تخطى إلى المحتوى

المنطقة الآمنة في سوريا بين الخطط التركية والمواقف الدولية

بالرغم من اكتمال الخطة الخاصة بالمنطقة الآمنة في سوريا لدى تركيا، وإصرارها على المضي قدماً في مشروع تلك المنطقة وإنشاءها، وقيامها بعملية عسكرية كبيرة في هذا الصدد، إلا أن الخطط التركية بدأت بالاصـ.طدام ببعض الآراء والتوجهات لدى المجتمع الدولي بمختلف أطيافه، وذلك بعد أن اقترب تنفيذ تلك المنطقة أكثر من أي وقت مضى.

فبالنسبة للأمم المتحدة أولاً، لا تزال بصدد “دراسة” مشروع المنطقة الآمنة، وكأنها تسمع به للمرة الأولى منذ بدء الثورة السورية! وكأن الأمر لم يحتج لثماني سنوات ولمليون ضحية، وعشرة ملايين مهجّر ونازح من السوريين، لكي تفكر الأمم المتحدة جدياً بتلك المنطقة من قبل!

حيث قالت الأمم المتحدة بأن أمينها العام “أنطونيو غوتيريش” قد أكد للرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” بأن الأمم المتحدة ستشكل فريقا لدراسة مقترح تركيا حول إنشاء منطقة آمنة بسوريا، حيث أجرى أردوغان وغوتيريش يوم أمس محادثات “مغلقة” في العاصمة التركية أنقرة استمرت نحو ساعة.

إقرأ ايضاً : تصريحات للرئيس التركي حول المنطقة الآمنة ومستقبل شرق الفرات

وقال نائب المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة “فرحان حق” في مؤتمر صحفي عقده مساء أمس الجمعة، بأن أردوغان قد أطلع غوتيريش خلال لقائهما على “الخطة الخاصة بإنشاء منطقة آمنة جديدة لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم”.

وأضاف حق بأن غوتيريش قد أبلغ أردوغان بأن “مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين ستشكل فوراً فريقاً خاصاً لدراسة هذا المقترح”، كما شدد الأمين العام خلال لقائه أردوغان على ضرورة الالتزام بـ “المبدأ الأساسي لضمان عودة اللاجئين بشكل آمن وطوعي” على حد قوله.

من جهة أخرى، لاتزال دول الاتحاد الأوربي – وفي مقدمتها ألمانيا – معارضة لشكل المنطقة الآمنة وفقاً للرؤية التركية، وتطالب بإنشاء منطقة آمنة تكون فيها الإدارة للمجتمع الدولي وللأمم المتحدة، وليس لتركيا فقط.

رؤية ألمانية مختلفة

حيث قالت وزيرة الدفاع الألمانية “أنيغريت كرامب كارينباوير” بأنها قد دعت إلى إقامة منطقة آمنة دولية في شمال شرق سوريا وذلك بمشاركة كل من روسيا وتركيا وتحت رقابة دولية، وقالت بأنها قد نسّقت هذه المبادرة مع المستشارة الألمانية “أنجيلا ميركل”، وقد قدمتها خلال اجتماع حلف الناتو على مستوى وزراء الدفاع في بروكسل في الـ24 والـ25 من شهر تشرين الأول أكتوبر الماضي.

وكان كل من خبير الشؤون الخارجية بالحزب المسيحي الديمقراطي الحاكم في ألمانيا “روديريش كيزه فيتر” ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الألماني “نوربرت روتغن” قد دعيا إلى نفس الطرح، معتبرين أن على الاتحاد الأوروبي عرض هذا المشروع على تركيا بالتنسيق مع روسيا تحت تفويض دولي من الأمم المتحدة بهدف إقامة المنطقة الآمنة.

وأكد المسؤولان الألمانيان بأنه يجب الاستعداد لإرسال ما بين 30 ألفاً إلى 40 ألف جندي أوروبي ومن بينهم جنود من الجيش الألماني، بالإضافة إلى إرسال أطقم طبية وعمال إغاثة وخبراء في إعادة الإعمار إلى تلك المنطقة.

اتفاقات مكوكية

وكانت كل الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا قد اتفقتا على إقامة المنطقة الآمنة في شمال شرق سوريا منذ مطلع آب أغسطس الماضي، غير أن تركيا أطلقت عملية “نبع السلام” بشكل منفرد فيما بعد لفرض المنطقة الآمنة وطرد ميليشيات “قسد” منها، وذلك بعد مماطلة طويلة من الولايات المتحدة في هذا الصدد.

وسرعان ما تم توقيع اتفاقية مشتركة لاحقة بين تركيا والولايات المتحدة لإيقاف العملية وانسحاب الميليشيات والاتفاق على البدء بإنشاء المنطقة الآمنة، وبالرغم من أن انسحاب قوات التحالف الدولي من شمال شرق سوريا قد أدى لدخول قوات الاحتلال الروسي وقوات نظام الأسد بدلاً منها إلى هناك، إلا أن اتفاقية أخرى لاحقة اعقبتها بين تركيا وروسيا حول هذا الأمر.

فبعد اجتماع طال لمدة ست ساعات في منتجع “سوتشي” الروسي بين الرئيسين التركي والروسي في الـ 22 من الشهر الماضي، تمكنت تركيا من الوصول لتفاهم مع الجانب الروسي أيضاً حول المنطقة الآمنة المقبلة، وإن كانت خططها بخصوص شريط ممتد من جرابلس غرباً إلى الحدود العراقية شرقاً قد تهاوت إلى حد ما بفعل التدخل الروسي.

بينما تبقى المنطقة المتصلة من مدينة رأس العين إلى مدينة تل أبيض – وهي المنقطة التي سيطرت عليها عملية “نبع السلام” التركية – هي الساحة الوحيدة التي ستتمكن تركيا من تنفيذ مشروع المنطقة الآمنة ضمنها، ووفقاً لرؤيتها وإدارتها.

مدونة هادي العبد الله