تخطى إلى المحتوى

جمال سليمان: بشار الأسد لم ولن ينتصر وهذا موقف الحاضنة العلوية بعد 9 سنوات من الثورة

تحدّث الفنان السوري جمال سليمان لمركز حرمون للدراسات المعاصرة عن تصوراته للمرحلة المقبلة في تاريخ سورية،

في ظل تشابك خيوط المشهد السوري حاليًا.

 الذي بات منفتحًا على العديد من الاحتمالات، وعن وجهة نظره في قانون قيصر الذي دخل حيز التنفيذ منذ أيام،

 وعن الحراك الثوري في محافظة السويداء، إلى جانب العديد من المواضيع الأخرى.

بعد أن خرج الحلّ من يد السوريين، ما هو المرجو من هيئة التفاوض للمعارضة السورية؟

كما هو معلوم، إن هيئة التفاوض -كما يدلّ اسمها- لديها مهمة واحدة هي التفاوض مع النظام برعاية الأمم المتحدة، على الانتقال السياسي في سورية.

ومرجعية هذا التفاوض المأمول هي الوثائق الدولية ذات الشأن، وعلى رأسها وثيقة جنيف وقرار مجلس الأمن 2254،

التي أقرت رفض الحلول العسـ.ـكرية.

وأن السبيل الوحيد هو إنجاز حلّ سياسي يفضي إلى “عملية سياسية جامعة بقيادة سورية، تلبّي التطلعات المشروعة للشعب السوري،

بهدف التنفيذ الكامل لبيان جنيف.

وكما هو معلوم أيضًا، بعد أن رفض النظام الدخول في حوار وطني سوري، يقوم على تفهّم صادق

وموضوعي لأسباب انفجـ.ـار الثورة السورية السلمية،

 وقاد الصـ.ـراع نحو العـ.ـنف الذي أدى إلى نشوء التطـ.ـرف وانتشار الجماعات المسـ.ـلحة الإرهابـ.ـية،

فإن المجتمع الدولي، بقيادة روسية – أميركية، هو من صاغ وثيقة جنيف.

 وكذلك القرار 2254 وكل القرارات الأخرى ذات الصلة، أي إن القضية السورية خرجت من يد السوريين

-كما جاء في سؤالك- إلى يد المجتمع الدولي.

وعلى ذلك؛ فإن المرجو من هذه الهيئة أن تتابع نضالها في المحافل الدولية برعاية الأمم المتحدة،

من أجل تطبيق القرارات الدولية، لا لأنها قرارات دولية فقط.

بل لأنها تلبّي المصلحة الوطنية السورية وتُوقف الحـ.ـرب وتُعيد سورية إلى الحياة.

هل هيئة التفاوض قادرة على تحقيق ذلك؟ نعم. هي قادرة على تحقيق ذلك.

إذا اجتمعت الإرادة الدولية بالفعل على تطبيق هذه القرارات، وهو ما تعوّل عليه هيئة التفاوض

والمعارضة السورية على وجه العموم.

وقد أدى هذا الأمر دورًا كبيرًا في استمرار الصـ.ـراع وتقديم مقاربات وتفسيرات لمضامين القرارات الدولية،

دون الدخول إلى مرحلة التطبيق الفعلي.

آخر هذه المقاربات كانت اللجنة الدستورية؟

نعم. على الرغم من أن وثيقة جنيف والقرار 2254 يقولان إن عملية صياغة الدستور تأتي خلال المرحلة الانتقالية

التي يقودها “جسم حكم انتقالي ذي صلاحيات تنفيذية كاملة”،

 دون تحديد مصدر الصلاحيات التشريعية، وهذا طبعًا -بالإضافة إلى تعنّـ.ـت النظام

وامتـ.ـناعه عن خوض أي مفاوضات فعلية- خلق إشكالية كبيرة،

ومن هذا الباب، جاءت فكرة الدخول إلى الانتقال السياسي عبر البوابة الدستورية.

اقرأ أيضاً الشبيح عمر رحمون: بشار الأسد باقٍ حتى يسلم الحكم لابنه حافظ في العام 2035!

ما توقعاتك لمفاوضات اللجنة الدستورية المرتقبة في جنيف؟

وهل النظام قادرٌ على الاستمرار في عرقلة المفاوضات في ضوء تغيّر الموقف الروسي منه أخيرًا؟

الشعار الوحيد الذي أخلص له النظام، حتى يومنا هذا، هو “الأسد أو نحـ.ـرق البلد”،

وبصيغة أخرى تحمل نفس المضمون: “الأسد أو لا أحد”.

