تخطى إلى المحتوى

مأساة أم وأبنائها العجزة في مخيم منسي بريف إدلب

في منطقة نائية في ريف إدلب تعيش “عائشة الشيخ” المعروفة بأم ماجد داخل إحدى الخيام المهترئة التي لا تقيها من صقيع الشتاء منزلاً لها ولأولادها العجزة في أحد المخيمات الصغيرة.

لجأت أم ماجد لهذا المخيّم بريف إدلب شمال سوريا بعد رحلة النزوح من قرية “البياعية” الواقعة في ريف حلب الجنوبي إثر قصفها من قبل قوات نظام الأسد، ورغم معاناتها المستمرة ووضعها المعيشي السيء إلا أنها لا تزال تهتم بجميع أطفالها وترعاهم إيماناً منها بأن بقضاء الله وقدره.

تقول أم ماجد “قبل نزوحنا إلى هذه الخيمة المهترئة التي باتت مسكنا لي ولأبنائي العجزة كنا نعيش حياة بسيطة من زراعة أرضنا ومن المساعدات من أهل الخير من الأقارب والجيران، ولكن منذ خروجنا من منزلنا ضاقت بنا الحياة كثيراً وأصبحنا بلا منزل يحمينا وبلا مصروف يؤمن لنا رغيف الخبز لإطعام أبنائي الجياع”.

وتتابع الحديث أم ماجد: ابنتي الكبيرة عمرها 30 سنة واسمها أركان مصابة منذ الولادة بشلل دماغي كامل ولا تستطيع النطق والحركة، أما بناتي أميمة وهاجر الأصغر منها فهما مصابتان بشلل نصفي وضمور في الدماغ، ولا يتكلمان أيضاً ولكن يستطيعان الحركة قليلا فقط”.

وتجبر الظروف الصعبة أم ماجد على أن تراقب بناتها بشكل دائم بسبب محاولاتهم المتكررة للانتحار أو الذهاب بلا عودة فهما لا تدركان ما تقومان به.

وتشير أم ماجد إلى أن جميع بناتها يلزمهم أدوية ومهدئات سعرها غالي جداً ويجب أن تعطى لهم بشكل منتظم ولا تصلنا أي مساعدة أو تدخل من المنظمات الإنسانية في هذا الأمر.

وتقول “الآن أمتلك لدينا بعض الأدوية التي جلبها لي بعض الأشخاص الطيبين ولكن بمجرد نفاذها ستعود المعاناة ونوبات الصرع مجدداً لبناتي”.

كل يوم صباحاً عندما أنظر إلى أبنائي أبدأ بالبكاء، وتقول ربما كان إجبارنا على زواج الأقارب سبب ولادة هؤلاء الأطفال العاجزين.

وتضيف أم ماجد حديثها: ابني ماجد لا يعاني من أي إعاقة خلقية ولكنه ولد مصاباً بفشل كلوي جعله لا يتحرك أبداً ويحتاج لغسل الكلى 3 مرات في الأسبوع، وبسبب قلة الغذاء والرعاية الصحية جعلته يجلس على الكرسي المتحرك لطيلة حياته.

ولا يتوقف الأمر عند هذا الأمر فقط، فقد أصيب ماجد بالتهاب الرئتين نتيجة استخدامه وعائلته في تدفئة أجسادهم من برد الشتاء للفحم ولزيوت السيارت، مما استلزم علاجه في مستشفى مدينة إدلب منذ بضعة أيام.

ولا تتوقف مأساة أم ماجد عند هذا الحد، فهي تشعر بحرقة القلب على ابنها الوحيد المعافى والسليم واسمه “مصطفى ” ويبلغ من العمر 13 عاما وقد تم حرمانه من طفولته التي يحلم بها أي طفل كالعيش في أسرة سليمة وحقه في التعليم، فقد أجبرته الظروف على أن يكون معيناً ومساعداً لوالدته في العناية بإخوته المرضى في قضاء احتياجاتهم الشخصية كل يوم.

وتفتقر المناطق المحررة لوجود المنظمات الإنسانية أو الخيرية التي تهتم بمثل هذه الحالات المرضية، فأم ماجد لم تدع باباً إلا ودقته من أجل تقديم المساعدة لها ولكن ما من مجيب.

ومع كل يوم لا تأمل أم ماجد التي أثقلتها هموم الحياة ومصاعبها إلا في تأمين لقمة العيش التي تعتبر من أصعب الأمور التي تواجهها عندما يطلب أحد أبنائها الطعام ولا تجد ما تقدمه له.

هادي العبد الله – الجزيرة

الوسوم: