تخطى إلى المحتوى

تركيا تنوي تشكيل درع دفاعي في سوريا لحماية المناطق المحررة

عاد التصعـ.ـيد العسـ.ـكري في منطقة إدلب إلى الواجهة من جديد، بوتيرة تتصاعد يوما بعد يوم، ما يعطي دلالة على هـ.شاشة الاتفاق المبرم بين “روسيا وتركيا”، والذي يقضي بتهدئة تامة على كافة خطوط التماس بين الفصائل وقوات نظام الأسد في محافظة إدلب والأرياف المجاورة لها.

تكتيكات تركية

خلال الفترة الممتدة من لحظة توقيع اتفاق موسكو في الخامس من مارس/آذار الفائت، وحتى منتصف أكتوبر/تشرين الأول الجاري، تمكنت تركيا من استحداث نقاط عسـ.كرية مواجـ.ـهة لخطوط التماس بمسافة تبعد 5 إلى 15 كم، بعضها في مواقع جغرافية استراتيجية تعطيها أفضلية عسـ.كرية، في حين أن معظمها انتشر بمحاذاة الطريق السريع “حلب – اللاذقية”.

وتبدأ هذه النقاط بداية من مزارع “البرناص” في ريف إدلب الغربي، وحتى قرية “النيرب” بريف إدلب الشرقي، ومن بلدة “بليون” في ريف إدلب الجنوبي، وحتى مدينة “دارة عزة” بريف حلب الشمالي الغربي.

ويقارب عدد هذه النقاط أربعين نقطة عسـ.كرية رئيسية وأخرى متفرعة عنها وصلت لـ67 نقطة بمجملها، معظمها في منطقة جبل الزاوية وأطرافه جنوبي إدلب، حيث شكلت (حزاما دفاعيا) من الصعب خرقه في إطار أي عملية عسـ.كرية متوقعة.

الحزام الدفاعي

وتضمنت جميع النقاط المحدثة على مختلف الأسلـ.حة والمركبات والأفراد والطواقم المدنية المتعاقدة مع وزارة الدفاع التركية.

إضافة لآلاف السوريين من الفصائل بوضعهم تحت تصرف قيادة النقاط العسـ.كرية التركية، بمعدل أفراد كلي يقارب 40 ألف عنصر.

وتضمنت هذه النقاط عتادا وقطعا حـ.ربية متنوعة، كان من أبرزها: الدبـ.ـابة الأحدث في الجيش التركي – “ألتاي – ALTAY” وهي دبـ.ـابة قتـ.ـالية متطورة مزودة بمدفع من عيار 120ملم، ورشاشين أحدهما من عيار 12,7 ملم، والآخر من عيار 7,62 ملم، كما أنها مزودة بأنظمة للحماية من الألغام والهـ.جمات الكيماوية والإشعاعية.

إضافة للعربة “كوبرا” وهي عربة مدرعة مخصّصة لنقل الأفراد ضمن المناطق العسـ.كرية، تتميز بتصفيحها العالي وهيكلها المضاد للصواريخ، مزودة برشاش عيار 12,7 ملم، وفتحات ليتمكن الأفراد من الرمي من داخلها.

وكذلك العربة “كيربي” أو “القنفذ” والطراز الأحدث منها “فوران”، وهي الأكثر عددا ضمن التعزيزات العسـ.ـكرية التركية التي دخلت محافظة إدلب.

وتتيح هذه العربة نقل 16 جنديا في ظل ظروف جغرافية ومناخية قاسية، كما تتمتع بتصفيح عالٍ وأجهزة كشف الألغام والمتفجـ.رات، وأجهزة تشويش تمنع إصـ.ـابتها من قبل الصـ.واريخ الموجهة، إضافة لمناظير الرؤية الليلية والحرارية، كما يمكن تزويدها بمنصة إطلاق صـ.واريخ موجهة، أو رشاش من عيار 12,7.