ولا أظن أن الروسي غافل عن ذلك، أو أنه لم يرَ طريقة تعاطي النظام مع كل العملية التفاوضية،

وآخرها تعاطيه مع اللجنة الدستورية التي هي أصلًا فكرة روسية.

حيث رفض الاعتراف بمشاركته الرسمية في أعمالها، وذلك من خلال تسمية الوفد

باسم “وفد مدعوم من الحكومة السورية” أو “الوفد الوطني”.

بدلًا من “وفد حكومة الجمهورية العربية السورية”، كما جاء في إعلان اللجنة من قبل الأمين العام للأمم المتحدة.

في مناسبات عديدة، استحضر الروس المثال العراقي بعد انهـ.ـيار النظام، على أنه المثال الذي يجب أن نتجنب وقوعه،

وتقييم الروس للمشهد في سورية يركز على انتشار الجماعات الإرهابـ.ـية،

وعلى الخشية من وجود الفوضـ.ـى وتمـ.ـزق البلاد، في حال انهيـ.ـار النظام وحدوث فراغ.

وهم يؤكدون على سلامة الدولة ومؤسساتها. وهي نقاط محقة،

ولا شك في أنها تصبّ في المصلحة الوطنية السورية، وهي متضمنة في القرارات الدولية التي نعترف بها.

لكننا في المقابل نجد أن السلوك السلبي للنظام يعزز هذه المخـ.ـاوف،

ويعرّض الدولة ومؤسساتها للضـ.ـرر الجسيم، ويفسح المجال لمزيد من العنـ.ـف.

حيث يحاول النظام أن يستثمر الانتصارات العسـ.ـكرية التي ساعده الروس في تحقيقها،

بتعزيز حلمه بتجديد ذاته، بدلًا من تفهم الواقع.

 وإعلاء شأن البلاد على كرسي الحكم، والانخراط في العملية التفاوضية.

هذا معناه تقويض رؤية الروس والتزاماتهم تجاه المجتمع الدولي.

ونتيجة ذلك؛ بدأنا نرى مؤشرات ذات معنى على استيـ.ـاء الروس من سلوك النظام،

وليس آخرها الحملة الإعلامية التي شنتها وسائل إعلامية روسية على رأس النظام.

ومهما قيل إن هذه المقالات لا تمثل الرأي الروسي الرسمي؛ فإنها برأيي حملت رسالة إلى بشار،

كان يجب أن تصل، مفادها لا تجبرنا على أن نريك الوجه الآخر.

يعيش النظام حالة إفلاس وانهـ.ـيار اقتصادي كبير، تزامنت مع حدوث خـ.ـلافات داخل العائلة الحاكمة،

هل خلفيات صــ.راع الأسد ومخلوف اقتصادية فقط؟

أم أن هناك أبعادًا أخرى ساهمت في حدوث هذا الصـ.ـراع وخروجه للعلن؟

وهل من الممكن أن تؤثر هذه الخـ.ـلافات في موقف حاضنة النظام من الطائفة العلوية؟

فيديوهات رامي مخلوف تدلّنا على أن الصـ.ـراع القائم ليس صـ.ـراع الأسد ورامي فقط، بل هناك عنصر ثالث في هذا الصـ.ـراع وهو أسماء الأخرس

التي تعاظم دورها بشكل كبير في سورية، وهذا معطًى مهم له ما بعده، ولذلك سعت الإدارة الأميركية لوضعها في مقدمة لائحة عقـ.ـوبات قيصر.

إن الصـ.ـراع ذو وجهين: وجه اقتصادي يتعلق بمآل الأموال المنهوبة من خزينة الشعب السوري، حيث تريدها أسماء الأسد في خزينتها هي وتحت إدارتها.

ووجه سياسي يتمثل في تحميل رامي مخلوف لعنة الفساد، والادعاء بأن مشيئة “الدولة السورية” والقانون فوق الجميع حتى رامي مخلوف.

وكأن النظام لا يدرك أنه حتى الموالون يعتبرون ذلك نكتة سمجة، لأنهم يعرفون منذ سنوات طويلة أنه لا وزير المالية ولا رئيس الوزراء.

يجرؤان على مجرد التفكير في الحجز على رامي مخلوف.

لا شك في أن هذا الصـ.ـراع ترك أثره على حاضنة النظام، لأنه أخرج المسكوت عنه إلى العلن وأسقـ.ـط ورقة التوت الأخيرة،

ولا شك في أن المركب أصبح من الضعـ.ـف بحيث لا يحمل مخلوف، وأن القادم مختلف عمّا مضى، ولا بدّ من الاستعداد له، والأموال ركن أساسي في ذلك.

