كشف تقرير مفصل لمجلة أمريكية عن الدور البارز لشيوخ الطائفة العلوية في تأجـ.ـيج الصـ.ـراع الطائفي ضـ.ـد السنة في سوريا، ودورهم في تشكيل الميليـ.ـشيات الداعمة لنظام الأسد.
جاء ذلك في تقرير مطول لمجلة “نيولاينز” الأمريكية، استعرضت خلاله قصة “علي خزام”، وهو “رجل دين وقائد عسكـ.ـري” ينتمي للطائفة العلوية ويتمتع بشخصية جذابة.
المجلة لفتت في تقريرها إلى أن النظام استغل صورة الشيخ العلوي المحـ.ـارب، الذي كان برتبة عقيد في قوات الأسد، لتعزيز قاعدته الشعبية بين العلويين.
موضحة أن الصورة الحقيقة لـ”خزام” مختلفة تماماً عما يروج له، مشيرة أنه “قاتـ.ـل لايرحم”، واستخدم صلاته بعائلة الأسد وصورته العامة الكاريزمية لتقديم مبررات طائفية ودينية لقمـ.ـع معارضي النظام.
وبينت المجلة أن هناك تو.رطاً دينياً علوياً في العنـ.ـف، موضحة أن مشايخ مثل “خزام” الذين يكبرون ويبرزون كقادة عسكـ.ـريين أو ضباط مخابـ.ـرات شكلوا ظاهرة أساسية في الصـ.ـراع السوري تم تجاهلها بشكل كبير.
لافتة أنهم كانوا من المجـ.ـرمين غير البارزين في البداية، إلا أنهم كانوا ذوي تأثير كبير في العمليات القتـ.ـالية، وتحولوا من مجرد جنود في ساحات القتـ.ـال إلى مجـ.ـرمي الحـ.ـرب الذين ارتكبوا فظـ.ـائع ضـ.ـد المدنيين.
دعم الأسد
مع إنطلاق الثورة السورية وجدت الطائفة العلوية نفسها في موقف صعب، بحسب التقرير، وهو إما الوقوف مع النظام أو مواجهة عواقب وخيـ.ـمة، وشعر الشيوخ أيضاً بالضغط، لكنهم لم يكونوا على موقف واحد.
إقرأ أيضاً: الخطة جاهزة للمواجهة.. نظام الأسد يبعث برسالة إلى حاضنته من الموالين والعلويين في الساحل عن طريق روسيا
وبحسب تقرير المجلة، انضم عدد قليل جداً (إن وجد) من المشايخ إلى حركات المعارضة الناشئة، وبقي معظم الآخرين في الداخل ولجؤوا إلى الهدوء، وألقى البعض الآخر بثقلهم بالكامل خلف النظام.
ويوضح التقرير أن الفئة الأخيرة دعمت النظام من خلال تشجيع الشباب على التجـ.ـنيد في الميليـ.ـشيات، مشيراً إلى أن الشيخ “موفق غزال” يظهراً باستمرار مسلحاً في زيّ عسكـ.ـري مموه، ويدافع علناً وبلا خجل عن الشباب العلوي الذي يحمل السـ.ـلاح.
كما يقف “غزال” جنباً إلى جنب مع قادة ميليـ.ـشيات سيـ.ـئي السمعة مثل “معراج أورال” المعروف أيضاً باسم “علي كيالي”، الأمر الذي يضفي جواً من الشرعية الدينية على التعبئة المؤيدة للنظام.
كذلك تطرقت المجلة إلى أمثلة أخرى من مشايخ علويين آخرين دعموا النظام في حـ.ـربه ضـ.ـد السوريين مثل “الشيخ شعبان منصور”، و”محمد بركات”، إضافة لخزام وشيوخ آخرين كانوا مقربين من مخابـ.ـرات النظام.
علي خزام
ولفتت المجلة أن “علي خزام” شكل مثالاً لباقي شيوخ الطائفة العلوية الذين أجـ.ـرموا بحق السوريين، مشيرة أنه كان يحظى بعلاقات واسعة مع عائلة الأسد.
وأوضحت أنه نشأ في بيئة مجتمعية تعتبر استمرارَ للنظام وحماية المجتمع العلوي أمراً أساسياً، فكانت الهويتان تعززان بعضهما بعضاً من بعض الوجوه.
على سبيل المثال، تحتوي الديانة العلوية على عناصر لاهوتية محددة وسرية، لا يجوز كشفها للغرباء، وكانت دكتاتـ.ـورية نظام الأسد أيضاً تتطلب السرية في هياكله وسياساته وموظفيه.
