تخطى إلى المحتوى

صحيفة أمريكية: الأسد يواجه تهـ.ديدات من نوع مختلف ولا يجد مخرجاً سهلاً

بعد عقد من الحـ.رب، أصبح التهـ.ديد الأكبر الآن لـ”بشار الأسد” هو الأزمة الاقتصادية، لكنه في اجتماعٍ أخير، لم يكن لديه حلول ملموسة لمحنة بلاده الشديدة.

في لقاء خاص مع صحفيين موالين للنظام، سُئل “بشار الأسد” عن الانهيار الاقتصادي في سوريا: انهيار العملة الذي أضر بالرواتب، والارتفاع الهائل في أسعار السلع الأساسية والنقص المزمن في الوقود والخبز، فأجاب قائلاً بحسب شخصين اطلعوا على النقاش: “أعلم.. أنا أعرف.”

لكنه لم يقدم خطوات ملموسة لوقف الأزمة سوى طرح هذه الفكرة: “يجب على القنوات التلفزيونية إلغاء برامج الطهي لكي لا تُزعج السوريين بصور طعام لا يمكنهم الحصول عليه”.

تهـ.ديدات غير تقليدية

ومع اقتراب الذكرى العاشرة للحرب في سوريا، فإن التهـ.ديدات المباشرة لـ”الأسد” ليست الفصائل العسـ.كرية والقوى الأجنبية التي لا تزال تسيطر على مساحات شاسعة من البلاد.

وبدلاً من ذلك، فإن الأزمة الاقتصادية الطاحنة هي التي أعاقت إعادة إعمار المدن المدمرة وأفقرت السكان، وتركت عددًا متزايدًا من السوريين يكافحون للحصول على ما يكفي من الغذاء.

لقد قدّم الاجتماع الخاص مع الصحفيين السوريين الشهر الماضي، والذي لم يتم الإبلاغ عنه من قبل، نظرة نادرة غير مألوفة لقائد بدا منفصلاً عن المخاوف الحقيقية التي تزعج شعبه وعاجزًا عن فعل أي شيء حيالها.

قام شخص بإبلاغ صحيفة “نيويورك تايمز” بالنقاش الذي دار في الجلسة والذي أطلع عليه العديد من الصحفيين، وتم تأكيد التفاصيل مباشرة من قبل أحد الحاضرين.

حتى في حديثه على انفراد، ظل الأسد متمسكًا بالتفاهات التي تميز خطاباته العامة، كان يرتدي بدلة سوداء ويتحدث وكأنه متخصص.

ألقى باللوم على مجموعة من القوى في ويلات سوريا: “وحشـ.ية الرأسمالية العالمية”، و”غسيل المخ” من قبل وسائل التواصل الاجتماعي و”النيوليبرالية” غير المحددة التي كانت تقوض قيم البلاد.

وخوفاً من أن يقلق أحد، أكد للصحفيين أن سوريا لن تصنع السلام مع إسرائيل أو تقنن زواج المثليين.

في الحقيقة هذه ليست القضايا التي يقلق معظم السوريين بشأنها.

الاقتصاد السوري أسوأ من أي وقت مضى منذ بدء الحـ.رب في عام 2011 فقد وصلت الليرة السورية هذا الشهر إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق مقابل الدولار في السوق السوداء، مما أدى إلى انخفاض قيمة الرواتب وارتفاع تكلفة الواردات.

زادت أسعار المواد الغذائية أكثر من الضعف في العام الماضي وقد حذر برنامج الغذاء العالمي هذا الشهر من أن 60٪ من السوريين، أو 12.4 مليون شخص، معرضون لخطر الجوع، وهو أعلى رقم تم تسجيله على الإطلاق.

اقرأ أيضاً: مقاربة جديدة ..مقترح يقدم لـ”بايدن” من أجل الحل في سوريا

هجرة الأطباء

يكرس معظم السوريين الآن أيامهم لإيجاد الوقود لطهي الطعام وتدفئة منازلهم، والوقوف في طوابير طويلة للحصول على الخبز المقنن.

كما أن انقطاع التيار الكهربائي مستمر، حيث تحصل بعض المناطق على بضع ساعات فقط من الكهرباء في اليوم، وهو ما يكفي بالكاد للناس لشحن هواتفهم المحمولة.

اضطرت النساء اليائسات إلى بيع شعرهن لإطعام أسرهن.

تحدثت أم لثلاثة أطفال شريطة عدم الكشف عن هويتها، خوفاً من الاعتقال: “كان علي أن أبيع شعري أو جسدي”.