بالحديث عن عقـ.ـوبات قانون قيصر، هناك من يرى أن تطبيقه سينعكس سلبًا على المدنيين،

وهناك من يرى أنه سيكون بداية نهاية الأسد.

خاصة أنه يشمل حلفاءَ الأسد وداعميه، كميليشيا حزب الله والميليشيات الإيرانية،

كيف ترى الأمر من وجهة نظرك؟

سيكون لهذا القانون انعكاس كبير على النظام وزبانيته، ولكنه لن يمنعهم من يستمتعوا بعشاء فاخر قبل النوم، بينما الإنسان العادي قد لا يجد ما يسدّ رمقه ورمق عائلته.

صحيح أن القانون يقول إنه يستهدف النظام لا الناس العاديين، ولكن التجربة أثبتت أن كل قوانين العقوبات تنعكس أولًا، بقسوة، على المواطن البسيط

ويجب أن نتذكر أن انهيـ.ـار الاقتصاد الذي تجسد بانهيار قيمة الليرة السورية وتصاعد بـ.ـؤس المواطن السوري كان قبل التلويح بقانون قيصر.

إن مسارًا طويلًا، كانت فيديوهات مخلوف من آخر حلقاته، كان سببًا في بـ.ـؤس الاقتصاد وانهـ.ـيار الليرة، وقانون قيصر سيأتي ليكمل هذا الانهيـ.ـار.

 ولكن في المقابل فإن هذا القانون سيحـ.ـرم كل أولئك الذي يستثمرون في النظام أو الذين يرغبون في ذلك ويأملون بجني المكاسب السياسية والاقتصادية

لقد ساد انطباع واهم، في الفترة الأخيرة، مفاده أن النظام قد انتصر وأنه لا بد من الاعتراف بذلك، فجاء هذا القانون ليقول لا، إن المعركة ما تزال مفتوحة.

ما هي رؤيتك السياسية للمرحلة القادمة في سورية؟

وهل سيكون من السهل ترتيب إجراءات رحيل الأسد في ظل وجود إيران؟

مجموعة المعطيات التي تحدثنا عنها تعطي الانطباع بأننا في الفصل الأخير من هذا الصـ.ـراع، وذلك لأسباب عدة:

1 ــ لم يعد في سورية ما تحـ.ـارب من أجله باقي الأطراف.

2- كل الأطراف المتصـ.ـارعة وصلت إلى أقصى ما تستطيع الحصول عليه في سورية.

3- انتشار الإرهـ.ـاب وموجات الهجرة الواسعة خلقا حالة ذعـ.ـر سياسي في الغرب، أثرت كثيرًا في الخارطة السياسية وعززت صعود اليمين والشعبوية.

 4- انحسار العمل المسـ.ـلح وضعف الجماعات الإرهـ.ـابية والمتـ.ـطرفة أعادا القضية السورية إلى أصلها، وهي أن غالبية الشعب لا تقبل هذا النظام

وما تظاهرات السويداء الأخيرة إلا دليل ساطع على ذلك.

بعد تسع سنوات من تمسك النظام بسلطاته الاستبـ.ـدادية، وتفضيله الصـ.ـراع العسكري على التفاوض السياسي مع القوى الوطنية.

بات من غير الممكن أن نرى مستقبلًا لسورية مع هذا النظام، وأتوقع أن هذه القناعة أصبحت في ذهن صانع القرار الروسي،

وعلى الرغم من أن مثل هذا التوقع وارد، ستبقى هناك تحـ.ـديات كبيرة أمام الانتقال السياسي في سورية.

ليست روسيا وحدها التي تستخدم المسرح السوري لإعادة تموضعها الدولي كقطب ثان، بل إن هناك أيضًا قوتين إقليميتين كبيرتين هما إيران وتركيا

 اللتان انخرطتا في الصراع بشكل مباشر، حاملتين طموحات ترتكز على الإرث التاريخي والديني، بهدف إعادة رسم الإقليم بأكمله.