ومن هذا المنطلق وكونه شيخاً علوياً غير بارز قد سهل وظيفته كضابط في مؤسسة عسكـ.ـرية سرية للغاية، فترقى “خزام” في الرتب العسكـ.ـرية طوال فترة التسعينات، وعندما بدأت الثورة، تحتم عليه أن يلعب دوراً كبيراً في قمـ.ـعها.
كما استعرض التقرير علاقات الشيخ العلوي “خزام” مع “عصام زهر الدين”، وارتكـ.ـابهما العديد من المجـ.ـازر بحق السوريين في حمص وريف دمشق والرقة ودير الزور وغيرها من المناطق.
كذلك أشار التقرير لوجود صلات بين “علي خزام” وميليـ.ـشيات الحرس الثوري الإيراني التي قامت بتدريبه منذ بداية انطلاق الثورة السورية 2011.
وأوضحت أنه كان لإرث “خزام” من العنـ.ـف الطائفي تأثير عميق على مسار الصـ.ـراع السوري، فقد ارتكـ.ـب المجـ.ـازر في غوطة دمشق وحمص ودير الزور لمعـ.ـاقبة السوريين انتقـ.ـاماً لاخفاقات النظام العسكـ.ـرية.
مؤكدة أنه قدم مساهمة كبيرة في إستراتيجية نظام الأسد المتعمدة لتقوية الطائفية ضـ.ـد السنة في سوريا.
كما كانت الديانة العلوية، بحسب التقرير، مصدر إلهام لعدد من المشايخ المحـ.ـاربين مثل خزام، وساهمت في جعل القتـ.ـل الجماعي أمراً طبيعياً بالنسبة لهم من خلال تهميش السنة وتبرير الإبـ.ـادة.
ولم يكن الشيوخ العلويين المحـ.ـاربين مثل خزام، مختلفين عن غيرهم ممن قتـ.ـلوا وأجـ.ـرموا باسم الدين “بحجة أنهم كانوا أعضاء من فئة عليا تم اختيارهم لمهمة خاصة.
وبرر الشيوخ العلويين تصرفهم بأن هذا التفوق وهذه المهمة يعود لانتمائهم للمؤسسات الدينية، أو أوامر أو طوائف عرقية أو إثنية، بحسب التقرير.
تكريم مجـ.ـرم طائفي
وذكر تقرير المجلة أن النظام كرم المجـ.ـرم الطائفي “خزام” بعد وفاته، حيث تم نقل جثمانه بالطائرة العسكـ.ـرية من دمشق إلى مطار اللاذقية، وصولًا إلى القرداحة.
كما تدفقت حشود ضخمة إلى الشوارع لحضور جنازته الرسمية، وسط زغاريد النساء وتحية وقوف من الحرس الجمهوري في مشهد أعده إعلام النظام بعناية.
وأنتجت قناة سوريا التابعة للنظام فيلماً وثائقياً في سيرة تقديسية عن خزام بعنوان “أسرار الصمود”، والذي عمل على تعزيز أسطورة خزام من خلال تقديس ذكراه.
وفي هذا الفيلم، كانت عائلته وأصدقاؤه يرددون شعارات البعثيين والمؤيدين للأسد تمجيداً “لوطنيته” و”كفـ.ـاحه ضـ.ـد الإرهـ.ـاب”، في حين تم تصوير ابنه حيدر جالساً في غرفة المعيشة بقبعة والده العسكرية وسـ.ـلاحه الأوتوماتيكي بين يديه.
وختمت المجلة التقرير بالإشارة إلى أن خزام” لا يعد فريداً من نوعه، فهو يمثل مجموعة فرعية من الشيوخ العلويين الذين لم يدعموا النظام فحسب، بل حملوا السـ.ـلاح واحتشدوا لقمـ.ـع الثورة.
مبينة أن قلقهم كزعماء للأقليات الدينية دفعهم إلى ارتكـ.ـاب أعمال عنـ.ـف ربما اعتقدوا أنها كانت نوعاً من الدفاع عن النفس، ووسيلة لمنـ.ـع تكرر هذا العنـ.ـف ضـ.ـد طائفتهم في المستقبل.
وأوضحت أن هذا العنـ.ـف الاستباقي أو الوقائي تحول إلى نبوءة ذاتية التحقق، ما أدى في الواقع إلى تطـ.ـرف العديد من الضحـ.ـايا ومجتمعاتهم، لينتهي الأمر بنشوب أعمال عـ.ـنف انتقـ.ـامية.
واليوم وبعد مرور 11 عاماً من الصـ.ـراع، تؤكد المجلة، أصبح مدى فشل هذا النهج واضح للجميع، إذ لم يكن هناك أي منتصر من أي طائفة.