوحاً لكل السوريين”، معبرين عن رغبتهم بدولة لامركزية موحدة ذات نظام ديمقراطي علماني يحقق إدارة جيدة للتنوع المناطقي والإثني والديني.
وبحسب المحامي إبراهيم فقد أكد المجتمعون على أن “تجارب النظم العالمية الأخرى، وتحديداً تجربة الاتحاد الروسي في السياسة المركزية/ المحلية يمكن أن تكون مفيدة للغاية لتمكين السوريين من الوصول إلى نموذج حكم مقبول داخلياً وعالمياً”.
العلويون يفضّلون روسيا على إيران
وبيَّنوا أن المجتمع العلوي “فضّل الوجود الروسي بمناطقه على الوجود الإيراني، لاعتبارات ثقافية متعلقة بالقدرة على التناغم والتفاعل مع هذا الوجود بعكس الوجود الإيراني، بسبب نمط الحياة المتقارب مع الثقافة الروسية على عكس الثقافة الإيرانية المنغلقة، علماً أن هذا الشعور بدأ بالانحسار تدريجياً بسبب شعور العلويين بأن التدخل الروسي جاء لمصلحة النظام أكثر من كونه لمصلحة السوريين والعلويين ضمناً”.
من جهته ردّ الدبلوماسي الروسي “ميتوشين” بالتأكيد على أن الدور الروسي في سوريا “يركز دائماً على تمكين دولة قوية”، مشيراً إلى “أهمية عمل اللجنة الدستورية” و”المحادثات في جنيف” وفقاً للمحامي إبراهيم.
وأوضح أن روسيا “تدرك الحاجة إلى تجديد العقد الاجتماعي في سوريا، وهذا الاعتراف هو الذي دفع روسيا إلى رعاية مؤتمر سوتشي في 2018 على الرغم من أن التمثيل في سوتشي كان يميل نحو النظام، وكان أبعد ما يكون عن المثالية”.
وكرّر “ميتوشين” الرواية الرسمية الروسية حول الوضع في سوريا مختتماً بسؤال حول كيفية الحوار، وهو ما أجاب عنه المشاركون بالدعوة لمؤتمر الوحدة الوطني “للبحث عن إطار وطني ملزم لما بعد الصراع من أجل التوصل إلى التصالح”.