تخطى إلى المحتوى

عناصر إيران في سوريا إلى البطاطا والبيض

لقد بدأت ملامح العـ.قوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية على إيران تظهر جلياً وبشكل واضح ضمن عدة مظاهر، ولعل أبرز هذه المظاهر كانت ضمن ميليشياتها المنتشرة في مناطق عديدة بسوريا.

ولعل ما تواجهه المليشيات الإيرانية في محافظة دير الزور شرقي سوريا هو المثال الأوضح على ذلك، إذ باتت غالبية المليشيات التابعة للحرس الثوري الإيراني تعاني العوز مؤخراً، وقد برز ذلك في أمور عدة، أكدتها مصادر محلية من داخل المحافظة.

أحد عناصر مليشيات “زينبيّون” العاملة في أحياء مدينة دير الزور صرح لأحد المنصات الإعلامية بقوله: “الرواتب المخصصة لأسر وذوي الـ.قتلى والجـ.رحى من اللواء قد تم إيقافها للشهر الثاني على التوالي، دون تقديم تبرير ذلك من قبل المسؤولين”.

وأضاف العنصر ذاته قائلاً: “قام العشرات من آباء وأمهات وزوجات العناصر بالتجمع أمام مقر اللواء في حي العمال بداخل المدينة، للمطالبة برواتبهم، قبل أن يتم طردهم من قبل حراس المقر وتهـ,ديدهم في حال تكرار هذه العملية، ما دفع ببعض الجرحى من العناصر لبيع ممتلكاتهم لاستكمال نفقات علاجهم”.

ميليشيات إيرانية في دير الزور

ولفت العنصر إلى أنّ قطع رواتب ذوي العناصر المحليين طال أيضاً عناصر “لواء الباقر” و”حيدريون” في مدينة البوكمال شرقي دير الزور، ولم يتوقف الموضوع عند توقيف الرواتب لأسر وعائلات العناصر المفقودين بل وصل إلى تخفيضها بشكل مفاجئ لعناصر المليشيات أيضاً والتأخير في تسليمها لهم، الأمر الذي ولد ردود فعل شديدة من قبل بعضهم، تمثلت بالاحتجاج الذي تسبب باعتقالهم لاحقاً، كما امتنع بعضهم عن تنفيذ المهمات الموكلة إليه.

إقرأ أيضاً : ميليشيات النمر تنقلب على القاطرجي في دير الزور

وقال عنصر آخر متطوع في ميليشيا “حزب الله” اللبنانية في مدينة دير الزور: “قيادة الحزب اعتقلت 9 عناصر من أبناء المنطقة المتطوعين في صفوفه مطلع الشهر الفائت، لاحتجاجهم على تخفيض رواتبهم من 50 ألف ليرة سورية إلى 35 ألف ليرة، والتأخير في تسليمها أيضاً، إذ اجتمع قيادي في اللواء يدعى (حسن حلال) مع بقية العناصر الآخرين، ليبلغهم أنّ تسليم الرواتب سيتأخر إلى أجل غير معروف، مبرراً بأنّهم يقاتلون (دفاعاً عن الدين والعقيدة) لا من أجل الرواتب والمال وفق زعمه”.

وبعد أن كانت وجباتهم اليومية لا تخلو من اللحوم والمناسف، أصبحت مخصصات عناصر المليشيات الإيرانية اليوم مشابهة لمخصصات عناصر جيش النظام، ألا وهي بضع حبات بطاطا وبيضة مسلوقة ورغيف ونصف الرغيف من الخبز وعدد من حبات الزيتون.

مدخل مدينة دير الزور المحتلة

كل هذه الأسباب السابقة دفعت بمليشيات إيران إلى فتح باب “التعفيش” مجدداً وبطرق جديدة، حيث عمدت مليشيا الحرس الثوري مؤخراً إلى تجنيد الأطفال دون سن 15 عاماً للقيام بعمليات سرقة ضمن المناطق الخاضعة لهم سواء في الميادين أو البوكمال، معتبرة أن عمليات السرقة أو التعفيش هي مصدر دخل ثان بعد أن أصبح هناك تسهيلات كبيرة بهذا الشأن.

كما أن بعض المنتسبين القدامى لمليشيات إيران من أبناء المدينة والبلدات المجاورة، قد فروا منها مؤخراً باتجاه مناطق سيطرة ميليشيا “قسد” شمال شرق نهر الفرات، بعد التخفيض الكبير في رواتبهم وسحب العديد من الميزات التي كانت تمنح لهم واستخدامها ضدهم، كالملاحقة والاعتقال من أحد الأفرع الأمنية التابعة لنظام الأسد.

المال … هو السبب

وقد كان ولايزال الدافع الأول والأهم للانتساب إلى الميليشيات الإيرانية والجماعات المحلية التي تقاتل تحت ظلها هو المال، ومع جفاف مصادر التمويل فإن نفوذ الحرس الثوري الإيراني يتجه إلى التراجع في المنطقة.

تخفيض الرواتب بات الحديث الشاغل الذي يتفوق على أي غطاء ديني أو طائفي تسعى إيران للبحث عنه للحفاظ على قوتها في المنطقة، وتعاظم القوة الروسية في المحافظة الشرقية وميل الشارع الموالي إلى موسكو على حساب طهران، ينذر باقتراب نهاية التواجد الإيراني في دير الزور، وخصوصاً بعد وقوع عدة صدامات عسكرية حقيقية بين قوات النظام وميليشيات إيران في البوكمال وما حولها.

هذا ومن اللافت للنظر أيضاً كان عدم مشاركة أي من الميليشيات الإيرانية في معارك ريف حماة وحملة التصعيد على محافظة إدلب السورية، وهذا ما تم تفسيره أيضاً بالعجز المالي الشديد المحيق بإيران وحرسها الثوري وميليشياتها، والاتجاه العام لبتر نفوذها وأذيالها من المنطقة إلى غير ما رجعة.

مدونة هادي العبد الله