قالت إن زوجها، وهو نجار، كان مريضًا ويعمل بشكل متقطع، وكانت بحاجة إلى وقود تدفئة للمنزل ومعاطف شتوية لأطفالها.

بمبلغ 55 دولارًا التي حصلت عليها مقابل شعرها، والذي سيستخدم في صنع الشعر المستعار، اشترت لترات من وقود التدفئة وملابس لأطفالها ودجاجة مشوية، وهي المرة الأولى التي تذوقتها أسرتها منذ ثلاثة أشهر وقالت بأنها بكت من العار لمدة يومين بعد ذلك.

قال رئيس نقابة الأطباء إن انخفاض العملة يعني أن الأطباء يكسبون الآن ما يعادل أقل من 50 دولارًا في الشهر.

وأضاف: الكثيرين يسافرون مؤخراً إلى الخارج للعمل، إلى السودان والصومال، وهاتان الدولتان هما من بين الدول النادرة التي تسمح بدخول سهل للسوريين ولكن لا يتمتع أي منهما باقتصاد قوي، في حين يجني أصحاب المهن الأخرى أقل من ذلك بكثير.

قال موسيقي من دمشق: “همّ الناس، أكثر من أي شيء آخر هو الطعام والوقود”، “كل شيء باهظ الثمن بشكل غير عادي ويخاف الناس أن يفتحوا أفواههم”.

الأسباب متعددة ومتداخلة: أضرار واسعة النطاق ونزوح من الحـ.رب؛ عقـ.وبات غربية واسعة النطاق على نظام الأسد وشركائه، انهيار مصرفي في لبنان المجاور، حيث احتفظ الأثرياء السوريون بأموالهم هناك وعمليات الإغلاق لمكافحة فيروس كورونا.

اقرأ أيضاً: “أم زكي” تتحدث عن أمور غـ.ريبة رأتها في دمشق وتوجه رسالة لـ”بشار الأسد” (فيديو)

لا مخرجاً سهلاً لـ”الأسد”

“الأسد” ليس لديه مخرج سهل حيث تقع معظم حقول النفط في البلاد وجزء كبير من أراضيها الزراعية في الشمال الشرقي الذي تسيطر عليه “قسد” بدعم من الولايات المتحدة.

واستثمر أقرب حلفاء النظام، روسيا وإيران، بشكل كبير لمساعدته على الفوز في الحـ.رب، لكن كلاهما يعاني من مشاكل اقتصادية خاصة بهما ويمكنهما تقديم القليل من المساعدة، فقد واصلت روسيا تقديم مساعدات عسـ.كرية كبيرة لسوريا ولكن مساعدات إنسانية محدودة.

قال “ألكسندر إيفيموف”، السفير الروسي في سوريا، لوكالة الأنباء الروسية “ريا نوفوستي”: “إن الوضع الاجتماعي والاقتصادي في سوريا اليوم صعب للغاية”.

لكنه قال إن إرسال الدعم كان “صعبًا للغاية” لأن روسيا أيضًا كانت تعاني من الوباء والعقـ.وبات الغربية.

في الأسبوع الماضي، بعد أن اعـ.تقلت شابة إسرائيلية كانت تتجول في سوريا، استخدمها النظام السوري كورقة مساومة لإطلاق سراح راعيين سوريين، والحصول على 60 ألف جرعة من لقاح فيروس كورونا، دفعت إسرائيل مقابلها لروسيا 1.2 مليون دولار.

على الرغم من هذه المشاكل، لا يزال “الأسد” مسيطراً، فبعد ما يقرب من عقد من القـ.تال، وصلت الحـ.رب إلى طريق مسدود، حيث بات حوالي ثلثي البلاد ومعظم سكانها تحت حكم الأسد.

وهو الآن يتطلع أن يؤدي الفوز في انتخابات رئاسية زائفة هذا الربيع إلى إقناع خصومه بالتخلي عن آمالهم في تغيير النظام والقبول به كزعيم وحيد ومستقبلي لسوريا.

لم يرد مكتبه على طلب للتعليق على هذا المقال، بما في ذلك أسئلة حول لقائه بالصحفيين فهو يتخذ من فرض التعتيم الصارم على أي تلميح لمعارضته كجزء من استراتيجيته في حكم البلاد.

في الشهر الماضي، نشرت هالة جرف، مذيعة أخبار سابقة في التلفزيون الرسمي السوري، اقتباسًا من “جان جاك روسو” على فيسبوك ردًا على سؤال “ما هي الأمة؟”.

