تخطى إلى المحتوى

صحيفة أمريكية تتحدث عن تحدٍ وتسابق بين بايدن وبوتين في سوريا خلال الفترة المقبلة

تستعد إدارة بايدن لخوض مواجهة مع روسيا بخصوص تسليم المساعدات الأممية لملايين السوريين الذين يعيشون في المناطق التي خرجت عن سيطرة نظام بشار الأسد.

بما أن روسيا تميل للوقوف في وجه تدفق تلك المساعدات ومنع وصولها حال طرح الموضوع في مجلس الأمن خلال شهر تموز المقبل.

ولذلك بات أمر استخدام الأمم المتحدة لمعبر باب الهوى الحدودي بين سوريا وتركيا في مهب الريح.

بعدما أخذت الأمم المتحدة ترسل عبر ذلك المعبر حوالي ألف شاحنة محملة بالمساعدات في الشهر الواحد إلى شمال غربي سوريا حيث تجاوز عدد السكان في تلك المنطقة أربعة ملايين نسمة.

ولهذا ترى الولايات المتحدة وحلفاؤها بأن إغلاق هذا المعبر في وجه الأمم المتحدة قد يعرض المدنيين للخــ.طر، لا سيما المليون وسبعمئة ألف نسمة الذين يعيشون في هذه المنطقة بعدما تعرضوا للنزوح والتهجير بسبب النــ.زاع.

كما أن هيئة الأمم المتحدة بدأت لتوها في حملة تلقيح ضد كوفيد-19 ضمن هذه المنطقة، لذا من الصعب أن تحل أي منظمة أخرى محل الأمم المتحدة في متابعة هذا الموضوع.

أما موسكو فتعتبر مسألة تمرير المساعدات عبر المعبر انتــ.هاكاً لسيادة “الدولة السورية”.

ولهذا يجب أن يتم تمرير المساعدات عبر المناطق التي يسيطر عليها النظام والذي تمكن من التغلب على المعارضة بمساعدة روسيا وإيران بعد مرور عقد من الزمان على اندلاع الحــ.رب السورية.

وحول هذا الموضوع صرح مسؤول أميركي لدى الأمم المتحدة بالقول: “واضح أن المخاطــ.ر كبيرة جداً، ولهذا سنعمل مع الدول التي تفكر مثلنا والتي تقف معنا في هذا الموضوع وكذلك مع دول أخرى أعربت عن تشكيكها بتلك النيات”.

إذ يرى مسؤولون سابقون وحاليون في الحكومة الأميركية بأن الهدف الذي تنشده روسيا من كل ذلك يتلخص في تعزيز سلطة الأسد والضغط على المعارضة السورية.

ولعلها تفكر بإرغام إدارة بايدن على تقديم تنازلات بخصوص سياستها تجاه سوريا.

وبالرغم من أن مسؤولي إدارة بايدن ما يزالون منهمكين في مراجعة سياسة بلادهم في تلك المنطقة.

إلا أن وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكين سبق أن طالب مجلس الأمن الدولي بتوسيع استخداماته للمعابر الحدودية.

ومن المتوقع أن تشغل هذه القضية حيزاً ضمن جدول أعمال الإدارة الأميركية.

في حال عقد اجتماع بين الرئيس الأميركي بايدن ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في أوروبا خلال شهر حزيران المقبل، وهذا ما يأمل البيت الأبيض أن يتم.

يذكر أن مسألة استعانة الأمم المتحدة بالمعابر الحدودية تعود إلى عام 2014.

وذلك عندما صدّق مجلس الأمن على خطة إرسال المساعدات إلى الشعب السوري عبر معابر أربعة، اثنان منهما مع تركيا، والثالث مع العراق، والرابع مع الأردن.

وذلك بغية الوصول إلى المدنيين الموجودين على كلا جبهتي القــ.تال.

ولكن بسبب الضغوط التي مارستها روسيا، قلص مجلس الأمن فيما بعد عدد المعابر التي منحت الأمم المتحدة رخصة استخدامها لتصل إلى معبر واحد.

ألا وهو معبر باب الهوى. وفي تموز من العام 2020، استطاعت إدارة ترامب إبقاء التمديد لمدة سنة أمام الترخيص الممنوح للأمم المتحدة لاستخدام ذلك المعبر.

وحول ذلك الموضوع يحدثنا جيمس جيفري الذي شغل منصب المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا أيام إدارة ترامب.

فيقول: “لقد استفادت روسيا عبر ممارسة نفوذها الذي ضيق الخناق على مجلس الأمن بخصوص المعابر الإنسانية في فرض حالة تقبل للأسد إلى جانب السعي لإلغاء العقوبات المفروضة على نظامه”.

غير أن موسكو لم تعلن حتى الآن عن نيتها الساعية لعرقلة فكرة التمديد، أي أنها تركت الباب مشرعاً أمام استئناف المفاوضات بشأن استخدام ذلك المعبر، مقابل تقديم الولايات المتحدة لتنازلات بخصوص سوريا أو بالنسبة لسياساتها في مناطق أخرى.

وقد علق على ذلك الناطق الرسمي باسم السفارة الروسية في الولايات المتحدة حيث قال: “إن إلغاء آلية المعابر الحدودية لن يتحول إلى مأساة إنسانية”.