مدرعات وراجمات صـ.واريخ

وأدخلت تركيا أيضاً المدرعة “AKINCI ZMA” وهي عربة مجنزرة ذات تصفيح عالي، مزودة برشاشين أحدهما من عيار 14,5 ملم والآخر من عيار 7,62 ملم، مخصصة لمرافقة الدبـ.ـابات في العمليات القتـ.ـالية ونقل الجنود.

وراجمة الصـ.ـواريخ “جباريا” أو “T-122 CNRA”، التي تم رصد دخولها ضمن التعزيزات العسـ.كرية التركية لمحافظة إدلب، مساء أمس الجمعة 16/10/2020.

وهذه الراجمة من من عيار 122 ملم، يتراوح مداها بين 21 و57 كم بحسب نوع الذخـ.ـائر المستخدمة، ويمكنها توفير غطاء نـ.ـاري واسع، حيث يمكنها إطلاق 50 صـ.ـاروخا خلال دقيقة واحدة وتغطية هدف بمساحة 4كم²، بالإضافة إلى عشرات العربات اللوجستية، كالآليات الثقيلة المخصصة للتحصين والتدشيم، وكاسحات الألغام وغيرها.

وفي إطار تعزيز القواعد التركية العسـ.كرية المحدثة، أرسلت القوات التركية خلال شهر يونيو/حزيران الفائت أسلـ.ـحة وعتادا عسـ.كريا تم رصد دخوله لمحافظة إدلب للمرة الأولى.

وذلك مثل مدافع “هاوترز” ذاتية الحركة من عيارات 130 ملم، و180 ملم، و203 ملم بمعدل إطلاق يبلغ نحو 18 قـ.ذيفة في الدقيقة، وبمدى استهداف يتراوح من 28 كم وحتى 42 كم.

منظومات دفاع جوي

وأدخلت تركيا إلى إدلب منظومة ATILGAN، ومنظومة HISAR-A واللتين تتشابهان إلى حد كبير بأنظمة التشغيل والرصد والإطلاق.

حيث توفر كل عربة من هذه المنظومات درعا من الهـ.جمات الجوية بدائرة يبلغ قطرها 26 كم، وارتفاعا حتى 14 كم، بنظام استعداد وإطلاق لثمانية صواريخ من نوع ستينغر FIM-92.

ومنظومة WHK-MIM23 والتي تتميز باستهدافها للطائرات التي تحلق على ارتفاع يتراوح من 30 وحتى 13,000 متراً بمدى يصل حتى 21 كم، وهي إنتاج شركة ريثيون الأمريكية.

وتستعمل المنظومة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية بشكل أساسي كما صدر منها إلى دول أخرى في الشرق الأوسط، وتعتبر أكثر فاعلية من المنظومات السابقة.

اقرأ أيضاً: قاعدة عسـ.كرية جـ.ديدة.. القوات التركية تدفع برتل عسـ.كري كبير إلى إدلب

تحركات تركيا المستقبلية

ومن المرجح أن القوات التركية لن تستخدم هذه المنظومات في ردع الهـ.جمات الجوية على محافظة إدلب التي يعيش فيها نحو 3.3 مليون مدني، على اعتبار أنّ هذه المنظومات ذات مدى جوي قصير، بإمكانها فقط تأمين قبة جوية للقواعد العسـ.كرية التركية ومنع استهدافها من الطائرات الحـ.ربية أو المسيرة أو الصـ.واريخ البالستية، تفاديا لعدم تكرار حـ.ـادثة بليون بريف إدلب الجنوبي.

ماهي حادثة بليون؟

قُتـ.ل وجُـ.رح أكثر من 60 جنديا من القوات التركية، في شباط الماضي، جراء غارات جوية رجحت مصادر المعارضة السورية أن تكون مصدرها طائرات تابعة للقوات الروسية.

الأمر الذي يعطي أفضلية دفاعية للقوات الأرضية من الضربات الجوية في حال عادت المواجـ.ـهة المباشرة بين الفصائل العسـ.كرية بدعم تركي وقوات الأسد مدعومة بالطائرات الروسية.