وكتبت: “بالنسبة للثراء، مارح يكون أي مواطن ثري بما يكفي ليشتري مواطن تاني، ولا فقير بما يكفي لينجبر يبيع حاله”، وقد تم القبض عليها لمخالفتها قوانين “الجـ.رائم الإلكترونية” في البلاد.

توتر في الاجتماع الخاص

كانت هناك لحظة من التوتر في الاجتماع الخاص مع الصحفيين عندما سأل أحدهم كيف سيتعامل الرئيس مع الغضب بين مؤيديه بسبب الاقتصاد السيئ.

فقام أحد مستشاري “الأسد” بمقاطعته بغضب، إلا أن “الأسد” سمح للرجل بالتحدث وأجاب بأنه كان على علم بآلام الناس.

لكنه قدم تأكيدات غامضة فقط بأن الوضع سوف يتحسن، ولم يكن هناك خطط واضحة لمساعدته على القيام بذلك.

غالبًا ما تظهر زوجة “الأسد” الأنيقة المولودة في بريطانيا، “أسماء”، علنًا مما يشير إلى أن الحياة في سوريا تسير بشكل طبيعي.

فقد روجت للتعليم عبر الإنترنت فيما كانت تلقي كلمة مؤخرًا بحضور المشاركين في مسابقة وطنية للعلوم.

وقالت إنه “يوفر الوقت والجهد والمال، فضلاً عن تحقيق العدالة”، ويمكنه إتاحة المعلومات “لجميع الطلاب في جميع المناطق”.

ولم يتم التطرق إلى كيفية دراسة الطلاب عبر الإنترنت نظرًا للانقطاع المستمر للتيار الكهربائي.

قصص مـ.عاناة

ليس بعيدًا عن قصر “الأسد”، يكسب الأب لتسعة أطفال ما يعادل 5 دولارات في اليوم من بيع الخضار، وهو يستخدم “بسطة” متواضعة، مع صناديق مليئة بالباذنجان والبطاطا والتفاح على الأرض، ليؤمن لعائلته قوتاً خلال أسوأ سنوات الحـ.رب.

لكنه قال إنه خلال العام الماضي، ارتفعت أسعار المواد الغذائية بسرعة كبيرة لدرجة أنه قام بتنويع عروضه لتغطية نفقاته.

لقد صنع دبس الرمان ومخلل الباذنجان، لكنه توقف عندما أصبح من الصعب جدًا الحصول على غاز للطهي.

إنه غير قادر على تحمل الرسوم المدرسية، لذلك انسحب اثنان من أبنائه من المدرسة، وهاجر آخر إلى ألمانيا وأرسل إلى عائلته ما يكفي من المال لدفع الإيجار.

ومع ذلك، فإن ابنًا آخر يقضي ثلاث إلى خمس ساعات يوميًا في الانتظار في طابور للحصول على نصيب الأسرة من الخبز الرخيص والمدعوم، وقال إنه حتى الكماليات البسيطة أصبحت نادرة.

وأضاف: “قبل أسابيع قليلة اشتريت دجاجة، أعدت زوجتي منها ثلاث وجبات”.

لقد أصبح السوريون الذين كانوا يعدون من الطبقة الوسطى فقراء الآن.

قال وسيم، الذي يعمل في وزارة حكومية، إنه وزوجته كانت رواتبهما تسمح لأسرتهما بسهولة تحمل تكاليف الخبز والوقود وغاز الطهي والملابس، حتى قبل بضع سنوات عندما خسر النظام جزءاً من البلاد وكانت المعارك لا تزال مستعرة.

لكن مع انهيار العملة، الذي بدأ في أواخر عام 2019، تضاءل دخلهم، مما أجبرهم على تناول طعام أبسط وشراء ملابس مستعملة، وافتتح مؤخرًا متجرًا للعطور يديره بعد نهاية الدوام اليومي لزيادة دخله.

وهذا يترك له القليل من الوقت للانتظار في طابور للحصول على الخبز، لذلك يشتري الخبز غير المدعوم، بسعر 35 سنتًا للكيس المكون من ستة أرغفة، هو أغلى بست مرات من المدعوم.

وقد جعلت منه نضالاته اليومية قليل الصبر على مسألة تركيز الحكومة على القضايا السياسية التي لا تؤثر على حياته اليومية، مثل النضال ضد إسرائيل.

المصدر: صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية\ ترجمة موقع “نداء بوست”