تصريحات المسؤولين الروحيين والسياسيين الإيرانيين لا تحتاج إلى تفسير، وآخرها فاتورة العشرين مليار دولار التي تحدث عنها النائب الإيراني

 والتي أنفقتها بلاده في سورية. إيران ستستخدم كل الوسائل للحفاظ على النظام، لأنها استثمرت كثيرًا في الدفاع عن بقائه،

برأيك، ما هي آليات الحل التي تضمن تحقيق سلام مستدام في سورية المستقبل؟

هذا هو مربط الفرس “الآليات”، وهو ما يجب أن يقوم عليه التوافق الروسي – الأميركي. القرار 2254 يتحدث بوضوح عن “عملية سياسية جامعة

 بقيادة سورية تلبّي التطلعات المشروعة للشعب السوري، بهدف التنفيذ الكامل لبيان جنيف، وذلك بسبلٍ منها إنشاء هيئة حكم انتقالية”.

وطالما أننا تحدثنا عن الآليات فإن عبارة “بسُبلٍ منها” قد تفتح الباب للبحث عن سبل أخرى غير هيئة الحكم الانتقالية، وهذا أمر يحتاج إلى التوافق روسي أميركي.

 ولكن في غضون الشهرين القادمين، وقبل أن تبدأ الانتخابات الأميركية. ترامب يحتاج إلى ذلك، كأحد إنجازاته، وبوتين أيضًا يحتاج إلى ذلك،

لأن استطلاعات الرأي تشير إلى أن نجاح ترامب في الانتخابات القادمة ليس مضمونًا، وهذا يعني الكثير لروسيا ولغيرها.

برأيك ما هي رمزية الحراك السويداء بعد أن تحولت سورية إلى ساحة مواجهة عسكرية ؟

وهل من الممكن أن نعتبر أن النظام فشل في إخماد ثورة الشعب السوري؟

لم يفشل النظام في إخماد الثورة وحسب، بل في حماية الوطن والدولة، حيث سخرهما ليدفعا ثمن بقائه، وكان ثمنًا باهظًا.

وما شهدته مدينة السويداء هو دليل على ذلك، ودليل على أن النظام لم ينتصر ولن ينتصر،

إلا إذا اعتبرنا أن حكم بلد مدمر ومنقسم ومعزول فيه ملايين الأيتام هو نصرٌ!

هل تعتقد أن بشار سيرشح نفسه للانتخابات القادمة؟ وما هي الأسس التي يرتكز عليها وتدفعه للترشح؟

لا شك في أنه يطمح إلى أن يحكم سورية حتى آخر يوم في حياته، ولا شك أنه وزوجته ينظران إلى ابنهما حافظ على أنه حاكم سورية القادم.

 أسماء الأخرس باتت تلعب دورًا بارزًا في حكم سورية، وهو دور يتصاعد بنصيحة واستشارات من طرف خارجي.

وهناك تكهنات بأنها قد تتقدم لتحتل منصب الرئاسة، من خلال انتخابات صورية، لكني استبعد نجاح ذلك، بالرغم من معرفتي بأن كل شيء بات ممكنًا.

في كل الأحوال، هي ستسعى -إن بقي النظام- لتكون في مركز القرار وتحكم من وراء ستار.

أما الأساس الذي تقوم عليه هذه الطموحات فهو -مرة ثانية- الشعار الذي عنون استراتيجيتهم “الأسد أو لا أحد”،

وكأن لسان حالهم يقول: “لن تأخذوا سورية منّا، وإذا أردتم أن تأخذوها فخذوها محطمة”.

هل تعتقد أن المعارضة قادرة على تحمّل التحديات المقبلة؟

عندما نقول معارضة، فماذا نعني بذلك؟ هل نعني هيئة التفاوض واللجنة الدستورية؟ أم نعني التجمعات السياسية المختلفة؟

أم نعني فرسان مجموعات وسائل التواصل الاجتماعي؟ بسبب طول مدة الصـ.ـراع

وحدّة الاستقطاب والطرق المـ.ـلتوية التي انتهجتها سياسات الدول المؤثرة،

صار بين هذه الكتل والكيانات والجماعات تباينات كبيرة، تدفع أحيانًا إلى اليأس والإحـ.ـباط.

اقرئي التعليقات على أي بيان أو تصريح لأي كيان معارض.

 أو أي شخصية معارضة، وستجدين أنها تتجاوز حدود شـ.ـتم النظام، وتدخل بالمسائل الجوهرية، وستجدين ما أعنيه.

ولكن إذا تحركت المياه الراكدة واكتمل التوافق الروسي الأميركي وتبلور الأمور؛ فإن الحلّ سيأتي مع آلياته.

وهذا سيؤدي إلى ولادة مشهد جديد في سورية لا على صعيد النظام فقط، بل على صعيد المعارضة أيضًا.