عرض روسي

وعرضت موسكو مؤخرا على أنقرة سحب نقاط المراقبة المنتشرة ضمن مناطق سيطرت عليها قوات نظام الأسد خلال العامين 2019 و2020، مقابل تعديل اتفاق يخص مناطق شرق الفرات ومدينة منبج، بهدف إغلاق ملف المناطق التي تم قضمها من منطقة خفض التصعيد الرابعة والاعتراف بسيطرة قوات الأسد على مدن “خان شيخون ومعرة النعمان وسراقب”.

بيد أن أنقرة رفضت هذا العرض وطلبت من الجانب الروسي الالتزام بتعهداته إزاء الاتفاقات السابقة المبنية على أساس مخرجات مؤتمر سوتشي في أوغسطس/آب من العام 2018، والتي حددت مصير محافظة إدلب بعدة بنود.

وكان أبرز هذه البنود إبعاد التنظيمات الراديكالية والأسلـ.حة الثقيلة من المنطقة المنزوعة السـ.ـلاح والتي تم تحديدها بخمسة عشر كيلومتر من مناطق سيطرة الفصائل، وتسهيل الحركة التجارية على الطريقين السريعين M-4 و M-5، وضمان حماية السكان المحليين.

وبحسب خبر نشرته وكالة سبوتنيك الروسية عقب اجتماع اللجنة الروسية التركية المشتركة في العاصمة التركية أنقرة في السادس عشر من سبتمبر/أيلول الفائت، “بعد أن رفض الجانب التركي سحب نقاط المراقبة التركية وإصراره على إبقائها، تقرر تخفيض عدد القوات التركية الموجودة في إدلب وسحب الأسلحة الثقيلة من المنطقة”.

ليبقى قرار سحب النقاط التركية بعد فترة من هذا الاجتماع يكتنفه الغموض، وقالت “سبوتنيك” إن “تركيا طلبت مقابل سحب نقاطها، السيطرة على مدينتي “تل رفعت ومنبج”.

الوقائع الميدانية تنفي العرض الروسي

لكن ما جرى على أرض الواقع ينفي ذلك (العروض الروسية على تركيا في إدلب)، حيث عززت القوات التركية جميع نقاطها العسـ.كرية في إدلب وعززتها بمـ.دافع الميدان الاستراتيجية.

إلى جانب استحداث نقطة عسـ.كرية جديدة في تل قرية “قوقفين” بالقرب من بلدة “كفرعويد” بريف إدلب الجنوبي، وتعتبر النقطة الأقرب من خطوط التماس بمسافة لا تتجاوز 3 كيلومتر.

كما تملك النقطة موقعا إستراتيجيا يبلغ ارتفاعه 815 مترا عن سطح البحر مما يعطيها أفضلية عسـ.كرية في رصد مساحات واسعة من جبل شحشبو وقرى وبلدات ريف إدلب الجنوبي، وكامل سهلي “الغاب والروج”.

في السياق ذاته، علمت بلدي نيوز قبل أيام من مصادر خاصة نية القوات التركية تعزيز تواجدها في ريف إدلب الشرقي خلال الفترة القادمة وتشكيل حزام دفاعي مشابه للسابق في المنطقة الواقعة من قرية “قيمناس” شرق إدلب، وحتى مدينة “الأتارب” في ريف حلب الغربي.

الجدير بالذكر، أن كافة المعطيات السابقة لا تشير إلى أي نية تركية لإغلاق ملف إدلب بصورته الحالية، أو تنازلها عن نقاط المراقبة التي تمنحها شرعية لتواجدها العسـ.كري في عموم سوريا.

كما أن المقايضات التي تطرحها روسيا للسيطرة على الطريق السريع M-4 “سراقب – اللاذقية”، لا يمكن تطبيقها دون مباركة القوات الأمريكية، التي تعتبر صاحبة كلمة الفصل في شرق الفرات.

المصدر: شبكة “بلدي نيوز” بتصرف