نشر موقع “تلفزيون سوريا” مقالٍ على موقعه الرسمي تحت عنوان “ماذا تريد روسيا من التصعيد العسكري على الشمال السوري؟”، مظهراً الدوافع وراء القصف الروسي المكثف على المناطق المحررة في أرياف إدلب وحماة.
حيث كانت قد ارتفعت وتيرة التصعيد الروسي خلال الايام القليلة الماضية وبعد ساعات فقط من إعلان موسكو عدم التوصل إلى تفاهم حول تشكيل اللجنة الدستورية خلال الجولة الـ 12 من مفاوضات أستانا والتي اختتمت في العاصمة الكازاخية في 26 نيسان الماضي.
اقرأ أيضاً: الأمم المتحدة ترسل تحـذيراً إلى روسيا والأسد بخصوص إدلب
يذكر أن وفد نظام الأسد المدعوم من موسكو وطهران أصر في وقتٍ سابق على أن يتحكم بالأسماء التي ستجري إضافتها للثلث الثالث من اللجنة الدستورية، والذي من المفترض أن تتولى الأمم المتحدة اختيارهم من منظمات المجتمع المدني المستقلة.
كما وترغب روسيا في ممارسة ضغوطات على تركيا الضامنة للمعارضة السورية، وذلك لقبول الأخيرة بدخول الشرطة العسكرية الروسية للمنطقة المنزوعة السلاح الممتدة من شمال غرب حماة حتى جنوب شرق إدلب، وأجزاء من ريف حلب الغربي.
في حين أن أنقرة لا تبدو متحمسة للموافقة، خاصةً وأن روسيا لم تقبل بعد بالطلب التركي المتعلق بتسيير دوريات مشتركة في منطقة تل رفعت ومنغ والقرى المحيطة الخاضعة لسيطرة وحدات حماية الشعب الكردية.
إضافةً إلى ذلك إن موسكو لا تنظر بعين الارتياح إلى التقدم الملحوظ بالمفاوضات الأمريكية – التركية حول مناطق شرق الفرات، والذي ظهرت جليةً من تصريحات الرئاسة التركية ومبعوث الرئيس الأمريكي الخاص إلى سوريا “جيمس جيفري”.
ولذلك جاء التصعيد الروسي الميداني في الشمال السوري، والذي يعتبر فعلياً تحت الوصاية التركية بالتزامن مع جولة جديدة من المفاوضات بين أنقرة وواشنطن والتي جرت في 24 نيسان.
والتي جرى التوصل خلالها إلى تفاهم مبدئي حول المنطقة الآمنة، حيث وافقت واشنطن على الطلب التركي بإبعاد وحدات حماية الشعب الكردية عن الشريط الحدودي الممتد من ريف الحسكة وحتى منبج.
ولكن ما تزال مسألة عمق المنطقة محل خلاف بين الجانبين، بانتظار أن يبت في أمرها خلال جولة المفاوضات الجديدة خلال الشهر الحالي.
وتسعى موسكو إلى وضع المزيد من الضغط على أنقرة كي لا تذهب بعيداً في العلاقة مع واشنطن الطامحة لأن تملأ تركيا فراغها في شرق الفرات، ضمن شروط محددة يجري الاتفاق عليها في الوقت الحالي، حيث تريد روسيا أن تحصل المكاسب مما ستفوز به تركيا من مفاوضاتها مع الجانب الأمريكي.
ولذلك عمدت وسائل إعلام محسوبة على نظام الأسد على بث مقاطع مصورة لأرتال عسكرية قالت إنها قوات ستشارك في العمليات المرتقبة على ريف حماة ومحافظة إدلب للسيطرة عليها خلال الأيام القادمة.
حيث يبدو أن الهجمات الجوية الروسية الأخيرة والتلويح باجتياح عسكري غايته الحصول على تنازلات جديدة من أنقرة سواء من خلال تعديل شروط اتفاق سوتشي، وإدخال شرطة عسكرية روسية للمنطقة منزوعة السلاح.
الأمر الذي سيساهم في المزيد من التأمين العسكري لقاعدة حميميم، وضمان عدم وصول القذائف والصواريخ إليها، بالإضافة إلى رغبة موسكو في عدم تفرد أنقرة بالمواقع التي ستنسحب منها الولايات المتحدة في شرق الفرات.
مما يعني أن التصعيد العسكري مقدمة لجولات تفاوضية جديدة لإعادة صياغة تفاهمات تضمن لموسكو تحقيق المزيد من المصالح، وخاصةً أن القصف هذه المرة وصل لمحيط النقطة التركية في شير مغار بريف حماة.
في رسالةٍ بالغة القوة وتشبه إلى حد كبير ما فعلته روسيا في صيف عام 2016، عندما قصفت قاعدة عسكرية تركية بمدينة الباب، حتى تجبر أنقرة على التفاهم معها حول حدود ونطاق عملياتها العسكرية شمال شرق حلب في ذلك الوقت.