وذكر بأن تسليم المساعدات إلى الشمال السوري عبر حكومة النظام قد يكون مجدياً.

غير أن منظمات إغاثية أعلنت بأن كثيرا من المنظمات السورية التي تمارس تلك الجهود الإغاثية في البلاد تعتمد بشكل كبير على ما ترسله الأمم المتحدة من مواد وتمويل عبر تركيا.

كما ذكرت بأن كل المحاولات السابقة لتنسيق أمور شحن المساعدات من المناطق التي يسيطر عليها النظام إلى مناطق النزاع باءت بالفشل.

وعن ذلك يقول مارك كاتس وهو كبير المسؤولين الأمميين الذين يقومون بالإشراف على شحن المساعدات إلى شمال غربي سوريا: “هنالك مخيمات كبيرة ينتشر فيها النازحون مع خيامهم في كل مكان…

ثم إن المواد الغذائية، وتقريباً كل الخيام، واللقاحات ضد كوفيد كلها تأتي من خلال الأمم المتحدة.

فلقد أمضينا سنوات ونحن نعمل على تطوير آلية أثبتت جدارتها بحق، فلم يجب علينا التخلي عنها في الوقت الذي أصبحت فيه الحاجات أكثر إلحاحاً؟!”.

وفي خطوة احترازية ضد احتمال إغلاق المعبر الحدودي الوحيد المتبقي أمام الأمم المتحدة، قامت بعض المنظمات الإغاثية بتخزين المساعدات في شمال غربي سوريا بحيث يمكن استخدامها لعدة شهور بحسب ما ذكره بعض العاملين في المجال الإغاثي.

بيد أن ذلك مجرد إجراء مؤقت لسد النقص إلى أن تتمكن المنظمات غير الحكومية والحكومات الأجنبية التي لا تحتاج إلى رخصة من قبل مجلس الأمن الدولي لاستخدام ذلك المعبر.

من العثور على سبل تمكنها من خلالها إرسال المساعدات عبر تركيا.

وحتى إن تم ذلك، ترى بعض المنظمات الإغاثية بأنها لن تتمكن من سد الفراغ الذي ستتركه المساعدات المقدمة عبر الأمم المتحدة.

إذ يرى أحد العاملين في منظمة ميرسي في سوريا بأن: “ثمة كثير من الآثار الجانبية التي لا يمكن أن تظهر للعيان على الفور”.

فقد أشار إلى أن المنظمات المحلية التي تمثل جزءاً من نظام الإغاثة الإنسانية المعقد تعتمد على الأمم المتحدة، ولهذا يتابع بالقول: “من المستحيل أن نعوض ما تقدمه الأمم المتحدة حالياً بصورة فعلية.

لذا فإن كل ما سيحدث سيؤثر سلباً وسيضعف من الفعالية والكفاءة وسيتم ضمن نطاق أصغر بكثير”.

وهكذا نجد بأن القرار الوشيك الذي سيتخذ بخصوص المعبر الحدودي يزيد من الضغوط الممارسة على إدارة بايدن لدفعها للتصريح باستراتيجيتها على نحو أوسع فيما يتصل بتعاملها مع الأزمة في سوريا.

ثم إن مسؤولي بايدن الذين عينوا مبعوثين خاصين لكل من اليمن والأزمة الحاصلة في القرن الإفريقي لم يفصحوا عن خططهم بشأن تعيين مبعوث خاص يتولى أمور السياسة الأميركية في سوريا.

كما أن الإدارة لم تحدد استراتيجيتها الدبلوماسية في سعيها لتهدئة النزاع في سوريا، ولم تتطرق للحديث عما إذا كانت لديها خطط لمواصلة نشر ما يقارب من 800 جندي أميركي في شمال شرقي سوريا.

حيث يقوم هؤلاء الجنود بدعم قوات سوريا الديمقراطية التي يتزعمها الكرد الذين حــ.ـاربوا تنظــ.يم الدولة في هذه المنطقة.

وفي هذه الأثناء، تدرس دول الخليج العربي أمر إرسال المساعدات الإنسانية إلى مناطق يسيطر عليها نظام الأسد.

في خطوة يرى مسؤولون أميركيون سابقون بأنها لا بد أن تحظى بترحيب كبير من قبل موسكو، كما أنها ستكون فاتحة لتقبل حكومة نظام الأسد على نطاق أوسع.

وعن ذلك يعلق السيد تشارلز ثيبوت وهو عضو زائر لدى معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى فيقول:

“هنالك قضية أساسية تتمثل فيما إذا ستقوم الإدارة الأميركية بربط هذا النقاش حول المعبر الحدودي بقضايا أخرى تتصل بالنزاع في سوريا…

بيد أن مجال التسوية أصبح ضيقاً، إذ لم يعد هنالك سوى معبر واحد، كما أن هنالك ضغوطا كبيرة تمارس على الدول الأعضاء.

وخاصة على الولايات المتحدة، لتتجنب الوصول إلى طريق مسدود حول هذا الموضوع في مجلس الأمن الدولي”.

 المصدر: وول ستريت جورنال – ترجمة تلفزيون سوريا