تخطى إلى المحتوى

كاتب سوري: هل ستطوى صفحة بشار الأسد بأيادٍ روسية بعد كل هذا ؟

نشر المهندس المعماري والمدون السوري “عبد الحليم عباس” مقالاً له على موقع “مدونات الجزيرة”، والذي حمل عنوان “بأيادٍ روسية.. هل اقتربت نهاية حكم الأسد؟!”.

حيث أشار فيه إلى أنه على الرغم من استعصاء الحل السياسي على المدى القريب، والغموض الذي يكتنف سبل الخروج من جحيم الأزمة السورية، فإن هناك دلائل ومؤشرات بدأت بالظهور، وخاصة بعيد إحكام النظام سيطرته على مساحات واسعة من الجغرافيا السورية، والتي تنبئ عن توجه روسي للتخلي عن “بشار الأسد” ونظامه.

اقرأ أيضاً: باحث سوري يكشف عن خمسة أسباب تؤكد نهاية حكم بشار الأسد هذا العام

فمع كل الدعم الذي قدمته من دفاعها المستميت عن النظام في المحافل الدولية، واستخدامها حق النقض لمنع إدانة جرائمه المروعة التي ارتكبها، ناهيك عن دعمه عسكرياً ولوجستياً في مواجهته فصائل المعارضة السورية.

إلا أن روسيا أظهرت لاحقاً تباعداً ملحوظاً عن الأسد ومن معه على الرغم من انتصارهم المزعوم في صراعهم الوجودي من أجل البقاء في السلطة، وتقارباً متزايداً من مواقف الدول الفاعلة ومصالحها في تسوية الأزمة السورية.

ويذكر مدون المقال بأحداثٍ حصلت في نهاية عام ٢٠١٨، بينما كان النظام يبسط سيطرته على معاقل المعارضة الكبرى، صدر تصريحان لافتان عن شخصيتين مقربتين من دوائر صنع القرار في موسكو.

إذ صرح الدبلوماسي السابق في الخارحية الروسية “فيتشسلاف ماتوزوف” لأحد القنوات العربية قائلاً: “إن أكثر شخص في العالم يدرك إستحالة أن يحكم بشار الأسد سوريا، هو بشار الأسد نفسه”.

بينما قال المحلل السياسي المقرب من الكرملين “يفغيني سيدروف” لصحيفة “نوفيتشي” الروسية: “لقد أحدثت الحرب في سوريا شرخاً مجتمعياً يصعب معه تخيل أن يعود شكل الحكم إلى ما كان عليه قبلاً، لم تتدخل روسيا لمنع سقوط الأسد، بل لضبط ذلك السقوط، فالفرق شاسع بين هبوط المظلة الهادئ، وسقوط النيزك المدمر، مع أنه سقوط في كلتا الحالتين”.

ويشير مدون المقال إلى أنه بغض النظر عن مدى أهمية هذين التصريحين ودرجة ارتباطهما بوجهة النظر الروسية الرسمية، إلا أن دلائل عديدة تظهر إنسجامهما بشكلٍ لافتٍ مع طريقة تعامل موسكو مع “بشار الأسد” ومع نظامه.

يذكر أنه كان قد قدم الأسد لروسيا منذ تدخلها للحيلولة دون سقوطه، كل ما تحتاجه لتأسيس وجود راسخ لها في البحر الأبيض المتوسط في مواجهة الناتو، وسلمها مفاتيح الجيش والأمن التي طالما كانت مصدر قوة الأسد ونظامه، ناهيك عن إعطائها حق حصري في إدارة الأزمة والإستئثار بالقرار السياسي، فماذا يمكن أن يقدم رأس النظام لروسيا أكثر من ذلك؟.

اقرأ أيضاً: ضابط مخابراتي سابق يكشف عن النهاية التي تكتبها روسيا لـ “بشار الأسد”

فحقيقة الأمر أن “بشار الأسد” قد استنفذ أوراقه وسبل إقناعه للروس بارتباط مصالحهم بإستمرار حكمه، وبدا واضحاً أن بقاء الأسد ونظامه سيعرقل جهود روسيا الرامية إلى فرض حل مستدام بسوريا يضمن عودة ملايين اللاجئين إلى وطنهم تزامناً مع إنتخابات حرة تفضي إلى حكومة ذات مصداقية.

وهو الشرط الأساسي الذي وضعته دول الاتحاد الأوروبي لتمويل إعادة الإعمار الذي تريد منه روسيا تحسين صورتها وغسل معالم جرائمها وتحقيق تقارب مع أوروبا يقيها تبعات العقوبات الاقتصادية الأمريكية.
إضافةً إلى كل ذلك يرى كثير من المراقبين في الحصار الاقتصادي الذي سيفرض على نظام الأسد بأنه المسمار الأخير في نعشه، وخاصةً أنه يطال حليفته إيران التي دفعت خلال ثمان سنوات ما يزيد عن ثمانين مليار دولار من أجل الحفاظ على “بشار الأسد” ونظامه.

ومع توقع الخبراء والمحللين للشأن السوري، استحالة صمود الاقتصاد السوري المتداعي أصلاً، تقف روسيا الغنية بنفطها وغازها موقف المتفرج على معاناة الشعب، وارتباك النظام دون إبداء أية نية على تقديم أي شكل من أشكال الدعم أو المساعدة.

بل إن وسائل الإعلام الروسية نفسها، قد بدأت تسلط الضوء على تردي الأوضاع الاقتصادية والحالة المعيشية للسوريين موجهة إنتقادات لاذعة لأداء حكومة النظام، في تناغم مع ما أبدته الفئة المؤيدة للأسد من تململ ونفاذ صبر.

حيث تستكمل روسيا إذاً بموقفها الصامت من الحصار الاقتصادي على النظام ما بدأت به منذ تدخلها في سوريا من إضعاف الأسد وتقييد سلطته، ويبدو أن الروس يريدون أن يجمعوا السوريون مؤيدين ومعارضين على هم الجوع وصعوبة العيش بعد أن فرقتهم السياسة.

الأمر الذي سيصبح معه غياب “بشار الأسد” أو تغييبه مطلباً شعبياً لا سياسياً، وإجماع وطني لا طائفي ولا فئوي، بين من كان يقف يوماً إلى جانبه، ومن كان يقف ضده، حيث لم يعد للنظام من سلطته شيئاً، هذا ما أرادته روسيا، تحقيقاً لمصالحها ورغبة منها في طي صفحة حرب سوداء كانت شريكاً فاعلاً فيها، فهل ستطوى صفحة “بشار الأسد” قريباً؟، يتساءل مدون المقال في نهايته.

مدونة هادي العبد الله

الوسوم: